معاريف”إسرائيل تخوض في عرض البحر “معركة بين الحروب” واسعة وعميقة ضد إيران.
مرصد العدو – معاريف
طال ليف رام | محلل عسكري ” إسرائيلي ”
يمكن القول إن قيام صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بنشر نبأ بأن إسرائيل أقدمت منذ سنة 2019 على مهاجمة 12 سفينة نفط إيرانية كانت في طريقها إلى سورية، سلط الضوء الأسبوع الفائت على “المعركة بين الحروب” التي تخوضها إسرائيل ضد إيران من خلال سلاح البحر. ويدور الحديث حول تسليط الضوء بصورة جزئية، فمما لا شك فيه أن المعركة التي تخوضها إسرائيل [ضد إيران] في عرض البحر واسعة وعميقة ومنظمة أكثر بكثير مما نُشر ومما يمكن أن يستشفه القارئ من هذا التحليل. ويمكن التقدير أن سلاح البحر قام في السنوات الأخيرة بعشرات العمليات الموجهة ضد إيران في عرض البحر.
حتى الآن عندما جرى الحديث من طرف وسائل إعلام أجنبية عن نشاطات إسرائيل ضد التموضع العسكري الإيراني أو الميليشيات الموالية لطهران في الأراضي السورية، كان يتم نسبها إلى سلاح الجو بشكل يكاد يكون حصرياً إلى جانب عمليات سرية لا يتم نشر معلومات عنها. وعندما يتسع الحديث ليشمل جبهات أُخرى، مثل قطاع غزة، تؤكد تقديرات المؤسسة الأمنية أن 80% من النشاطات التي جرت في هذه الجبهة فيما يتعلق بالمعركة بين الحروب نفّذها سلاح البحر.
إن ما يمكن تقديره أن المعركة بين الحروب الدائرة في عرض البحر، والمرتبطة بالجبهة الشمالية [مع سورية ولبنان]، لها هدفان مركزيان: الأول، منع وصول وسائل قتالية متطورة، مثل مركبات مهمة مرتبطة بمشروع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله وصواريخ أرض- بحر من شأنها أن تهدد حرية عمل سلاح البحر. والهدف الثاني هو شن حرب اقتصادية ضد النفط الإيراني الذي يُنقل إلى سورية وفي مقابله يتم نقل أموال إلى حزب الله لتمويل نشاطاته، وذلك بعد أن جرى فرض تقييدات مصرفية قاسية على إيران في السنوات الأخيرة.
وهنا لا بد من القول إنه في إثر استئناف فرض العقوبات على إيران سنة 2018، لاحظوا في إسرائيل أن الإيرانيين يواصلون تمويل المنظمات الإرهابية التابعة لهم بواسطة النفط، وعلى رأسها حزب الله في لبنان، والذي يحظى بتمويل إيراني سنوي يقدَّر بأكثر من 900 مليون دولار. وثمة مَن يقدّر أن العمليات التي قامت بها جهة مجهولة ضد ناقلات النفط الإيرانية التي كانت في طريقها إلى سورية تسببت بحرمان حزب الله من مبلغ يصل إلى نحو مليار دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ووفقاً لوسائل إعلام أجنبية، شهدت سنة 2019 تصعيداً في أساليب العمل ضد ناقلات النفط الإيرانية المنسوبة إلى إسرائيل، وانتقلت هذه الأساليب من مجرد إلحاق أضرار تقنية شديدة بالسفن إلى تنفيذ عمليات من خلال استخدام مواد متفجرة. كما تؤكد وسائل الإعلام الأجنبية نفسها أنه لم تتم السيطرة على السفن، كذلك لم يتم إغراقها أو انبعاث تلوث منها، ولم تسفر العمليات عن وقوع قتلى أو جرحى. وكل ذلك جرى بتخطيط مسبق.
لكن على الرغم من هذا التخطيط الدقيق والحذر الكبير من الواضح أن الجانب الآخر يعرف مَن يقف وراء هذه العمليات، ولذا يؤخذ في الحسبان دائماً احتمال إقدام إيران على ردة فعل.
حتى الآن بالإمكان القول إن الجانب الاقتصادي للمعركة البحرية بين الحروب تجني مكاسب. ففي السنة الفائتة خففت إيران من وتيرة إرسال السفن إلى سورية، إذ لم تصل حاملة نفط إيرانية إلى شواطئ سورية على مدار نحو نصف سنة. ومؤخراً استأنف الإيرانيون جهودهم في هذا المجال، وهو ما يفسر التوتر الأخير.
وعلى الرغم من الإنجازات التي حققتها إسرائيل في هذا المجال، إلاّ إن الجهات المعنية تعرف أنه في حال عودة إيران والولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات ورفع العقوبات المفروضة على طهران، فإن حيز النشاط الذي تقوم به إسرائيل في هذا الشأن سيتقلص بصورة كبيرة.