مصادر خاصّة لـ”رأي اليوم” تكشف بعض مضامين تحقيقات انفجار مرفأ بيروت
حساب مصرفي مقرّه عاصمة خليجية وفرعه الرئيس في سويسرا موّل السفينة وشخصيات محسوبة على المستقبل أدخلت النترات دون علم من الحريري ونتائج تحقيقات المرفأ لن تُنشر باعتبارها ضمن الصندوق الأسود للحرب في سورية
ما زال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في الرابع من اب (أغسطس) 2020 طي الكتمان، وحرصت السلطات اللبنانية القضائية على عدم نشر أي شيء عن هذا التحقيق الذي من المفترض انه يجيب بشكل مفصل على أسئلة شغلت بال الراي العام اللبناني منذ اليوم الأول لاهتزاز العاصمة ودمار قسم منها وسقوط ضحايا وجرحى.
وأهم تلك الأسئلة يتمحور حول من جاء باطنان نترات الامونيوم الى مرفأ بيروت؟ ولمن السفينة؟ ولصالح أي جهة هذه المواد التي تسبب تخزينها بكارثة المرفأ؟
من اللافت أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله طالب في ثلاث خطابات منذ تاريخ الانفجار الى اليوم، المحقق العدلي بنشر نتائج التحقيق التقني للرأي العام اللبناني، وتوجه للقاضي بالقول” اذا لم ترغب بنشر التحقيق للرأي العام فعلى الأقل اجمع أهالي ضحايا المرفأ واخبرهم كيف استشهد ابناؤهم”، ولعل الأمين العام لحزب الله لديه شكوك ان نتائج التحقيق التقني حول مسار السفينة والجهة صاحبة النترات سيفضي الى ادانة شخصيات وجهات إقليمية لا قبل للسلطات اللبنانية بالتصريح عنها،
لكن تلك المطالبات من السيد نصر الله لم تلق صدى، وبقيت نتائج التحقيق طي الكتمان، واتجه لقاضي التحقيق الحالي “طارق البيطار” كما سلفه القاضي السابق “فادي صوان” الى متابعة الشق المتعلق بالإهمال الوظيفي في حادثة انفجار المرفأ، دون الخوض بما يسبق ذلك من مسار جلب السفينة ولصالح أي جهة جاءت المواد، واستوجب الشق الأول أي الإهمال الوظيفي، طلب الاستماع والتحقيق لعدد من الوزراء النواب، وقادة عسكريين ومدراء عامين، وهو ما أحدث انقساما في لبنان لجهة اتهام القاضي بالاستنسابية في الاستدعاء والتسيس، على اعتبار ان القاضي اختار وزراء دون اخرين، تعاقبوا على المنصب في المدة ما بين وصول السفينة وانفجار حمولتها، كما اختار رئيس الحكومة السابق “حسان دياب” دون استدعاء رؤساء حكومات سابقين تعاقبوا على المنصب خلال وجود النترات داخل المرفأ، تلك أسئلة وملاحظات ابدتها أحزاب سياسية وشخصيات قانونية لم يجب عليها القاضي بيطار حتى اللحظة.
مصادر خاصة قالت لـ”رأي اليوم” إن التحقيق لديه إجابات عن هذه الأسئلة الصعبة لجهة من جلب السفينة الى لبنان ولصالح من؟ تتحدث المصادر عن جزء من التحقيقات بعناوين عريضة دون الخوض بالتفاصيل، وتفيد المصادر ان السفينة دفع ثمنها من خلال حساب بنكي من بنك مقره عاصمة خليجية وله فرع رئيسي في سويسرا، وان الشحنة ادخلتها شخصيات تحسب في لبنان على “تيار المستقبل” دون علم رئيس التيار سعد الحريري، وترجح المصادر أن النترات خزنت في المرفأ، وبدأ نقلها الى داخل الأراضي السورية لصالح مجموعات مسلحة معارضة كانت تتمركز على الحدود السورية اللبنانية، وتتوقع المصادر ان نقل هذه المواد توقف بعد العملية العسكرية التي قام بها الجيش اللبناني والمقاومة من جهة، والجيش السوري من الجهة المقابلة في الجرود وادت الى طرد تلك الجماعات من المنطقة، حينها بقيت كمية من المواد في العنبر رقم 12 في المرفأ، مهملة لا حاجة لها، وقد أدى بالفعل حريق مجاور نتيجة اعمال التلحيم الى انفجار الكمية المتبقية، نتيجة اهمال وعدم التصرف وابعاد هذه الكمية المتبقية عن المرفأ. ووفق ذلك انطلقت المحاسبة زمنيا من نقطة التخزين وإبقاء المواد وليس ما قبل ذلك، وحسب اتجاه التحقيق فان فرضية الحادث “التلحيم” هو الأقرب للسبب الرئيس لحدوث الانفجار، وكانت نقابة المحامين في لبنان باسم أهالي ضحايا المرفأ قد تقدمت بدعوى مدنية في بريطانيا للمطالبة بتعويضات لصالح أهالي الضحايا ضد شركة “سفارو” المستوردة لشحنة النترات.
ويبدو من باب التحليل أن السفينة وأصحابها وطريقة نقل المواد، أدرجت دوليا ضمن نطاق “الصندق الأسود” للحرب في سورية والذي يمنع بتفاهم دولي واقليمي صارم، عدم افشاء او نشر أيا من حقائق تلك الحرب، والجهات المتورطة فيها، وكيفية نقل الأسلحة والإرهابيين وتمويلهم لما لذلك من فضائح وادانات تطال دول وشخصيات متورطة في مثل تلك الاعمال غير القانونية والمخالفة للقانون الدولي وحتى قوانين تلك الدول.
ووفق معلومات صحيفة “رأي اليوم” فإن تطمينات كثيرة وصلت “لحزب الله” خلال الأيام الماضية، تفيد أن الحزب لن يكون مستهدفا في نهاية المطاف من خلال تحقيقات انفجار المرفأ، وأنه لا يوجد دليل واحد ضد الحزب في تحقيقات المرفأ حتى يتم تحويل القضية باتجاهه او تسيسيها، وان اطار المحاسبة سوف يقتصر على المسؤولين المباشرين بتهمة الإهمال والتقصير، وتفيد المعلومات أن القاضي كان يتجه لإغلاق الملف وإصدار القرار الظني، لكن جهة الادعاء أصرّت على الاستماع الى كل من رئيس الجمهورية السابق ميشيل سليمان، ورئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، قبل إصدار القرار الظني.
ومن المرجح أن يصل التحقيق بانفجار المرفأ إلى نهايات واضحة للرأي العام، ومحاسبة قانونية خلافا لملفات أخرى بقيت معلقة دون خواتيم.