حسان الحسن | كاتب وباحث لبناني
المنطقة بأسرها آيلة نحو مشهدٍ جديدٍ، سترسمه موازين القوى القائمة على أرض الواقع، غداة أكثر من عشرة أعوامٍ من الحرب في هذه المنطقة. ولاريب أن لبنان لن يكون في منأىٍ عما يحدث حوله، بالتالي فإن البلد ذاهب نحو تغييرٍ في آلية الحكم أو النظام السياسي فيه، لا محال، خصوصاً بعد ثبوت فشل إتفاق الطائف في إدارة حكم البلاد. وستبدأ بشائر هذا التغيير بالظهور، غداة التوافق بين القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في المنطقة، والمؤثرة في مجريات الأحداث فيها، على تقاسم النفوذ . بالتالي فهي باتت مقبلة على مرحلةٍ سياسيةٍ جديدةٍ. وهذا الأمر، دفع ببعض القيادات الإسلامية السنية اللبنانية الى الإلتئام، ومحاولة ترتيب “البيت الداخلي السني”، كي يكون مؤهلاً لمواكبة أي تغييرٍ مرتقبٍ في المنطقة والنظام السياسي في لبنان، وذلك حرصاً على تثبيت موقع الطائفة السنية ككل، ضمن أي “توليفةٍ سياسيةٍ” جديدةٍ، تشمل المنطقة ولبنان، بحسب تأكيد مرجع إسلامي مواكب لحركة المشاورات المستجدة والمستمرة ضمن “البيت السني”.
وفي هذا الصدد يكشف المرجع أن اللقاءات الأخيرة التي عقدها الرئيس سعد الحريري مع عدد من الشخصيات السنية، أبرزها كان مع النائبين جهاد الصمد وعدنان الطرابلسي، جاءت للغاية أعلاها، أي “ترتيب البيت الداخلي السني”، وسط المتغيرات التي تحدث في المنطقة. وقد تم اللقاء الأخير، بعد إتصالٍ من الحريري بالصمد والطرابلسي، بناء على نصيحة تلقاها الأول من الرئيس نبيه بري، إثر إقتناعه شبه الراسخ، بإن الرئيس المكلّف لن يشكل حكومة جديدة، ومن مصلحته تعزيز موقعه ضمن شارعه السني، قبل إعتذاره عن تكليفه بتشكيل الحكومة المنتظرة، خصوصاً وسط غياب الدعم الدولي الجدي لتأليف حكومة عتيدة برئاسة الحريري، كذلك بعد تراجعه مالياً، وشعبياً. إضف الى ذلك، بروز حركات الإنشقاقات في شارعه، علّه ينجح في “لم الشمل السني”، ومحاولة تعزيز حضوره في الطائفة، من خلال الإنفتاح على خصومه السياسيين، وذلك للتمكّن من مواكبة المتغيرات في المنطقة، ولبنان. ودائماً بحسب رأي المرجع عينه. ويؤكد أن إعتذار الحريري، بات مسألة وقتٍ، لا أكثر. وتم تأجيل هذا الإعتذار المتوقع قريباً، بضغوطٍ من رئيس المجلس النيابي، علّه ينجح في تحقيق إختراق حكوميٍ، قبل نعيه لمبادرته الحكومية.. “فالمسالة باتت مسالة وجود، لا تأليف حكومة”، يختم المرجع.
وفي شأن تأليف الحكومة، يعتبر وزير ونائب سابق وسياسي مخضرم، أن حل الأزمة اللبنانية ككل، وضمنها أزمة تأليف الحكومة، لن يبصر النور، قبل التوافق الإيراني – السعودي، على حلٍ لوقف الحرب على اليمن، وبعد نيل الموافقة الأميركية على ذلك. وهذا الأمر يتطلب إتخاذ خطوةٍ سعوديةٍ الى الأمام، تبدأ برفع الحصار عن الموانىء البحرية والجوية في اليمن، لتخفيف وطأة الحصار عن الشعب اليمني، خصوصاً أن إيران تدخلت لدى أنصار الله، لوقف الهجوم على مآرب، كبادرة حسن نيه، على طريق الحل المنشود.
ويرى ألا مصلحة سعودية في حل أزمة تشكيل الحكومة راهناً، قبل تأمين الرياض لمصالحها في مجال أمنها القومي في اليمن، بالتالي من المنطقي، أنه ليس في الأفق ما يدفع الرياض الى رفع “الفيتو” عن الحريري وسواه لتأليف الحكومة في المدى المنظور، يختم السياسي المخضرم.
وتعقيباً على ما ورد أخيراً، يكشف مرجع مسؤول في محور المقاومة، أن الأميركيين لايزالون يرفضون أن تكون الأزمة اللبنانية ضمن سلة التفاهم على القضايا العالقة في المنطقة في مفاوضاتهم مع الإيرانيين. والأخطر من ذلك بكثير، هو ما يجري التحضير له في الغرف السوداء، من خلال إستكمال “مشروع حصار المقاومة”، الذي بدأ بتركيب كاميرات مراقبة تابعة للسفارتين البريطانية والأميركية، على أن يتم ايضاً إستحداث نقاط مراقبة تابعة للسفارة الألمانية في بيروت على طول الحدود اللبنانية – السورية. ومن المقرر أيضاً، أن يتبع ذلك خطوةً بالغة الخطورة تفضي الى نشر قوات مصرية – تركية على الحدود المشتركة المذكورة، في محاولةٍ لقطع الإمداد اللوجستي عن المقاومة في لبنان. غير أن الحريري رفض طرح إنتشار قوات تركية، وحصر موافقته على إنتشار قوات مصرية، ودائماً بحسب معلومات المرجع.
ويحذر من مشروع فوضى أمنية كبيرة في لبنان، قد يبدأ بالتبلور بقوةٍ، إثر إعتذار الحريري عن تكليفه بتشكيل الحكومة، الذي قد يتبعه إرتفاع في سعر صرف الدولار الأميركي، وإختفاء متعمدٍ للسلع الاستهلاكية الأساسية من الأسواق اللبنانية، لتأليب الشارع على المقاومة وحلفائها، وتحميلهم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، تمهيداً لتنفيذ قرار إنتشار قوات دولية على الحدود مع سورية، لخنق المقاومة في لبنان، بغض النظر كيف ستكون فرص إمكان نجاح هذا المخطط من فشله، يختم المرجع.
وبناء على ما ورد آنفاً، يرى مرجع مطلع على خطوط الإتصالات السياسية في المنطقة، أن المشهد السياسي في لبنان، ليس قاتماً بالكامل، كاشفاً عن إنعقاد لقاء سعودي – سوري، في دمشق في الأيام القليلة الفائتة، ومرجحاً ألا يكون الملف اللبناني غائباً عن طاولة البحث بين الجانبين، لما لملفات المنطقة من تداخل في ما بينها. ويعوّل المرجع على تفاهم سوري – سعودي، لوقف الإنهيار في لبنان، بالتفاهم بين دمشق وحزب الله ومحور المقاومة ككل، ومن المعلوم أن دمشق لن تخطو اي خطوة في الملف اللبناني، من دون التوافق مع الحزب، وعندها يأخذ الحل المرتجى طابعاً عربياً صرفاً، ولكن يبقى ذلك رهن بموافقة الأميركيين، يختم المرجع.