مسؤول سابق في الـ”CIA”: “أنصار الله” انتصرت وعلى السعودية التراجع
أعاد المسؤول السابق في جهاز الـ”سي ي ايه” بول بيلر التذكير بأصول التدخل السعودي العسكري في اليمن، معتبرًا أنّ دوافع هذا التدخل الأساسية هي عرقلة إقامة أي نظام يمني يتبنّى سياسة مستقلة وغير متحالف مع الرياض، وذلك في مقالة نشرها موقع “ناشيونال انترست” الأميركي.
وفيما اعتبر بيلر أنّ “جذور الحرب في اليمن هي محلية ولا علاقة لها بالمحاور والمواجهات الإقليمية”، رأى في الوقت نفسه أنّ “التدخل السعودي في اليمن هو الذي حوّل “الحرب الأهلية” إلى مسرح للتدخل الخارجي في البلاد”.
وأشار بيلر إلى أنّها “ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها السعوديون في اليمن”، مذكّرًا بـ”دعم الرياض للنظام الملكي اليمني خلال حقبة الستينيات”، وشدّد على أنّ “أحد دوافع التدخلات السعودية في اليمن هو رفض الرياض لوجود أي نظام يمني يتبنّى سياسة مستقلة وغير متحالف معها”.
الكاتب تابع أنّ “الحرب الجوية التي تشنها السعودية على اليمن تشكل الخطوة التصعيدية الأكبر في هذا النزاع، وهي المسبّب الأكبر للضحايا والتدمير الذي شهدته البلاد”، لافتًا إلى أنّ “السعوديين ذهبوا إلى حد إعلان محافظة يمنية بأكملها هدفًا عسكريًا لهم، ما يشكّل انتهاكًا لقوانين الحرب على صعيد استهداف السكان المدنيين وفقًا لمنظمة “هيومن رايتس ووتش””.
وأضاف الكاتب أنّ” الضربات الانتقامية هي الرد الطبيعي على الهجمات التي تشنها السعودية وحلفاؤها على المناطق اليمنية، وقال :”إنّ حركة “أنصار الله” حاولت استخدام ما تمتلكه من قدرات، بحيث استخدمت الصواريخ والطائرات المسيرة ضد السعودية والإمارات”، ولفت إلى أنّ “أبو ظبي لا تزال تتدخل في اليمن على الرغم من إعلانها السابق عن سحب غالبية قواتها”.
وتابع الكاتب أنّ “الضحايا والأضرار الناتجة عن ضربات “أنصار الله” هي أقل بكثير من حجم القتل والتدمير الناتج عما يقوم به الطرف المقابل”، مشيرًا إلى أنّ “التغطية الإعلامية والنقاشات السياسية عادة ما تركز على الهجمات التي تشنها “أنصار الله” وليس على الدمار الهائل الذي يتسبّب به الطرف الآخر”، وأضاف أنّ “أحد أسباب ذلك هو اعتبار عناصر الحركة “أشرارًا” في مواجهة “الأخيار” بسبب “الهوس” حيال إيران”.
وقال :”إنّ وجهة النظر هذه تعتبر أن ما تقوم به “أنصار الله” يعكس في العموم سياسة إيران”، مضيفًا أن “هكذا موقف يتجاهل طبيعة الحرب في اليمن والإنجازات التي حققتها الحركة بمفردها على مدار أعوام، إذ يتم تجاهل استخدام “أنصار الله” للطائرات المسيرة ضد السعوديين والإماراتيين ردًا على الهجمات التي تشنها الأطراف المذكورة”.
وحول إعادة إدراج “أنصار الله” على لائحة “المنظمات الإرهابية” التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، اعتبر الكاتب أنّ “ذلك لن يحقق شيئًا في اليمن سوى وضع العراقيل أمام إدخال المساعدات إلى المناطق اليمنية المحتاجة”، مضيفًا أنّ” الحركة منشغلة في الصراع حول النظام السياسي في اليمن وليس لديها مصلحة بالانخراط بالإرهاب الدولي، إلا إذا كان للموضوع علاقة بالتدخلات الخارجية في اليمن”، وقال: “إذا كانت الهجمات الانتقامية ستصنف الحركة على أنها إرهابية، فعلى الولايات المتحدة أن تلفت إلى أن ذلك قد ينطبق على عمليات عسكرية سبق هي نفسها أن قامت بها”.
وشدّد بيلر على “ضرورة الضغط على السعودية كونها تقف وراء الجزء الأكبر من العنف الذي يشهده البلد”، داعيًا إلى “الاستفادة من المساعدات العسكرية الأميركية للسعودية كورقة ضغط من أجل دفع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تغيير حساباته”.
ريدل: “أنصار الله” انتصرت وعلى السعودية التراجع
وفي سياق متصل، رأى المسؤول السابق في الـ”سي اي ايه” وفي مجلس الأمن القومي الأميركي بروس ريدل أنّ” “أنصار الله” انتصرت في الحرب في اليمن، حيث هزمت السعودية وداعمتها الولايات المتحدة”، مؤكدًا أنّ “ذلك يعد انجازًا كبيرًا جداً لجماعة مسلحة تفتقد إلى القوات الجوية والبحرية”.
وشبّه ريدل في مقالة نشرها موقع “بركينغز” “ما حققته “أنصار الله” عسكريًا بتجربة حزب الله في لبنان، إذ تحوّل الحزب منذ فترة إلى قدوة للجماعة اليمنية”، لافتًا إلى أنّ الحركة “تفوقت بسهولة على السعوديين خلال المراحل الأولى من التدخل السعودي في اليمن عام 2015 واقتربت كثيرًا من السيطرة على مدينة مأرب الشمالية”.
ووصف الكاتب معركة مأرب بـ”المرحلة الحاسمة المقبلة من الحرب”، مضيفًا أنّ “”أنصار الله” حقّقت مكاسب ميدانية حقيقية مؤخرًا في محيط مدينة الحديدة، فيما لا تبدو في عجلة من أمرها للسيطرة على مأرب”.
وأشار ريدل إلى أنّ “إدارة بايدن وبينما تبنّت خطابًا يضع أولوية على تحقيق السلام في اليمن، إلا أنها لم تقم بالكثير على صعيد وقف القتال وواصلت اتباع سياسات إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب بدعم وتسليح السعوديين”، وقال :”إنّ “أنصار الله” ليست في عجلة لإنهاء حرب انتصرت فيها”.
وتحدث الكاتب عن “انقسامات حادة داخل المجتمع اليمني”، مشككًا بإمكانية عودة اليمن إلى بلد موحد، وقال: “ربما يجدر بالمجتمع الدولي أن يركز على تشجيع السلام بين المناطق اليمنية المختلفة وليس على توحيد البلاد”.
الكاتب لفت إلى “حاجة اليمن إلى قرار جديد صادر عن مجلس الأمن بدلًا من القرار الحالي المنحاز عمدًا للمصالح السعودية”، وقال :”إنّ أي قرار جديد يجب أن يطالب بوقف فوري وشامل لكافة أشكال التدخل الخارجي في اليمن، أي رفع الحصار الذي تفرضه السعودية ووقف غارتها الجوية، بالإضافة إلى وقف كامل للدعم العسكري لحكومة الرئيس اليمني الفار عبد ربه منصور هادي”.
وتابع أنّ “ذلك يعني أيضًا وقف دعم إيران وحلفائها لـ”أنصار الله” والذي يشمل وقف مشاركة الخبرة التقنية للطائرات المسيرة والصواريخ، بالإضافة إلى السماح لتسيير الرحلات الجوية بين صنعاء وطهران وتنفيذ مشاريع تنموية إيرانية، بما في ذلك ما يتعلّق بميناء الحديدة”.
ودعا ريدل إلى “وقف كافة مبيعات السلاح وتجميد جميع العقود المبرمة مع السعودية إذا ما استمرت الأخيرة بعملياتها العسكرية في اليمن”، مشددًا على “ضرورة سحب جميع العناصر العسكريين والمقاولين الأميركيين من السعودية تمامًا كما حصل في أفغانستان”.
وختم الكاتب قائلًا إنّ “تأثير هذه الخطوات على الجيش السعودي سيكون “فوري ومدمر” وإن القوات السعودية -في حال أقدمت واشنطن على الخطوات المذكورة- لن تستطيع استخدام طائراتها العسكرية فيما سيكون الحرس الوطني السعودي في حالة شلل”.