حسان الحسن | كاتب واعلامي لبناني
بعد مرور شهرٍ ونصف تقريباً على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي دستورياً بتأليف الحكومة اللبنانية، وبعد مخاضٍ عسيرٍ ولدت حكومة ميقاتي الثالثة، بعدما تخطت عملية الولادة كل العراقيل التي كانت تحول دون ولادتها خلال الأسابيع الفائتة. ولاريب أن التلطي وراء تمسك فريق رئيس الحكومة بعدم إعطاء أي مكوّن من المكونات المشاركة في الحكومة الثلث الضامن من أعضائها، كذلك تمسك بعض هذه المكونات بحقائب وزارية محددة، ما كانت إلا ذرائع واهية، لإطالة أمد التكليف، في إنتظار بروز “الضوء الأخضر الأميركي” لتمرير ولادة الحكومة الميقاتية الثالثة، وكل ما عدا 5، كان مجرد “شكليات” لا أكثر، بحسب رأي مرجعٍ سياسيٍ متابعٍ لمسار تأليف الحكومة وعلى تواصلٍ مع رئيسها.
ويلفت الى أن الأجواء السياسية في المنطقة ككل، خصوصاً توجه الإدارة الأميركية الجديدة، إنعكس إيجاباً على الأوضاع الداخلية اللبنانية، وبدأ ذلك بالظهور جلياً، وعملانياً، إثر إعلان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا في الأسابيع الفائتة عدم ممانعة بلادها، بإعادة تفعيل خط الغاز المصري الذي يمر في الأردن وسورية ثم لبنان، ليغذي محطات توليد الطاقة الكهربائية فيه. تبع ذلك زيارة وفد وزاري لبناني رسمي إلى دمشق، شارك فيه للمرة الأولى وزيرة الخارجية السابفة زينة عكر، ما يطفي على الزيارة الطابع السياسي، كون مشاركة وزيرة الخارجية في الزيارة المذكورة، يجسد سياسية الحكومة اللبنانية وتوجهها الجديد في العلاقة مع دمشق، بعد شبه إنقطاع دام نحو 11 عاماَ. وفي سياق الأجواء عينها، يشير المرجع الى الإتصال الأخير بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون وإبراهيم رئيسي، أكد فيه الرئيس الإيراني أن طهران مستعدّة للعمل مع باريس من أجل تشكيل حكومة قوية في لبنان تخدم مصالح الشعب اللبناني. وأشار رئيسي الى أنه “من المهم أن يتعاون البلدين مع حزب الله لتشكيل حكومة فعالة”. وفي السياق الأجواء الإيجابية أيضاً، يضع المرجع اللقاء الرباعي المصري الأردني السوري اللبناني، الذي إنعقد في العاصمة الأردنية عمّان في الأيام القليلة للتفاهم على كيفية إعادة تفعيل خط الغاز المصري الذي يمر في أراضي هذه الدول الأربع، ما يؤشر إلى بدء إنتهاء حقبة العزلة الدولية لسورية، وإن إتخذ هذا اللقاء بعداً إقتصادياً، يشكل مدخلاً لتفعيل عملية التفاوض السياسي مع دمشق، القائم أصلاً، من البوابة الإقتصادية، بحسب معلومات المرجع. كذلك يضع المرجع عملية إستعادة الجيش السوري وحلفائه لمدينة درعا البلد في الأجواء الإيجابية عينها، وقبلها الإنسحاب الأميركي من أفغانستان، مشيراً الى أن إدارة الرئيس جو بادن، تنتهج سياسية “التسليم بالواقع”، والتفاوض مع القوى المؤثرة على الأرض في المنطقة، بدليل العودة الى المفاوضات في شأن الملف النووي وكل متفرعاته في المنطقة، ويؤكد أن كل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية التي إنعكست بدورها على الواقع السياسي اللبناني، أدت في نهاية المطاف الى ولادة حكومة إدارة الأزمة العتيدة، على حد تعبيره.
ويعتبر المرجع أن دور هذه الحكومة محصور بتفيذ ثلاث مهماتٍ أساسيةٍ: وقف الإنهيار الأقتصادي والمعيشي، وضع خطة للنهوض، وإجراء الإنتخابات النيابية.
وعن إمكان إجراء حلٍ شاملٍ وطويل الأمد للأزمة اللبنانية، يكشف المرجع عينه معلومات عن إحتمال تعريب الحل للأزمة المذكورة، ودخول دمشق على خط الأزمة اللبنانية، كونها قادرة مع حليفها إيران وحزب الله، وهي في طور إستعادة علاقاتها مع الدول العربية، يختم المرجع.
وفي الشأن عينه،أي الدور المتوقع للحكومة الجديدة، يعتبر مرجع في محور المقاومة أنها مجرد حكومة تسويةٍ كسابقاتها، لأن صناعيها هم أنفسهم، بالتالي لن يتغيّر شيء، برأيه. ويرى أنها حكومة إدارة المرحلة والسكوت على فضائح الحكومات السابقة، لا أكثر، مؤكداً أن أسوأ ما فيها منهجية رئيسها، والأسوأ منه وزير المال المسؤول الأول مع رياض سلامة عن الهندسات المالية المدمرة والفاشلة، بالتالي فإن هذه الحكومة هي أمام إمتحان استعادة الاموال المسروقة للمودعين، وقبل ذلك صياغة البيان الوزاري المنطقي والسليم والذهبي وليس الخشبي، على حد قول المرجع.
وعن الإنفتاح الرسمي اللبناني على سورية، يشدد المرجع على ضرورة الإنفتاح على سوريا عربياً وقومياً وكجيران، وليس من النافذة الاميركية، على حد تعبيره.
وتعقيباً على كل ما ورد آنفاً، تحديداً في شأن المتغيرات الأميركية في المنطقة، يلفت مرجع في المعارضة السورية الى أن هذا المتغير، بدأت بشائره بالظهور واقعياً، عقب لقاء بايدن مع العاهل الأردني عبد الله الثاني في تموز الفائت، حيث تناول اللقاء ملف الأزمة السورية، في ضوء إعتماد إدارة بايدن سياسة حلحلة الأزمات في المنطقة، وليس حلها في المرحلة الراهنة، من أجل التصعيد في أماكن أخرى، أي في ساحات المواجهة الأميركية مع الصين، على حد قول المرجع. ويقول: “يبدو أن هناك تفاهمات تنسج تحت الطاولة بين الولايات وإيران في شأن تقاسم النفوذ في المنطقة”.
وعن إستعادة بسط السيادة السورية على درعا البلد، يعتبر أن إستعادة درعا وطرد المسلحين منها، هي عملية روسية الأبعاد، وتمت بعد تخلي كل القوى الدولية المؤثرة في سورية عن هؤلاء المسلحين، وبطلب أردنيٍ، فلا مصلحة لعمّان بإبقاء بؤرةً مسلحةٍ على حدودها، ودائماً براي المرجع المعارض.
وعن التطورات في العلاقات الثنائية اللبنانية السورية، غداة زيارة الوفد الوزاري لدمشق، يعتبر المرجع أنها غير جدية. ويقول: “عندما نرى رئيس المجلس النيابي نبيه بري او رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، المحسوبيّن على سورية سابقاً، في دمشق، عندها تتسم العلاقات الثنائية بالجدية”. ويؤكد ان عامل الخوف من الاميركي لديهما، يحول دون ذلك. ويشير الى ان العلاقات اللبنانية – السورية قائمة اصلا من خلال التبادل الدبلوماسي بين البلدين. أما في شأن حركة النقل عبر الحدود، فهي تأثرت بعوامل سلبية عدة ابرزها: إقفال الحدود الاردنية – السورية، الازمة المالية في لبنان وسوريا، تفجير مرفأ بيروت، بالاضافة الى تفشي وباء كورونا. أما في حل ازمة النازحين، فيجزم المرجع انها مرتبطة بالحل النهائي للازمة في سورية، يختم المرجع.
وفي سياق العلاقات الثنائية، تؤكد مصادر سياسية سورية ان دمشق وقفت وتقف دائماً الى جانب الشعب اللبناني الشقيق، مشددة على ضرورة تفعيل هذه العلاقات وفقا للاصول الدبلوماسية التي ترعى العلاقات بين الدول، وعلى ضرورة التمسك باتفاقية الاخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين، بالتالي تفعيل دور المجلس الاعلى اللبناني- السوري، كشرط أساسي سوري، لاعادة تفعيل العلاقة بالكامل، تختم المصادر السورية.