محور الشر وأنصاره في تقهقر في ظل صمود محور المقاومة .
الدكتور حسن احمد حسن | باحث سوري متخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية .
قال الدكتور حسن أحمد حسن في حوار مع موقع “إسلام تايمز”، إن تركيا ستضطر في نهاية المطاف إلى إحترام الحكومة السورية وسحب قواتها وإنهاء وجودها العسكري في إدلب، مشيراً إلى أن “واهم من يظن أن باستطاعة أردوغان أو غيره من قوات الاحتلال أن يبقوا محتلين للأرض السورية، فصاحب الحق إن امتلك الإرادة لا يمكن أن يقهر أبداً، فكيف والسوريون لديهم الإرادة الفولاذية والقيادة الاستراتيجية؟”.
وأضاف إنه “لم يفلح تطبيع أعراب السوء في تخفيف هواجس ذاك الكيان الاحتلالي العنصري، ولن تفلح أية مشروعات جديدة يتم التلويح بها أو محاولة طرحها في تغيير البيئة الاستراتيجية الجديدة التي فرضها صمود محور المقاومة”.
وبين الباحث السوري إن “الصراع بين مشروعين متناقضين جوهرياً ما يزال مستمراً وسيبقى، واللوحة الواقعية القائمة تؤكد أن محور الشر وأنصار القوة الصهيو ـ أمريكي في انحسار وانكماش وتقهقر، ومحور المقاومة ومكافحة الإرهاب في تجذر وانتشار وتمدد أفقياً وعمودياً، وإننا لمنتصرون بإذن الله”.
وفيما يلي نص المقابلة
إسلام تايمز: هل يمكن لتركيا أن تواصل وجودها العسكري في إدلب، أم أنها ستضطر في النهاية إلى إحترام الحكومة السورية وسحب قواتها؟
الباحث حسن أحمد حسن: بكل تأكيد لو كان بإمكان القوات التركية أن تبقى إلى الأبد لن تتردد، ولو كان بإمكانها العودة إلى مورك وخان شيخون وسراقب ومعرة النعمان وشمال حلب وغيرها وغيرها كثير سيكون أردوغان سعيداً جداً بذلك، لكن الرغبات في وادٍ والواقع والإمكانيات في وادٍ آخر… تطاول هذا الوقت الذي يعمل فيه أردوغان على سياسة التتريك لن يفيده في تحقيق طموحاته المرضية بإعادة زمن السلطنة العثمانية المؤودة، ومن تابع مفاصل الحرب الدائرة على سورية يتذكر بأن أردوغان تحدث عن رغبته بالصلاة في الجامع الأموي في دمشق بعد أقل من ثلاثة أشهر على انطلاق شرارة الحرائق التي لفحت سورية، ورفع أردوغان السقف عالياً قبيل تحرير حلب مؤكداً أنها خط أحمر، ولاحقاً قال عن شمال حماة وجنوب وشرق إدلب خط أحمر، وبعد أن حرر الجيش العربي السوري بمساعدة الأشقاء والحلفاء والأصدقاء تلك المناطق رفع أردوغان عقيرته أكثر، وهدد وتوعد مؤكداً أنه لن يقبل بأقل من عودة الجيش العربي السوري إلى ما قبل مورك، ثم أرغم على إخلاء العديد من النقاط والمواقع التي كانت مقرات معتمدة للقوات التركية، وواهم من يظن أن باستطاعة أردوغان أو غيره من قوات الاحتلال أن يبقوا محتلين للأرض السورية، فصاحب الحق إن امتلك الإرادة لا يمكن أن يقهر أبداً، فكيف والسوريون لديهم الإرادة الفولاذية والقيادة الاستراتيجية؟.
إسلام تايمز: خلص وزراء خارجية روسيا وقطر وتركيا مؤخراً في اجتماع ثلاثي بالدوحة إلى عدم وجود حل عسكري للأزمة السورية، وشددوا على ضرورة محاربة الإرهاب ومساعدة الشعب السوري، ودعم العملية السياسية وفق القرارات الدولية، فلماذا يبدو أن قطر وتركيا لجأتا إلى هذا الحل ضد سوريا؟ هل من الممكن حقًا الوثوق بأقوالهم أم لا وهي مجرد مناورة سياسية رسمية؟
الباحث حسن أحمد حسن: الثقة شيء والقبول بسماع رأي الطرف الآخر لمعرفة اهتماماته وتوجهاته نواياه شيء مختلف، وفي الحروب الحديثة لم يعد بالإمكان الحديث عن نتائج صفرية، أي طرف يخسر كل شيء، وطرف يكسب كل شيء.. هذا غير ممكن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واتضاح القدرة التدمير للأسلحة الحديثة، وهذا لا يعني تنازل صاحب الحق عن جزء من حقه للوصول إلى تسويات مقبولة لأن هذا الخيار ـ وكما أوضح سماحة القائد الخامنئي دام ظله الوارف في خطابه الأخير بمناسبة عيد النوروز ورأس السنة الهجرية الجديدة وفق التقويم الإيراني حيث قال: ـ “.. طريق الذلّة، طريق الانحطاط، طريق التخلّف”. أما الطريق الآخر، فهو (كلّا)، ويعني “تفعيل طاقتنا الداخلية…” والأمر ذاته ينطبق على سورية، وهذا لا يعني اعتماد المسار العسكري، وقد سبق للسيد الرئيس بشار الأسد أن أوضح أنه لا يوجد شيء اسمه حل عسكري، أو حل سياسي، بل الحل يكون بمسارين سياسي وعسكري، ومن الطبيعي أن يؤجل المسار العسكري طالما المسار السياسي يتقدم، وإن كان التقدم بطيئاً.
نقطة أخيرة أود الإشارة إليها هنا، وهي تتعلق بمثل هذه التحركات التي يتم تكرارها تحت مسميات متعددة مرة تحت اسم “الشام الجديدة” ، وأخرى باسم “سورية المفيدة” وثالثة ورابعة.. الخ، وكل هذا لا يخرج عن جوهر المشروع الصهيوني الذي يعيش أصحابه هاجس الأخطار الوجودية التي تنتظر الكيان الصهيوني القائم على العدوان واحتلال أراضي الآخرين ومصادرة إراداتهم، ولم يفلح تطبيع أعراب السوء في تخفيف هواجس ذاك الكيان الاحتلالي العنصري، ولن تفلح أية مشروعات جديدة يتم التلويح بها أو محاولة طرحها في تغيير البيئة الاستراتيجية الجديدة التي فرضها صمود محور المقاومة ومعه أصدقاء وازنون دولياً، ومن ضمنهم روسيا والصين، وبالتالي وبالخلاصة أقول: الصراع بين مشروعين متناقضين جوهرياً ما يزال مستمراً وسيبقى، واللوحة الواقعية القائمة تؤكد أن محور الشر وأنصار القوة الصهيو ـ أمريكي في انحسار وانكماش وتقهقر، ومحور المقاومة ومكافحة الإرهاب في تجذر وانتشار وتمدد أفقياً وعمودياً، وإننا لمنتصرون بإذن الله.