متغيّرات ومفاجآت تنتظر الملفّ السّوريّ!
ما سنقدّمه في تقريرنا معلومات دقيقة، بحسب ما حصلنا عليه من مصادر وأوساط مطّلعة.
نواف ابراهيم | باحث سوري مقيم في موسكو
شكَّل قدوم إدارة أميركيّة جديدة إلى الحكم في الولايات المتحدة متغيراً مهماً في العلاقات الدولية، فهي تبدو واقعية في تعاملها مع ملفات الشرق الأوسط، وتدرك أنّ خطى المقاومة ضدها بدأت تتسارع بمنحى تصاعدي، كما تدرك أنَّ اليمن بات يمتلك من القوة ما يكفي لضعضعة أمن الخليج، وكذلك الأمر في العراق.
لذلك، بدأت الإدارة الأميركية تتّخذ منحنى تنازلياً في سياساتها، بدءاً من اليمن، وصولاً إلى سوريا. وسيحمل القادم من الأيام مفاجآت على مستوى تراجع واشنطن ومقاربتها لملفات الأزمة، فهي لن تتورط في حروب لأجل أحد، ولن تقحم نفسها في نزاعات لا تنتهي بنصر لها، واختارت، كما يبدو، الابتعاد والنزول عن الشجرة، والحفاظ على وتيرة التصعيد الإعلامي والاقتصاديّ.
ما سنقدّمه في تقريرنا معلومات دقيقة، بحسب ما حصلنا عليه من مصادر وأوساط مطّلعة.
أعلن مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة أنه جرى الحديث مع الأميركيين والأوروبيين حول الملف السوري، فكان الرد من الجانب الأميركي “بأنَّ الحصار والضغط الاقتصاديّ سيستمرّان”.
وتم عرض خط بياني يظهر الطوابير للحصول على الخبز والبنزين في سوريا، وهو ما يقلق مسؤولي الأمم المتحدة، وأنه يمكن التعويل على المساعدات الإنسانية من أجل حل هذه المسائل، وأن الولايات المتحدة الأميركية “ليس لديها أي نية بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا أو المشاركة في المشاريع الكبيرة، وإنما قد تشارك فقط بالحد الأقصى في عمليات بناء المدارس والمستشفيات”.
من جهتهم، أشار الأميركيون إلى أنهم “قدموا ويقدمون مساعدات ليست قليلة في كل الأحوال”، فمن مبلغ 158 مليون دولار مقدمة من الأمم المتحدة، كانت الحصة التي قدمتها الولايات المتحدة مبلغ 98 مليون دولار.
في ما يخص الدور الروسي، ووفقاً للمصادر، فإن موسكو تعمل جاهدة بالتعاون مع الأمم المتحدة لحث الأميركيين على خفض العقوبات المفروضة.
كما تسعى روسيا حالياً لإعادة إطلاق عملها، ما يخص اللجنة الدستورية، مع الحرص على أن يكون السوريون أكثر تركيزاً ودقّة.
بالتوازي، تم تنظيم حملة دعائية واسعة ضد روسيا في ما يخص محادثات أستانا، إلا أن العمل ما زال جارياً، وتوجد إنجازات محددة.
وحول ما يتم تناقله من أنباء عن خلاف روسي إيراني، الحقيقة أن روسيا وإيران في حالة تواصل وتنسيق مستمر في جميع القضايا. وفي الوقت القريب، سوف يتم توقيع اتفاقية كبيرة بين الطرفين لمدة 20 عاماً وأكثر للتعاون في جميع المجالات، بما فيها الملف السوري. كما يتم العمل حالياً، وبالتعاون مع إيران، على تشكيل فريق عمل دولي فعال لدعم القضية السورية في الساحة الدولية.
السعودية، بدورها، أكدت في مراسلات لها أن المملكة جمدت “منذ بداية شهر شباط/فبراير الماضي جميع أشكال الدعم والتمويل للجنة المفاوضات العليا، ولم يبقَ في اللجنة سوى 3 موظفين، ولا تحمل عملية تجميد التمويل المالي أي أسباب سياسية”.
مثل هذا الإجراء تم اتخاذه من أجل تحفيز العمل الواقعي للجنة. ففي الرياض، يقيّمون المواقف من دون ثقة في وضع مستقبل لتسوية سياسية في سوريا، إذ إن الرياض تتخوف وتقلق بالدرجة الأولى من “التأثير الإيراني الذي يحرم الرئيس بشار الأسد من حرية العمل عند اتخاذ القرارات”، بحسب قولهم.
السعوديون ضد المشروع الإيراني في المنطقة بشكل قاطع، ويتخوفون أيضاً من المشروع التركي. وفي مثل هذا الوضع، قد تنأى السعودية عن المشاركة في التسوية السياسية السورية.
أما في واشنطن، فإنَّ الإدارة الأميركية الجديدة باتت مقتنعة بضرورة تحسين الحوار مع الرئيس الأسد في الوقت نفسه بمساعدة روسيا، وتم تقديم عرض مشروع يمر بعدة مراحل، ينفذ عبر خطوات بناء الثقة.
في المقابل، تقدم الولايات المتحدة تنازلات، وتنفذ خطوات جدية نحو إيقاف مجموعة من العقوبات وإعطاء الفرصة لباقي دول المنطقة في الشرق الأوسط لأخذ دورها في ترتيب الحوار مع دمشق.
وفي حال نجاح هذا المشروع، سيتم حذف سوريا من لائحة الدول الداعمة للإرهاب، وسيتم التوجه مباشرة إلى تنظيم “عودتها إلى الجامعة العربية”، ولكن من باب الاحتياط، ومن أجل ضمان النتائج بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، سيبقى الأميركيون يذكّرون السوريين بالإجراءات القاسية. ومن المحتمل أن يتم إطلاق هذا المشروع مباشرة بعد تعيين المبعوث الأممي الخاص الجديد في سوريا.