ندين عباس | الميادين نت
استحوذت قضية “بيع قناة السويس”على اهتمام كبير في الشارع المصري السياسي والاقتصادي على حد سواء، في أعقاب تحركات برلمانية لإنشاء صندوق خاص للقناة يتيح لها الدخول في استثمارات بعيداً من الموازنة العامة للبلاد.
وأعلن مجلس النواب المصري موافقته خلال جلسته العامة، برئاسة المستشار حنفي جبالي، على مشروع قانون مُقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975، الخاص بنظام هيئة قناة السويس، رغم المعارضة الشديدة داخل البرلمان وخارجه.
مشروع القانون، وفق بيان الحكومة، يهدف إلى إنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس لزيادة قدرتها على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفقها وتطويره “وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية”. كذلك، يساعد على “تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أي ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو تدهور في الأحوال الاقتصادية”.
مصادر الحديث عن بيع قناة السويس أو دخول مستثمرين أجانب؟
الباحث والخبير الاقتصادي المصري عبد الخالق فاروق قال في حديث إلى الميادين نت إنّه منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمجموعة المحيطة به الحكم عام 2014، يظهر “الخطاب الرسمي مخالفاً للممارسة العملية”، مشيراً إلى أنّ “القوانين تخدم الذهاب مستقبلاً باتجاه البيع والخصخصة وتعويض الديون الضخمة التي حصل عليها هذا النظام”.
ووفق فاروق، فإنّ من أبرز هذه القوانين ما سمي “الصندوق السيادي المصري” الذي صدر عام 2018، ثم تمّ تعديله عام 2020، بحيث منح السلطات المطلقة على كل أصول الدولة المصرية لرئيس الجمهورية، لتجري بعد ذلك عملية البيع والتأجير.
الأنباء المتضاربة عن هذا الموضوع دفعت الحكومة المصرية إلى إصدار بيان رسمي لكشف الحقيقة وتأكيد عدم صحة ما يُتداول من شائعات.
وقالت هيئة قناة السويس: “لا صحة لعزم الحكومة على إنشاء صندوق هيئة قناة السويس كبابٍ خلفي لبيع القناة”، مشددةً على أنّ قناة السويس وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وخاضعة لسيادتها، كما سيظلّ كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين”، وفقاً لبيان من مجلس الوزراء المصري.
بدوره، قال مستشار الرئيس المصري إنّ تعديل قانون نظام هيئة قناة السويس من المستحيل تنفيذه، وسيسبب حالة فزع لدى المواطنين بدخول مستثمرين أجانب إلى إدارة القناة.
لكن هذا القانون الجديد، بحسب الخبير الاقتصادي، يتضمن بنداً يسمح بإنشاء صندوق خاص لإدارة بعض أموال هيئة قناة السويس، وبعملية البيع والاستئجار، وبالتالي يسمح بعملية الخصخصة لاحقاً.
ويقول فاروق: “اللائحة التنفيذية التي تصدر، والتي تعتبر أخطر من القانون نفسه، سوف تلحق بهذا الصندوق وتضم إليه بعض ممتلكات هيئة قناة السويس، ممثلة بشركات تابعة للقناة وأراضٍ تابعة لهيئة القناة، إضافةً إلى أصول أخرى منقولة أو ثابتة، وهذا مطلب من مطالب المستثمرين الأجانب، وخصوصاً الإماراتيين والسعوديين، ليصار إلى إعادة بيعها لمستثمرين أجانب ربما يكونون إسرائيليين أو أميركيين أو بريطانيين”.
موقف البرلمان من هذا الجدل
من جهته، حسم رئيس مجلس النواب حنفي جبالي الجدل بشأن المغالطات المثارة حول إنشاء صندوق تابع لقناة السويس، طبقاً لمشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 الخاص بنظام هيئة قناة السويس.
وتمثلت رسائل رئيس مجلس النواب الحاسمة أمام الادعاءات المغلوطة في شأن التفريط بقناة السويس بالنقاط التالية: أولاً: مشروع القانون المنظور أمام البرلمان لا يتضمن أي أحكـام تمس قناة السويس. ثانياً: قناة السويس من أمـوال الدولـة العامـة، ولا يجوز التصرف فيهـا أو بيعهـا. ثالثاً: الدولة ملتزمة بموجب المـادة 43 مـن الدستور بحماية قناة السويس وتنميتهـا والحفاظ عليهـا.
وكانت مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، من بين البرلمانيين الرافضين لمشروع القانون عند مناقشته في مجلس النواب.
وأرجعت عبد الناصر رفضها إلى عدم تأييدها إنشاء الجهات الحكومية لصناديق خاصة، لأنّها غير خاضعة لرقابة البرلمان، وتؤثر سلباً في حصيلة إيرادات الموازنة العامة، إضافةً إلى عدم الرقابة على تعيينات الوظائف المسؤولة عن الصندوق.
مفاوضات مع قطر والإمارات لإدارة موانئ في مصر
تأتي هذه الأنباء بالتزامن مع حديث وزير النقل المصري كامل الوزير في مقابلة مع “CNBC” عربية، إذ أكّد “وجود مفاوضات مع موانئ أبو ظبي وموانئ قطر لإدارة وتشغيل موانئ في مصر، لا سيما في العين السخنة وسفاجا”، مشيراً إلى أن “هذه المفاوضات لا تزال في مراحلها الأولى”.
وأضاف الوزير المصري أنّ “هناك اهتماماً كبيراً من القطاع الخاص المحلي والدولي بالاستثمار في قطاع الموانئ المصرية”.
تأتي هذه التصريحات بعد نحو شهرين من إعلان الرئيس المصري نية بلاده طرح الموانئ والمستشفيات الحكومية أمام القطاع الخاص.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في تشرين الأول/أكتوبر الماضي: “نحن مستعدون لطرح المستشفيات الحكومية أمام القطاع الخاص بهدف التشغيل، بما يضمن تحسين الخدمة الصحية”، مضيفاً أنّه سيتم طرح الموانئ المصرية للتشغيل، وما ينطبق على الموانئ ينطبق أيضاً على المطارات والبنية الأساسية والسكك الحديدية والكهرباء.
إيرادات قناة السويس
رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع كشف أن إيرادات قناة السويس في 2022 سجلت أرقاماً غير مسبوقة، إذ اقتربت إلى 7 مليارات، بزيادة تُقدّر بـ24% عن الماضي.
وتوقع ربيع ارتفاع إيرادات قناة السويس بحلول نهاية العام الحالي (2022) إلى7.8 مليار دولار، بدعم من ارتفاع أعداد السفن وحجم البضائع العابرة.
وسجلت قناة السويس خلال 153 عاماً عبور 1.4 مليون سفينة بإجمالي حمولات صافية بلغ 32.4 مليار طن منذ دخول القناة الملاحة الدولية في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1869.
وتمكّنت قناة السويس لما يزيد على قرن ونصف قرن من تحقيق إيرادات تبلغ 155.4 مليار دولار، إذ تعدّ واحدة من أهم موارد النقد الأجنبي للخزانة العامة للدولة المصرية.