ماذا يعني امتِلاك 25 كيلوغرامًا من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60 بالمئة والقُدرة على الوصول إلى نسبة 90 بالمئة فورًا؟ هل باتت “القُنبلة” جاهزة ؟

عبد الباري عطوان | رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

أرسلت الولايات المتحدة الأمريكيّة قاذفة عملاقة من طِراز “B 1” القادرة على حمل قنابل نوويّة وبصُحبتها طائرة إسرائيليّة من طِراز “إف 15” إلى أجواء الخليج فردّت إيران بالكشف عن “تحرير” قوّات كوماندوز تابعة للحرس الثوري ناقلة لها احتجزتها سُفن حربيّة أمريكيّة في بحر عُمان، بعد عمليّة إنزال مدروسة على ظهرها، وابتلعت أمريكا الإهانة ولم تَرُد ناكِرةً الهُجوم كُلِّيًّا.

الخطوة الاستفزازيّة الأمريكيّة جاءت تجاوبًا مع نصائح إسرائيليّة عبّر عنها دينيس روس المبعوث الأمريكي، ومُستشار أوباما السّابق في الشّرق الأوسط في مقالٍ قال فيه “إنّ على الإدارة الأمريكيّة توجيه تهديدات واضحة لإيران عن عزمها استِخدام القُوّة إذا لم تعد إلى مُفاوضات فيينا”، ولكنّها أعطت نتائج عكسيّة.

بهروز كما لوندي، المُتحدّث باسم وكالة الطاقة الذريّة الإيرانيّة ردّ على هذه التّهديدات بالكشف عن تجاوز احتِياطي بلاده من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60 بالمئة بحواليّ 25 كيلوغرامًا، و210 كيلوغرامًا من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 20 بالمئة.

الأخطر من هذه الأرقام أنّ صاحبها السيّد كما لوندي أكّد أنّ عُلماء بلاده، والمُشرفين على عمليّات التّخصيب وبرامح الطّرد المركزي يملكون القُدرة والكفاءة على رفع نسبة التّخصيب إلى 90 بالمئة في أيّ وقت، وهي النّسبة المطلوبة لإنتاج أسلحة نوويّة، ولا تستطيع الوصول إلى هذا الحاجز النّفسي والتّقني (90 بالمِئة) إلا الدّول التي تملك فِعلًا أسلحة نوويّة.

الإسرائيليّون، الأكثر قلقًا في منطقة الشّرق الأوسط، من جرّاء هذا التقدّم النووي الإيراني المُتسارِع في ميدان التّخصيب، يقولون إنّ إيران باتت على حافّة العتبة النوويّة، وتستطيع إنتاج القُنبلة في غُضون أيّام لأنّ كُلّ موادها جاهزة مِثل اليورانيوم المُخصّب بالكميّة الكافية، وأجهزة الطّرد المركزي الحديثة، ومعدن اليورانيوم، وأخيرًا الصّواريخ والمُسيّرات القادرة على حمل الرّؤوس النوويّة.

دينيس روس هو أوّل من كشف عن هذا القلق الإسرائيلي في مقالته في صحيفة “فورين بوليسي”، واستخدم توصيف “العتبة النوويّة”، ولكن من الواضح أنّ إدارة بايدن لا تتجاوب مع تحريضاته وأعمامه في تل أبيب والانخِراط في مُواجهة ضدّ إيران، خاصَّةً أنّها لم تُشف من جُروح الهزيمة الكُبرى في أفغانستان التي تعني انهِيار “القرن الأمريكي” الجديد، ومعه الهيمنة الأمريكيّة على العالم.

ما ذكره السيّد كما لوندي عن حجم مخزون بلاده من اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60 بالمئة وللمَرّة الأُولى، هو رسالة إلى إسرائيل التي تجري حاليًّا مُناورات بكُلّ الأسلحة تمهيدًا لضرب إيران في حال فشلت مُفاوضات فيينا النوويّة، مثلما تقول بياناتها الرسميّة وأبرز عناوينها، أيّ الرّسالة، أنّنا جاهِزون لجميع الاحتِمالات، وسيكون الرّد على عُدوانكم مُفاجِئًا في ضخامته وأخطر بكثير مما تتوقّعون.

هل تُفكّك الحُكومة الإسرائيليّة وقِيادتها العسكريّة رموز هذه الرّسالة، وتتخلّى عن غطرستها؟ الإجابة بالنّفي “المُتصنّع”، كمُحاولةٍ لطمأنة مُستوطنيها الذين باتوا يشعرون بعدم الأمان، ويتوقّعون مُستَقبلًا أسود لكيانهم، وبدأ الكثير منهم يحزم حقائبه استِعدادًا للرّحيل.

Exit mobile version