تمت المصادقة الأولية على معاهدة “ستارت- 3″، بين الرئيسين (آنذاك) الروسي دميتري مدفيديف، والأمريكي، باراك أوباما، في العاصمة التشيكية براغ، بتاريخ 8 أبريل عام 2010.
ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في الـ 5 من فبراير 2011، بعد المصادقة عليها في ميونيخ، من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيرته الأمريكية حينها، هيلاري كلينتون، وأطلق عليها معاهدة “ستارت -3″، وحددت مدتها بـ 10 سنوات، قابلة للتمديد 5 سنوات إضافية.
وتنص معاهدة “ستارت -3″، على خفض كمية الرؤوس الحربية الهجومية “النووية” العابرة للقارات، التي تمتلكها كل من روسيا والولايات المتحدة بنسبة 30%، وكذلك خفض الحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50%، وتمت صياغتها على أساس التساوي في عدد الرؤوس النووية، وضمان أمن كلا البلدين بشكل متكافئ.
وحددت الاتفاقية نوعية وكمية الأسلحة التي يمكن للبلدين امتلاكها بعد 7 سنوات من توقيعها، بحيث لا يتجاوز عدد الرؤوس النووية في كلا البلدين، الـ 700 رأس نووي في القواعد الأرضية، و1550 رأسا نوويا في القواعد البحرية والجوية البحرية، كما تنص على ألا يتجاوز عدد المنصات الأرضية الثابتة والمتنقلة، لإطلاق الصواريخ النووية الـ 800 منصة.
ويمتلك الطرفان بموجب المعاهدة، حرية تحديد الهيكل الثلاثي النووي “مزيج من ناقلات جوية وبحرية وبرية”، ونشر أنواع جديدة أخرى من الصواريخ والناقلات، شريطة أن يخطر كل منهما الآخر.
وتحظر المعاهدة على كل من روسيا والولايات المتحدة، نشر أسلحة استراتيجية هجومية، خارج نطاق الحدود الجغرافية لكلا البلدين.
وتتألف معاهدة “ستارت -3” من 3 أجزاء منفصلة، وهي نص المعاهدة، وبروتوكول المعاهدة، والملاحق الفنية، وجميع هذه المستويات ملزمة قانونا لكلا الطرفين، حيث يتضمن نص المعاهدة والبروتوكول، حقوق الطرفين وواجباتهما الأساسية، بحيث يتم تبادل البيانات بينهما، للتحقق من الامتثال لبنود المعاهدة.
وتجتمع لجنة استشارية روسية أمريكية مرتين كل عام في مدينة جنيف، لبحث القضايا المستجدة المتعلقة بالاتفاقية، والتنسيق فيما بينهما.
كما تتشكل بموجب الاتفاقية، لجان مشتركة من كلا البلدين، تقوم بعمليات التفتيش داخل القواعد العسكرية التي تتواجد فيها الأسلحة الاستراتيجية، بمعدل 18 عملية تفتيش سنويا.
وتكمن أهمية معاهدة “ستارت -3″، في كونها المعاهدة الأخيرة المتبقية بين روسيا والولايات المتحدة، والمتعلقة بمراقبة الأسلحة النووية، بعد انسحابهما عام 2019، من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، الموقعة من كلا الطرفين عام 1987.
وبحلول الـ 5 من فبراير 2018، أوفت روسيا بجميع التزاماتها، وخفضت عدد أسلحتها الهجومية الاستراتيجية، إلى 527 رأسا، أي بما يقل عن العدد المنصوص عليه في الاتفاقية بـ 130 رأسا، إضافة إلى التزامها بجميع تفاصيل الاتفاقية، كما ونوعا وموعدا، وذلك باعتراف الولايات المتحدة ذاتها.
أما الولايات المتحدة فاستبعدت بشكل غير قانوني، ومن جانب واحد، دون التشاور مع روسيا، جزءا من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية الأمريكية، معلنة “إعادة تجهيزها”، منها 56 قاذفة من طراز Trident-II SLBM و41 قاذفة ثقيلة من طراز B-52H.
كما رفضت الولايات المتحدة تضمين 4 قاذفات صواريخ باليستية عابرة للقارات، تحت ذريعة تخصيصها للتدريب.
وفي عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عرضت روسيا على الولايات المتحدة، تمديد مدة المعاهدة، دون شرط أو قيد، والبدء بتجميد عمل الترسانات النووية إلى حين إتمام الاتفاق بين الطرفين، الأمر الذي رفضته الإدارة الأمريكية، بذريعة أنه لا يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي.
وفي يناير 2021، أعلن مكتب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، موافقته على المقترح الروسي، بتمديد معاهدة “ستارت -3″، والتفاوض مع روسيا حول التفاصيل، وبدأت اللقاءات بين الطرفين، وتم التوصل إلى اتفاق ينص على تمديدها مدة 5 سنوات إضافية، إلا أن المصادقة لم تتم، بسبب توقف المباحثات بين الطرفين، حال بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، حيث قادت الولايات المتحدة وشنت حملة المقاطعة والمعادة، المتمثلة بالعقوبات ضد روسيا.