ليست عودة سوريا الى الجامعة العربية بل عودة عرب قاطعوها اليها قراءة خاطئة للازمة السورية يجري الرجوع عنها بتموضع جديد

كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني

تتردد مقولة «عودة سوريا الى الجامعة العربية»، بينما الصحيح القول، عودة العرب الى سوريا، وقد قاطعها البعض منهم، واخرجها من جامعة الدول العربية، التي يقع عليها ان تكون المكان الذي تعرض فيه الخلافات العربية ان وجدت لحلها، لكن مع سوريا جاءت العقوبات عليها، ومقاطعة قيادتها، تحت ذريعة ان النظام يواجه شعبه ويقمعه، في حين ان دولاً شهدت ما حصل في سوريا، وبدأ ما سمي «الربيع العربي» من تونس لينتقل الى مصر فليبيا واليمن وصولاً الى السودان، وكان مر في الجزائر، ويستمر العراق في ازماته وكوارثه ودمائه.

وكان على سوريا، ان تقدم اوراق اعتمادها الى اميركا في العام 2003، عندما جاءها وزير الخارجية كولن باول، وطالب الرئيس بشار الاسد، ان يخرج عن تحالفه مع ايران، ويوقف تعاونه مع فصائل المقاومة ويطرد حركة «حماس» من سوريا ويقفل مكاتبها، وهي فصائل فلسطينية اخرى ترفع سلاح المقاومة، وان يمنع وصول اسلحة الى «حزب الله» في لبنان، لكن الرئىس الاسد، رفض الشروط الاميركية، فكان الرد عليه بالقرار 1559 الصادر عن مجلس الامن الدولي، واخراج القوات السورية من لبنان، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وحصول انقلاب في لبنان لصالح قوى 14 آذار المنخرطة في المشروع الاميركي للمنطقة الذي كان يروج له بوش الابن، وفق سرد المصادر للوقائع، والتي تشير الى انه كان الهدف من اخراج القوات السورية من لبنان، اضعاف الرئيس الاسد داخلياً، وحصول انقلاب من داخل السلطة، وقد تم الكشف عنها، وتمت تنحية افراد عن موقع القرار، بعد ان انكشف ضلوعهم، بانهم كانوا على تنسيق مع اطراف لبنانية في قوى 14 آذار، لاسقاط بشار الاسد، وتوجيه تهمة اغتيال الحريري له شخصياً، استناداً لروايات نقلها سياسيون لبنانيون عن الاسد، الذي استمعت اليه لجنة التحقيق الدولية، ولم توجه اليه اتهام، وقد بدأ شهود الزور يظهرون وابرزهم محمد زهير الصديق، الذي ذكر بان اغتيال الحريري جرى التخطيط له في القصر الجمهوري في دمشق، واجتماع حصل في الضاحية الجنوبية، حضره الضباط اللبنانيون الاربعة، وضباط سوريون.

فالمؤامرة على سوريا، سبقت ما قيل عن«ثورة سلمية» انطلقت من درعا في آذار 2011، للمطالبة باصلاحات سياسية، وما جرى من احداث بدآت مع اطفال في درعا، الا عنوان، لاخراج سوريا من محورها المقاوم، او لقطع الاتصالات مع ايران التي وصلت الى البحر الابيض المتوسط، ولها قاعدة عسكرية اسمها «حزب الله» اذ جرى تفجير الوضع الامني، من خلال ارسال مجموعات مسلحة، اتت من الاردن وليبيا وفتحت تركيا حدودها مع الشمال السوري للمسلحين، كما اقيمت غرفة عملية «روك» في الاردن باشراف اميركي، لاسقاط النظام في سوريا، الذي استعصى على الشروط الاميركية، تقول المصادر، التي تكشف عن ان وقوف حلفاء سوريا الى جانبها كروسيا وايران و«حزب الله» من لبنان، قلب موازين المعركة العسكرية، لكن الشعب السوري في نسبة عالية منه التف حول دولته، بعد ان انكشف المخطط الموضوع لسوريا، وهو تحويلها الى حكم «الاخوان المسلمين» وسيطرة تركيا علهيا، او اقامة «دولة الخلافة الاسلامية»، كما فعلت جبهة «النصرة» وتنظيم «داعش»، او القبول بالمشروع الاميركي ـ الاسرائيلي بالتخلي عن الجولان، والابتعاد عن المقاومة.

لذلك، فان كل ما جرى في سوريا والحرب عليها منذ اكثر من عشر سنوات، كان الهدف منه، اسقاط موقع سوريا المقاوم، او اقله تتنازلها عن الحقوق الوطنية في ارضها، والقومية للفلسطينيين، لكن الرئىس الاسد لم يوافق، مثلما لم يقبل والده من قبله، وقد تم تحريك الجبهة الداخلية ضده، لا سيما بعد حرب تشرين، اذ تجرأ واخذ خيار استرداد الارض وبقيت سوريا في موقعها العربي الصحيح، الذي يقوم عليه ميثاق جامعة الدول العربية، الذي لم تنقلب عليه سوريا، بل دول اخرى، كان عليها مراجعة مواقفها في مرحلة مبكرة اكثر تقول المصادر، ولكن لا بأس عن العودة الى سوريا، ولو متأخرة، فاعادت الامارات المتحدة علاقاتها في العام 2018، وعززتها مصر، وقوتها سلطنة عمان، اذ لم يعد هناك نقاش حول تغيير النظام، او التجاوب مع مطالب المعارضة بدأت تختفي الا من على شاشات التلفزيون اذ ان الدول التي عادت الى سوريا، اكتشفت مشروع «الاخوان المسلمين» واهداف تركيا واطماعها فهيا، لذلك جرى اعادة تقويم لما حصل خلال هذه السنوات، فتبين ان المواقف من سوريا ونظامها كان خاطئا ومبنياً على معلومات مغلوطة، اضافة الى ان البعض انخرط في مشروع لاسقاط النظام، لم يكن قرأه جيداً، فاضطر الى العودة الى دمشق، التي تعيد السعودية ترميم سفارتها لافتتاحها.

Exit mobile version