لم يتعلّم القاتل .. فهل نتجه الى حرب أهلية ؟
عمر معربوني | رئيس تحرير موقع المراقب
في الشهر العاشر من سنة 2020 قال رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ما حرفيته : ” أي شخص من أي طائفة يفكر في مغامرة عسكرية هو مجنون ”
هذا الكلام الذي اطلقه زعيم المختارة لم يكن كلاماً من فراغ وانما جاء بسبب كلام لعدوه اللدود القديم – الجديد سمير جعجع بعد لقاء جمعهما على مائدة الغداء في دارة النائب نعمة طعمة ، حيث عرض جعجع على جنبلاط فكرة استقالة نواب حزبيهما من البرلمان، وهو ما رفضه رئيس ” الاشتراكي ” .
بعد ذلك، قال جعجع أنه سيمضي في المواجهة ضد حزب الله حتى النهاية، مضيفاً: ” لدي 15 ألف مقاتل، ونحن قادرون على مواجهة الحزب الذي بات يعاني من ضعف كبير، نتيجة الأوضاع في لبنان وفي الإقليم ” .
حينها ” حذّر جنبلاط جعجع من خطورة ما يقوله، ردّ جعجع بالقول: نحن اليوم أقوى مما كنا عليه أيام بشير الجميل، وحزب الله أضعف مما كان عليه أبو عمار (ياسر عرفات) ” جعجع قال ايضاً أنه مدعوم من الولايات المتحدة الاميركية، ومن السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى. أما حزب الله، برأي رئيس «القوات»، فيعاني ويقدّم التنازلات لأنه أضعف ممّا كان عليه يوماً.
وللعلم لم يوافق وليد بيك على ما قاله جعجع وترك اللقاء منزعجاً مما قاله وهو العارف انه لم يربح معركة خاضها بما فيها معارك الجبل التي هُزم فيها سمير جعجع شر هزيمة .
في جانب آخر لا بدّ من التذكير بما فعله جعجع مع الرئيس سعد الحريري عندما قدّم للمخابرات السعودية عشرات التقارير التي وصّفت الرئيس سعد الحريري بالضعيف والجبان وغير القادر على مواجهة حزب الله وان لا بد للسعودية من ان تفتش عن زعيم للسنة غير سعد الحريري ، وهنا لا بد ان نسجل للرئيس الحريري رفضه لأي حرب او مواجهة او حتى مواقف يمكن ان تؤدي الى الفتنة سواء كانت سنية – شيعية او مسيحية – إسلامية .
وكما رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي والرئيس الحريري يعاني جعجع من مشكلة كبيرة مع التيار الوطني الحر وتيار المردة ما يعني ان جعجع سيخوض المواجهة لوحده وهي سلفاً مواجهة محكوم عليها بالفشل وسيدفع فيها بعض المجتمع المسيحي الذي يدّعي جعجع حمايته اثماناً كبيرة في ظل أوضاع اقتصادية شديدة السوء .
وعلى الرغم من ان الحرب تحتاج الى فريقين راغبين بها ورغم ان المستهدف الأول والأخير هو حزب الله الذي يمتلك قوة هائلة لا يرغب بخوض أي مواجهة وهو ما يتم التعبير عنه بعد كل مجزرة او احتكاك به ، الا ان الخروج من دائرة الصبر يمكن ان يحصل في أي لحظة لأن استهداف الحزب سيستمر ويتعاظم وهو ما تؤكده المعلومات والوقائع ما سيدفع الأمور في لحظة ما الى التفلت وعدم القدرة على الضبط وهو ما يستغله جعجع ومشغليه وهو ما يمكن ان نتبينه ممّا قاله جعجع لجنبلاط في منزل النائب نعمة طعمة حين أشار جعجع الى ان حزب الله بات ضعيفاً وهو يقدم التنازلات في كل مرة يتعرض فيها للإعتداء .
امرٌ واحد يمكنه منع الحرب وهو اجماع كل القوى بالعمل وليس بالكلام على منعها ، فكل شروط الحرب قائمة وما اشبه اليوم بما قبل ال 1975 .
في ال 1975 تبين لاحقاً ان الولايات المتحدة الأميركية هي التي كانت تدير عمليات القتل وان القرار أُتخذ في اوكار ال CIA كما هو الحال اليوم حيث تُدار المواجهة الحالية من وكر التجسس في عوكر سواء كانت سياسية او إعلامية او اقتصادية او امنية .
وقبل الدخول في توصيف مجزرة الطيونة وما سبقها من استعدادات وما سيترتب عليها من نتائج لا بدّ من التأكيد ان أسباب وعوامل اندلاع الحرب الأهلية لا تزال قائمة وعلى رأسها أمن كيان العدو والهدف هذه المرّة هو ضرب حزب الله بعد استنزافه في الداخل من قبل جيش العدو عبر اجتياح مماثل لإجتياح 1982 وهو ما عناه جعجع عندما قال لوليد جنبلاط ان الحزب حالياً ليس اقوى مما كان عليه أبو عمار سابقاً ، وهذه العبارة وحدها كافية لإثبات تورط جعجع بالمخطط الصهيو – اميركي لإنهاء حزب الله .
في مجزرة الطيونة لن تنفع كل عبارات النفي والكذب والتهرب من تحمل المسؤولية وما يقال عن اشتباك هو في الحقيقة طمس للحقيقة .
وحتى لو افترضنا ان احتكاكاً حصل في احد الشوارع فكيف تموضع القناصة بهذا الشكل المنظم والسريع على اسطح البنايات ، وكيف لم يتعرض احد من جماعة القوات لأي إصابة اذا كان الذي حدث اشتباكاً وليس كمين ؟
غير ذلك اثبتت المعلومات ان تحضيرات سبقت الكمين الغادر تمثلت باستقدام عناصر من كسروان وزحلة والبقاع الغربي استخدموا في انتقالهم سيارات دفع رباعي حصل جعجع منها على 500 سيارة تم تسجيلها خلال سنة بأسماء مسؤولين وعناصر في القوات على انها ملكيات خاصة وهذه السيارات هي إضافة الى مبلغ 70 مليون دولار حصل عليها جعجع من السعودية بشكل خاص لإدارة عمليات القتل والإشتباك التي ينوي خوضها .
ما قبل المجزرة كان واضحاً حجم التحريض والتعبئة على لسان جعجع ومسؤولي القوات اللبنانية تحت عنوان ” الاحتلال الإيراني ” وهو ما يشبه العنوان الذي طُرح في ال 1975 ” الاحتلال الفلسطيني ” .
يعتقد جعجع ومعه مشغلَيه الأميركي والسعودي ان خوض المواجهة ضد حزب الله سيمكنهم من استنزاف الحزب وانهائه وهي قمّة الحماقة والهبَل .
وعلى الرغم من ان حزب الله ليس مندفعاً للحرب الأهلية لكن يبرز السؤال الأهم : هل عدم اندفاع الحزب للحرب سيمنعها ؟ بتقديري لا لن يمنعها .
فماذا لو وقعت الحرب ، ماذا سيكون شكلها ، وهل ستكون حرباً طويلة على غرار ما حصل في ال 1975 حيث امتدت الحرب على مدى 15 سنة ؟
العنوان الأول والأخير لهذه الحرب اذا ما وقعت هو غرق الأميركيين والصهاينة ومعهم كل عبيدهم وعلى رأسهم جعجع بعامل اجترار سوء تقدير الموقف وهو نفسه العامل الذي اعتمدوه في الحرب على سورية والمنطقة وكانت نتيجته متغيرات وتحولات لمصلحة محور المقاومة .
وما لا يعلمه جعجع وسيكون سبباً في انهائه ان المحور الذي قاتل مجتمعاً في سورية والعراق وفلسطين واليمن سيقاتل مجتمعاً في لبنان طالما ان القرار أميركي – إسرائيلي والأدوات هي دواعش وهذه المرة بربطة عنق وليس بجلباب ولحية .
اتعظ يا جعجع واستفق من جنونك فالذي استطاع القضاء على جحافل التكفيريين في بقاع شاسعة من سورية والعراق لن يعجز اذا اضطرته الأمور عن سحق شراذم مهووسة ومأجورة على مساحة زاروب من هنا او من هناك .
وللحديث تتمة .