حسان الحسن | كاتب واعلامي لبناني
شهدت سورية في الأيام القليلة الفائتة تطوراً جديداً وخطيراً على الصعيد الميداني، وذلك بعد إستهداف العدو الإسرائيلي لمرفأ اللاذقية، وقد يكون هذا التطور جاء في سياق الحرب الإقتصادية على سورية، ولتشديد الحصار الإقتصادي على الشعب السوري، لتجويعه وإخضاعه، ثم محاولة فرض إملاءات المحور الأميركي ـ الإسرئيلي على دمشق، خصوصاً لجهة المطالبة بانسحاب القوات الإيرانية وحلفائها من الأراضي السورية، بعد تسعير هذا المحور للحرب الإقتصادية والتجويعية ضد السوريين، إثر فشل كل أشكال الحروب (التحريضية- الفتنوية، التضليلية الإعلامية، الإرهابية، الأمنية، والعسكرية) التي شنها على سورية في تحقيق مبتغاها. عندها ذهب المحور المذكور الى زيادة الضعوط الإقتصادية على السوريين، من خلال إستهداف المرفأ المذكور، بحسب رأي مرجع عسكري وإستراتيجي. ويشدد على المعنيين ضرورة إتخاذ قرارٍ بالرد المناسب على هذا التطور الخطير، لمنع تمادي العدو في عدوانه، يختم المرجع.
وفي السياق، توضح مصادر سورية عليمة أن الدفاعات الجوية التابعة للجيش السوري تعاملت بدقةٍ وحذرٍ خلال تصديها للعدوان الذي إستهدف مرفأ اللاذقية، نظراً لقربه من قاعدة حميميم الروسية الواقعة قرب مدينة اللاذقية، كون المناطق المحيطة في هذه القاعدة، تقع في نطاق عمليات الجيش الروسي. كذلك تتفادى القوات السورية تكرار وقوع أي خطأ مماثل للذي وقع في أيلول 2018، يوم إسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة نقل عسكرية روسية عن طريق الخطأ، قبالة السواحل السورية، إثر عدوانٍ إسرائيليٍ آنذاك.
وفي هذا الصدد، يستغرب مصدر مسؤول في محور المقاومة تمرير القوات الروسية لهذا العدوان، على حد تعبيره. ويسأل لماذا لم تتصد الدفاعات الروسية لهذا العدوان الإسرائيلي، وفي الوقت عينه يعوق الروس مهمة الجيش السوري بالرد على العدوان كما يستوجب الرد، على اعتبار أن منطقة اللاذقية هي في نطاق عمليات الروس؟. ويلفت المصدر إلى أن هذا العدوان أصاب ساحة للحاويات التجارية، ولم يحقق إصابة أي هدفٍ عسكريٍ للقوات الإيرانية. ويكشف أن الفشل الإسرائيلي في ضرب أيٍ من الأهداف العسكرية أو اللوجستية التابعة للجيش الإيراني أو حزب الله، هو نتيجة تفوق محور المقاومة في مجال (حرب جمع المعلومات المخابراتية والحرب السيبرانية) على الكيان الإسرائيلي، يختم المرجع.
بالعودة الى الحرب الإقتصادية على سورية، تقلل مصادر في المعارضة السورية من أهمية الآراء التي تعتبر أن إستهداف ميناء اللاذقية، يأتي ضمن الحرب التجويعية التي تستهدف الشعب السوري. وتلفت الى أن معظم الغارات التي شنتها طائرات العدو الإسرائيلي على سورية، كانت تأتي عادةً عقب ورود معلومات لهذا العدو عن تحركات للقوات الإيرانية وحلفائها على الأراضي السورية، بغض النظر عن صدقية هذه المعلومات من عدمها، تختم المصادر.
وعن الموعد المرتقب لخروج القوات العسكرية الإيرانية من سورية، يؤكد مرجع لبناني موثق وصديق كبير لدمشق، أن هذا الموعد، تحدده القيادتان السورية والإيرانية فقط ، مهما بلغت الضغوط الأميركية- الإسرائيلية، وأياً تكن النتائج.
ويلفت الى أن ثبات الموقف السوري من وجود القوات الإيرانية على الأراضي السورية، ورفض الرئيس بشار الأسد لكل أشكال التطبيع مع “إسرائيل”، خصوصاً التي عرضت عليه مؤخراً، قد تبطئ من حركة الإنفتاح العربي على سورية، ولكن هذه الحركة مستمرة ولن تتوقف، بدليل إستضافة دمشق لملتقى رجال الأعمال السوريين والعراقيين في الأيام القليلة المقبلة، كذلك موافقة الدول الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، على استضافة العاصمة السورية دمشق، لمؤتمر الطاقة العربي في العام 2024، هذا المعلوم والمعلن على حد تعبيره. ويقول: “لو طالبت سورية بانسحاب القوات الإيرانية من أراضيها، لوجدت المسؤولين السعوديين ومن يدور في فلكهم في لبنان والمنطقة في طليعة زوار دمشق”. ويضيف: “لكن سورية الحليفة لإيران منذ إنتصار الثورة الإسلامية في سبعينيات القرن الفائت، والحاضنة لكل حركات المقاومة في مختلف الدول العربية، لم تحد يوماً عن موقفها، رغم الحصار الجائر الذي فرضه الغرب عليها في ثمانينيات القرن الفائت، ثم تهديدات وزير الخارجية الأميركية الأسبق كولن باول للرئيس الأسد، لثنيه عن دعم حركات المقاومة غداة احتلال الولايات المتحدة للعراق، وبعدها إعلان الحرب الكونية عليها أخيراً، فلن يغيّر كل ذلك في الموقف السوري”.
وعن تطور العلاقات اللبنانية- السورية، يؤكد المرجع أنها دون المستوى المطلوب، رغم المصلحة اللبنانية في إعادة تفعيلها، خصوصاً في مجال التعاون في ملفات الطاقة والكهرباء وتنشيط حركة التجارة والنقل على المعابر الحدودية بين البلدين، معتبراً أن جل المسؤولين اللبنانيين، يخشون الغضب الأميركي عليهم، في حال بادروا الى إتخاذ أي خطوةٍ على طريق تفعيل العلاقات بين بيروت ودمشق من دون بروز ضوء أخضر أميركي. ويختم المرجع بالقول: ” لن نشهد إنفتاحاً رسمياً لبنانياً على سورية، قبل إتمام الإنفتاح الخليجي عليها”.