كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
ليست المرة الاولى التي يعقد لقاء بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان سواء في خلده او المختارة، او عند وسيط بينهما حيث يأتي اللقاء المتوقع بينهما بعد غد السبت في سياق بحث ما يستجد من تطورات واحداث تحصل بين الحزبين وكان اخرها، ما حصل في الشويفات اثناء الانتخابات النيابية عام 2018، وسقط فيها قتيل هو علاء ابو فراج اشتراكي واتهم بالعملية احد مرافقي ارسلان امين السوقي، الذي لم يسلم الى القضاء وهو خارج لبنان اضافة الى حادثة قبرشمون التي سقط فيها قتيلين هما رامي سلمان وسامر ابو فراج برصاص اشتراكيين اوقف بعضهم واخلي سبيل من لم يثبت اشتراكه بالجريمة،
وبقي قيد التوقيف شخصين هما حسين منذر وفيصل العالية.
هذه الاحداث الدموية استتبعها مصالحة في القصر الجمهوري بين جنبلاط وارسلان برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون، ثم اخرى في عين التينة رعاها الرئيس نبيه بري، وتشكلت لجنة من الوزيرين السابقين غازي العريضي عن الاشتراكي وصالح الغريب عن الديموقراطي، فعقدت اجتماعات لها، حضرها ممثل بري النائب علي حسن خليل، لكنها لم تستكمل اجتماعاتها بعد ان وضع كل طرف بنود الحوار على الطاولة اذ طالب العريضي بأن يركز البحث على اقفال ملفي احداث الشويفات وقبرشمون اولا ثم يجري الحوار حول مواضيع اخرى لكن الغريب اقترح ان يكون البحث في سلة واحدة وليس مجزّّء ويشمل كل شؤون الطائفة الدرزية من المجلس المذهبي الى الاوقاف والحقوق المهدورة في مؤسسات الدولة الى الاتفاق على تفاهمات بتوزيع عادل على مكونات سياسية، داخل الطائفة، كي لا تشعر بالغبن لجهة الاستثئار بكل الحصص الدرزية داخل المؤسسات الرسمية من المجلس النيابي الى مجلس الوزراء فوظائف الفئة الاولى اضافة الى المجلس المذهبي ومشيخة العقل والاوقاف.
في لقاءات عين التينة عرضت الافكار والطروحات من العريضي والغريب لكنها انتهت الى لا نتائج وفق ما تؤكد مصادر متابعة للملف الدرزي الذي حصل فيه تسويات في السابق مثل ان يترك جنبلاط مقعدا شاغرا في لائحة الاشتراكي في عاليه ليحفظ مقعدا لارسلان، تقول المصادر التي تشير الى انه في زمن الوجود السوري تم الحفاظ على التوازن داخل الطائفة الدرزية ولم يغب اي من قواها السياسية عن التمثيل النيابي كما الحكومي وفي وظائف الفئة الاولى بالرغم من استثئار جنبلاط بالحصة الاكبر وفقا لحجمه السياسي وتمثيله الواسع في مجلس النواب كما حصل توافق درزي، على قانون للمجلس المذهبي الدرزي وقع عليه كل النواب الدروز بما فيهم ارسلان والنائب فيصل الداوود واتفقوا على شيخ عقل واحد وعينوا بالتوافق الشيخ ابو علي سليمان ابو دياب شيخا للعقل مكان الشيخ بهجت غيث واطاحوا به لكنه ربح عليهم في القضاء امام المجلس الدستوري واسقط مشيخة العقل من ابو دياب.
ولما حصل الانسحاب السوري انقلب جنبلاط على الاتفاق ودعا الى انتخابات للمجلس المذهبي وفاز الشيخ نعيم حسن بمشيخة العقل وحل مكان الشيخ غيث، فرد ارسلان بتسمية الشيخ ناصر الدين الغريب كممثل للجناح «اليزبكي» في الطائفة الدرزية كما انتزع جنبلاط المقعد النيابي من ارسلان في انتخابات ايار 2005 وحل مكانه فيصل الصايغ في عاليه وهو كان في فريق ارسلان ومسمى منه محافظا للجنوب، حيث تكشف المصادر على ان في التاريخ القريب منذ ثلاثة عقود تدور لعبة، القط والفأر بين المختارة وخلده فتحصل مصالحات وتليها صدامات ثم لقاءات ويعود الخلاف حول مقاعد نيابية واخرى من يتمثل في الحكومة، ثم لمن تكون الوظائف في الفئة الاولى وهي ليست كثيرة فعند كل استحقاق انتخابي يعود التشنج ومع شغور مقعد وظيفي سواء كان مدنيا او عسكريا يحصل صراع مثل رئاسة الاركان في الجيش والشرطة القضائية ونائب حاكم مصرف لبنان ومحافظ الجنوب الخ…
ولقاء خلده سيحضره رئيس «حزب التوحيد العربي» كناقل رسائل بين جنبلاط وارسلان، ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما بعد موافقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، على ان لا يحصر البحث فقط في الشأن الامني، بل بكل شؤون الطائفة. رحب ارسلان بهذه الايجابية التي ينتظر ان تقترن بالفعل وليس بالقول، حيث يؤكد ارسلان على ان نتائج لقاء خلده، تظهر مع ما سيترجمه جنبلاط الذي يقدم منطق «التسوية» على اي امر اخر وهو يدعو لها في كل الملفات، ومنها تشكيل الحكومة وهو مارس هذه السياسة في اكثر من محطة واعترف بأنه ذهب الى سوريا بعد مقتل والده كمال جنبلاط في 16 آذار 1977 وعقد تسوية مع الرئيس السوري حافظ الاسد فدام الحلف بينهما 29 عاما مستذكرا الايام الجميلة، في الدفاع عن العروبة ولبنان.
ولن يكون على طاولة البحث في خلده العلاقة مع سوريا، اذ كل طرف سيبقى على خياره السياسي، ارسلان حليف لها وصديق لرئيسها بشار الاسد، وجنبلاط ما زال على موقفه، لكنه انتقل من الانتظار على ضفة النهر مرور الجثة الى الوقوف على التلة يراقب التطورات السياسية والمتغيرات الاقليمية والدولية، ويرى الحوارات المفتوحة مع دمشق ودول ناصبتها العداء، ومنها السعودية التي زار رئيس المخابرات فيها خالد الحميدان دمشق، وقد تفتح سفارتها فيها.
فلن يكون لقاء خلده معبرا لجنبلاط الى سوريا وهذه ليست وظيفته ولا مهمته تقول مصادر مطلعة على الموقف السوري، حيث ينقل عن مصدر ديبلوماسي سوري انه من المبكر الحديث عن فتح ابواب دمشق امام جنبلاط الذي لا يؤمن له، وللقيادة السورية تجارب معه، اذ تم ابلاغ حلفاء سوريا في لبنان ان يهدأوا، ولا احد يتكلم باسم الجمهورية العربية السورية التي لها سفيرها في لبنان وهو الوحيد المخوّل التعبير عن موقفها الرسمي وكل ما يصدر في وسائل الاعلام عن زيارات الى دمشق وغير ذلك ليس صحيحا.
فلقاء خلده ليس الاول ولن يكون الاخير لان مثل هذا اللقاء يحصل في ظرف آني، ولمصلحة سياسية، ولا يبني لمستقبل طائفة، لم يقم زعماؤها والمتنفذون فيها ببناء اقتصاد منتج، بل زبائنية سياسية.