الدكتور علي عزالدين | مدير العلاقات في معهد الدراسات الدولية في لبنان
العنوان الأكبر الحصاد الشامل على الساحة اللبنانية هو الإنهيار،والانهيار هنا أتى على فترات متباعدة،إقتصادياً ومعيشياً ومن ثم أمنياً وانسحاباً للتفلتات المجتمعية بغية إنحلاله وتفكيكه،من ضمن الخطة المُحكمة لخنق لبنان المقاوم ومحاولة تغيير هويته المقاومة بالمحور الأكبر،ولِما لعبه حزب الله من أدوار مقدسة من إفشال المشروع الأميركي العالمي للإستفراد بالجبهات وعزلها بدءاً من اليمن ،العراق،سوريا..بعد هزيمة المشروع الأميركي العالمي في منطقتنا ،انتقل العقل الإجرامي لرعاة البقر إلى الأجيال الجديدة للحروب،فبعد الحرب الناعمة ،الحرب الثقافية،نحن أمام أنواع حروب متقدمة الجبهات عبر ادوات الاستكبار العالمي وأدواته العربية ومستخدميهم في الداخل اللبناني: الحرب الاقتصادية !!!.
كان هدف قطع الطرقات المُعلن هو الاحتجاج على ارتفاع سعر صرف الدولار حيناً وسوء الأحوال المعيشية حيناً آخر وإشعال الشوارع والاعتداء على المدنيين لإستدراج بيئة المقاومة للصدام العسكري مع بقايا ميليشيات الحرب الأهلية اللبنانية السابقة المتعطشة الإجرام الدموي،لكن حكمة المقاومة وتقديرها حالا دون تحقيق أي هدف لإشعال حرباً أهلية جديدة..
إنفجار المرفأ: دمّر جزءًا كبيرًا من الوعي اللبناني وراح نتيجته مئات الشهداء والجرحى،وما تبع ذلك من هجمة سياسية منظمة و حملات إعلامية مُغرضة لاتهام المقاومة بمسؤوليتها عن الإنفجار،وما برحت الحملات أن همدت حتى ظهرت نتائج التحقيقات العدلية التي انطلقت بعدها نفس الأوركسترا لتكيل الإتهامات تبعاً للإملاءات الأميركية والسعودية وتسييس مجريات التحقيق للنيل من بعض الرموز السياسية اللبنانية خدمة لسيدهم اليانكيز.
الحكومة: بعد أخذ و رد اشهر عديدة أمضاها المكلف بتشكيل حكومة جديدة الرئيس الأسبق السيد سعد الحريري بين زيارات و إعلانات و توصيفات و تحديات ،اعلن اعتذاره عن عدم الوصول للنتيجة المرجوة بتشكيل حكومة تعزل حزب الله عن الحياة السياسية وأيضا ً من ضمن خطة أميركية فشلت هي التالية بأحداث أي نصر سياسي مقابل قوة المقاومة ..
رفع الدعم ولعبة الدولار : إحتكار المشتقات النفطية من قبل عصابات وكارتلات الوكالات التجارية الحصرية اللبنانية للتحكم بالمسار الاقتصادي والهيمنة على التصورات السياسية لخنق بعض البيئات المستهدفة لتقليبها على قيادة المقاومة عبر إيجاد سوق مفتوح للتجارة الغير شرعية وتهريب ( البنزين والمازوت ) ،الى الخارج ومنعه عن الشعب اللبناني لخلق بعض المشكلات الأهلية ولتحقيق المكتسبات المالية الهائلة بطرق غير شرعية وغير قانونية.
بعد التصور بخلق مشاكل أمنية نتيجة فقدان المواد النفطية وارتفاع أسعار المواد الغذائية ،وإنجرار الشارع مقابل الشارع الآخر وتفجير السلم الأهلي إفساحاً بالمجال للتدخل الأممي طبقاً لقانون الأمم المتحدة تحت عنوان الفصل السابع في حال حدوث تهديدات للسلم الاجتماعي والأهلي او اي إخلال به …
فما الذي منع تحقيق أي من الأهداف المرجوة ؟
أ-بيئة المقاومة التي أظهرت وعياً كبيراً وآلت التحكم بغضبها وعدم الانجرار لما يريده المحور المعادي فكان تطبيق شعار الصبر والبصيرة بأعلى مراتبه والذي فاجأ الصديق قبل العدو.
ب-إستجرار المواد النفطية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر إرسالها سفناً محملاً بالمشتقات النفطية عبر سوريا إلى لبنان ،حيث عمدت قيادة المقاومة إلى توزيعها مجاناً على بعض الفئات على كامل الأراضي اللبنانية وبعدها كسرت السوق السوداء بتأمين المازوت وتخليص لبنان من فقدان مادة المازوت وقطع الطريق أمام الاعداء .
نظرية الوقوف على قدم ونصف،والتي أطلقها سماحة السيد حسن نصر الله مقابل اي إعتداء صهيوني على اي مجاهد مقاوم من المقاومة الإسلامية على طول الجبهات ،والرد حتى على قصف اي أراض لبنانية فكانت المعاملة الدم مقابل الدم والأرض مقابل الأرض وبالتالي كف ايدي الكيان الاسرائيلي على استهداف السفن الإيرانية التي أتت إلى لبنان حيث اعتبرها السيد حسن نصرالله أرضا لبنانية وبالتالي سحب فتيل انفجار شعبي وإفشال الخطط الأميركية الخبيثة لاستهداف الشعب اللبناني..
الإنتخابات اللبنانية : تعمد اميركا دائما ً للتدخل في شؤون لبنان الداخلية عبر سفرائها في كل الأزمنة ،وتُملي ما تريد على أدواتها ومستخدميها في الداخل اللبناني لمواجهة حزب الله فقط لا غير،حيث الاهتمام الأميركي الاول والأخير هو ضمان أمن الكيان الإسرائيلي .
عبر دعم المنظمات الغير حكومية ،وتوجيه بعض الإعلام اللبناني المسترزق على ابواب ممالك الخليج ،توجه كل هذه الإمكانات التصويب على حزب الله وعلى حلفائه لخلق روح التفرقة بينهما..تعمد في الآونة الأخيرة على تفعيل وتكبير اي تصريح يصدر عن أي حليف لبناني للمقاومة على أنه انكسار للأحلاف والاتفاقات ( الثنائي الشيعي ) و ( اتفاق مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر).أن إقامة الإنتخابات هو مطلب ظاهري أميركي لكن ما تحكيه في الخفاء مختلف جدا ً بعد فشل كل طرق الحروب ضد المقاومة ومعرفتها أن الانتخابات البرلمانية المقبلة في لبنان سوف تبرز قوة المقاومة وتعاظمها مقابل إنحسار المحور المقابل في الحياة السياسية اللبنانية..
إنه عام التحولات والتحديات الكبرى التي أريد لها أن تهزم مشروع المقاومة وشعبها وخنق بيئتها لكنها أظهرت حكمة ودراية في فك كل الألغام وتحويل أي أزمة إلى فرصة حياة وتجديد للولاية والمقاومة من لبنان الى آخر بقعة فيها مظلوم و مضطهد إلى تحرير آخر ذرة تراب من الأراضي اللبنانية المحتلة مرورا بيافا وحيفا و هزيمة المشروع الأميركي العالمي بطرد اخر مستوطن يهودي صهيوني عن الأراضي الفلسطينية المحتلة..