ناجي امهز | كاتب وباحث لبناني
لا يختلف اثنين ان لبنان الذي نعرفه كلبنانيين قد انتهى الى غير رجعة، لا أعنى لبنان سويسرا الشرق (1952 – 1968) ، ولا لبنان الحرب الاهلية التي شوهت وجهه وهجرت أبنائه ودمرت عمرانه ومزقت وحدته( 1976-1990) بل اقصد لبنان الذي عشناه الامس والذي وانتهى عام 2019 عندما هب العالم ليخبر على عجل ان لبنان مصاب بمرض سرطان خطير اسمه الفساد التهم اكثر من ثلاث مائة مليار دولار وخزينة الدولة وتعويضات المتقاعدين، وانكم من اليوم وصاعدا ستعيشون على الإعانات وربما يموت الكثير بسبب فقدان الدواء، او من الصقيع.
كابر اللبناني كعادته ولم يهتم لا بودائعه ولا حتى بتغير نمط حياته، بل اعترض على كلام وزير، قال لهم انكم ستعودون الى اكياس الخام لتحفيض الأولاد، واستخدام المحرمة بدل الكلينكس، بل لقد عدنا لما قبل استخدام النقود الى زمن تبادل القمح بالبيض، انا اعطيك بطاطا وانت بالمقابل تصنع لي شباك من الخشب.
اللبناني لا يريد ان يفهم ما يجري حوله لكنه مستعد ان يجادلك عشرة أيام بالسياسة الامريكية، وان يخبرك عن تقدم الصين وتراجع الاتحاد الأوروبي، وهو يضع ساق فوق ساق عارضا امامك حذائه الممزق.
خرج أحد الإباء المسيحيين في صيدا وأخبر اللبنانيين بان عليهم ان يفلحوا ويزرعوا أراضيهم كما فعل ابائهم واجدادهم سخروا منه، وقامت الدنيا ولم تقعد ضده.
في أحد لقاءات السيد المباشرة قال يا شعب لبنان ازرعوا كل شبر من تراب بلادكم حتى على شرفات المنازل، رفضت دعوته وقالوا له اذهب وازرع واحصد انت وحزبك.
على كل حال هي مسالة وقت حتى يفهم الشعب رغما عنه حتى لو كان لا يريد ان يفهم ما هو قادم.
عندما يصبح النفط يعادل راتب شهر سيفهم كيف يترك سيارته ثم يبيعها بربع حقها هذا ان وجد من يدفع، سيتعلم ان هاتف سامسونج يحتاج الى ميزانية وان شراء الايفون يعادل ثروة، وان اللحوم ستصبح من الحكايات الجميلة وحينها سيفهم المثل الذي يقول شم ولا تدوق.
من الان وصاعدا سيعلم الذي يحصل بالغربة على ألف دولار امريكي، انها اكبر من راتب نائب او وزير او حتى مدير عام في لبنان.
يا شعب لبنان، اسال الله لكم الهداية استيقظوا، فنحن نستعطي الدول من اجل الطعام وتامين الدواء، وغالبيتنا سيسجلون على منصات الأكثر فقرا، وحتى حليب الأطفال أصبح حلما، والذي يمرض بمرض عضال سيذهب الى من يرقيه، وبحال لم يشفى سيموت بمكانه.
يا شعب لبنان، الذين يستطيعون الهجرة هاجروا، ومن لم يستطيع الهجرة او السفر نزح من قريته الى المدينة هربا من أسعار المحروقات للتدفئة وأقرب الى المدرسة الحكومية حيث يرسل اطفاله سيرا على الاقدام بعد اقناعهم بفوائد المشي، او بعد اخبارهم كيف كان يسير الإباء كليو مترات تحت الثلج، ليحصلوا التعليم.
يا شعب لبنان الكهرباء عنا أصبحت تدل على الرفاهية، والقادر ان يستفيد من اشعة الشمس او ضوء النهار يعتبر من سادة القوم او البرجوازيين.
يا شعب لبنان دعونا نفكر لو قليلا بلقمة الطعام ومستقبل أطفالنا، بعيدا عن الانقسام السياسي، لان بحال بقي لبنان هكذا سيقسم الى دويلات كل دولة تطعم أبنائها مما يقدمه الخارج، وبعد فترة يزداد الفقر ويقسم المقسم.
حصلت محادثة بيني وبين أحد الأصدقاء، وقال لي اعرفك تحب فكفكة الالغاز، هل لديك تفسير لتسمية ماكرون شماس كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني.
وحديثه معي كان من خلال التباحث حول مقال كتبته منذ فترة طويلة عن لبنان المقسم.
وعند البحث وجدت ان تسمية ماكرون تعني باني اورشليم الجديدة.
يا شعب لبنان والله العظيم وحياة جميع الأنبياء والقديسين لبنان ليس بفكر احد من الدول الكبرى، حتى عندما التقى قداسة البابا مع بايدن لم يكن لبنان موجودا على طاولة البحث، يكفي أوهام، وان لبنان هو نقطة ارتكاز الكرة الأرضية.
حتى قداسة البابا أعلن ان لبنان يحتضر: “أيها الرب الإله خُذ لبنان بيده وقُل له:”إنهض، قُم!” كما فعل يسوع مع ابنة يائيرس”
وكان في كفر ناحوم رجل اسمه يائيرس، وهو رئيس المجمع هناك. كانت له ابنة توشك على الموت، لم تنجح معها معالجات الأطباء، ولا خدمة الأقرباء ولا تضرعات الأحباء. ولم يبق رجاءً إلا في الالتجاء إلى الناصري الشهير.
يا شعب لبنان نحن نحتضر لا نتحضر، اما ان الأوان، ان نتوحد ونستخرج نفطنا وغازنا، وان يكون الجيش والشعب والمقاومة هم السياج الحامي من كل الاطماع للدول الكبرى بثرواتنا.
والا العالم كله ذاهب الى تقسيمنا حيث تأخذ فرنسا البلوك رقم أربعة، وروسيا تقاسمنا على البقية في الشمال، والعدو الإسرائيلي يحاول قضم جزء كبير من بلوك تسعة.