لبنان بين مرحلتين : انظروا اليها تحترق .. انظروا اليها تُبحر
الدكتور علي عز الدين | كاتب وباحث سياسي
لعلّ المراقب لسير الأحداث العالمية وتحديداً معارك البحار او كما سُميّت سابقاً أولى الشرارات للدخول في الحروب العالمية..
منذ نشأة حركات القراصنة وسيطرتهم غير الشرعية على مسارات بحرية واسعة ، هناك الكثير من الدراسات التي قالت أنّ بعض هذه القرصانات كانت مدعومة من بعض الدول تماماً كما يحدث الآن عبر إستنساخ العصابات التي تعمل بأوامر وايحاءات خارجية ويُطلق عليها مُسَميات مختلفة مُلَطّفة كي تلقى القبول وكي تجذُب بعض ضعاف النفوس بمغريات مادية او مناصبية لاحقا ً..
تعبير حرب اعالي البحار ،او حرب الغواصات لاحقاً ،استخدمته الدُوَل المتحاربة قبل إثناء وبعد الحروب العالمية،الغاية من وجود الغواصات البحرية العسكرية كان الهدف منه أولاً التخفّي عن أعين الاعداء وتالياً ضرب أهداف عسكرية دون معرفة من قام بالإستهداف،كما يحدث في أيامنا هذه من استهدافات لبعض السفن بطريقة غامضة او عبر مُسَيرات مجهولة المصدر معروفة النتيجة وتدخل ضمن الحرب الجديدة تُشبِه الحرب الباردة لكنها حرباً من نوعٍ آخر،لنُسمّيها الحرب الباردة الخشِنة ،تُعطي النتيجة المَرجوة دون التورط بمواجهات مباشرة بين المتحاربين في الخفاء..
لكن ما حدث منذ فترة من كسر حصار صارم وغاشم على دولة ممانعة ضد قوى الإستكبار الاميركي ،فنزويلا التي عانت كل انواع الحروب والإنقلابات وما لانت ،وما تراجعت عن مبادئها الثورة الإنسانية ،السفن الإيرانية إنطلقت علناً الى أقاصي الأرض مرورا ً بأعالي البحار وفي عزّ جَبروت الإدارة الأميركية وفي ظل غطرسة وجنون الرئيس الأميركي السابق ترامب،وعل عينك يا فاجر ،وصلت السفن وأتبعها جولات متتالية بعضها أُعلِنَ عنه ،دون ان تتجرأ القوات المسلحة الاميركية المساس بها حتى لو على طريقة الحرب الباردة الخشنة كما ذكرنا سابقاً..
(في تحقيق صحافي لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، عن مركز حيفا للأبحاث البيئية قوله إن هناك ” 1500 منطقة خطر في ميناء حيفا، و800 نوع من المواد الكيميائية الخطرة في الميناء، في المصانع بجوار غرف نومنا).هذا كان جزء من تحقيق داخلي لصحافي في الكيان الصهيوني الغاصب،وحيفا كما هو معروف قريبة نارياً ولا يَعجَز من يَريد إستهدافها من إصابة اية أهداف يريد ضربها ،فكيف بالمقاومة والتي باتت تملك الصواريخ الدقيقة والتي لا تُخطيء وتملك من التكنولوجيا ما يجعلها تخرُق كل المنظومات الدفاعية التي اثبتت فشلها الذريع بحرب غزة الاخيرة ( معركة سيف القدس).
ضمن معادلة الردع،الدم بالدم والأرض مقابل الأرض،يُعلِن اليوم سماحة السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله عن مواجهة من نوع جديد تندرج ضمن كسر الهيمنة الدكتاتورية الأميركية المفروضة على لبنان عبر إستجلاب سفينة من إيران عبر البحر ،جهاراً نهاراً وعلناً كما أعلن سماحته في خطاب سابق،فعلى ماذا تُراهِن قيادة المقاومة؟
لِنَقُل أنّ الاميركي بدأ منذ فترة يعمل بنفسه،بجهده،بعد فشل كل القراصنة الذين صرف عليهم مليارات الدولارات دون نتيجة ودون أثر،خلعت شِيَا قفازات الأدوات ولبست الوجه الاميركي لراعي البقر،وهذا ما اعطى المقاومة حرية اكبر للمواجهة لإن المقاومة اعلنت في كل مناسبة أنها لن تنجر الى حرب داخلية اهلية.
ثانيا ً كيف للأميركي المهزوم في سوريا واليمن والعراق وآخرها هزيمته المُدوية في افغانستان أن يُكمِل بنَفس الإستراتيجية المُتبَعة التي اثبتت فشلها في قمع حرية الشعوب الثائرة الممانعة الطامحة الى الحرية؟
إعتبار السفينة المُبْحرة اراضٍ ّ لبنانية أدخلها ضمن معادلة الرد وضمن معادلة الرعب ضد أعداء المقاومة وهنا أخرج القيادة الإيرانية من اي إحراج قد يحدث جراء استهداف السفن الآتية الى لبنان ،بمعنى أن هذا الإستهداف إن حصل فهو يستوجب ردا ً من حزب الله ضمن معادلات الحرب التي فرضتها قوة المقاومة..
إنّ أيْ استهداف لهذه القوافل التي كسرت الحصار الاميركي سوف يُعرّي اميركا اكثر امام العالم وخاصة امام الشعب اللبناني التوّاق للتحرر من مزاجية فتح الاعتمادات الاميركية عبر موظفيها في لبنان في حاكمية المصرف وفي مراكز الإحتكار ،الكشف عن الوجه الاميركي الذي أباد حضارة الهنود الحمر ،الذي احرق بلدان كثيرة حول العالم ،هذا الوجه القذر سيتكشف اكثر بحال الإصرار على التوغل في دم الشعب اللبناني الصابر وسيتحول اغلبه الى بيئة حاضنة للممانعة بغاية التحرر من سطوة دكتاتورية الدول المعادية والطامعة في ثروات لبنان النفطية والغازية،عدا طبعاً القراصنة الذين لم يتعلموا من دروس التاريخ في سايغون ،ولا حجّة لهم بما حصل بأقرانهم الافغان المتروكين خلف الاميركي وكلابه..
لكل سفينة اسم واسم السفينة القادمة الأولي كان ببركة الامام الحسين في العاشر من مُحرّم .
أنظروا اليها تحترق،الى أنظروا اليها ترسو معادلات رُسِمَت بدم الشهداء والجرحى وزُخْرِفََت بصير وبصيرة الشعب المقاوم على درب زمن الانتصارات.