لاجئون اسرائيليون في لبنان !

نبيه البرجي | كاتب وباحث لبناني

ألم تقل هيلاري كلينتون ان تكنولوجيا الصواريخ يمكن أن تقلب مفاهيم ـ ومعادلات ـ القوة في الشرق الأوسط رأساً على عقب ؟
زميل مصري نقل لنا عن ديبلوماسي كان يشغل موقعاً “حساساً” في السفارة المصرية في تل أبيب أنه لا يستبعد أبداً , اذا ما اندلعت الحرب بين ايران واسرائيل , أن يتدفق آلاف اللاجئين الاسرائيليين من مناطق الجليل , وحتى من الشريط الساحلي , الى لبنان .
هذا منطق الأشياء , الهروب من الجحيم الى أي مكان آخر . لن نبدأ , منذ الآن , باقامة مخيمات من الرخام لهؤلاء الضيوف . مثل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين , ومخيمات النازحين السوريين , مخيمات للاجئين الاسرائيليين . هل من مشكلة في توطينهم ؟
اللجوء لن يقتصر على لبنان , الى مصر , وسوريا , والأردن . هكذا يفضلون الهروب الى البلدان العربية على أن يقضوا في الملاجئ تحت الركام . واثقون من أن العرب الذين يكرهون بعضهم البعض , ويقتلون بعضهم البعض , سيستقبلونهم بأطباق الحلوى …
ريتشارد (ناثان) هاس , وكان مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي , اذ يعارض “أي سقوط آخر في المستنقع” , يدعو , وهو اليهودي , الى الخروج من المنطقة . “لكأننا هناك مثل سيزيف , وهو يحاول , عبثاً , أن يحمل الصخرة . تصوروا أن نضع ناطحة سحاب على ظهر فيل . هكذا حالنا الآن … ” .
في السياق نفسه , وصف الكرة الأرضية كلها , بالمتعبة والقلقة , لكأنها تدور , وكما تقول الأسطورة الأوروبية , على قرن ثور . المشكلة في نظام الاستقطاب الأحادي الذي أثبت عجزه عن ادارة الصراعات في العالم .
قال “ذهبنا الى أفغانستان لازالة رجال تورا بورا . بعد عشرين عاماً , وانفاق ما يربو عن التريليوني دولار , عدنا وسلمناهم مقاليد السلطة , لنرى ملايين الأفغان مهددين بالموت جوعاً . وذهبنا الى العراق لازاحة صدام حسين , فاذا بنا أمام نوع من الحكام أعادوا , بفسادهم , بلاد الرافدين , وهي أرض الحضارات , الى العصر الحجري” .
سأل “هل بامكان أحد أن يتكهن بمن يحكم العراق الآن , نحن أم الايرانيون , أم الأتراك , أم السعوديون ؟” .
لا مناص من التاريخ الآخر , وحيث يفترض بالحضارات أن تتفاعل “لا أن تقوم سياساتنا على احياء الثقافات القبلية والايديولوجيات التي تترعرع بين المقابر” .
هاس , الذي شغل العديد من المواقع ,الديبلوماسية , والاستشارية , الهامة , وكان رئيساً لمجلس العلاقات الخارجية , رأى “أن صمويل هانتنغتون , الأميركي , من أطلق مشروع , وليس فقط نظرية , “صدام الحضارات” , بموازاة النظرية الفارغة لفرنسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ , بالتزامن (العضوي) مع نهاية الايديولوجيا . ما فعلناه أننا أطلقنا العنان للتاريخ المجنون , كما للاديولوجيا المجنونة” .
واذا كانت الأضواء تتمحور الآن على الاحتمالات العسكرية في الشرق الأوروبي , تنهمك معاهد الأبحاث الأميركية والأوروبية , في الغوص في قراءة النتائج .
ثمة اسئلة تطرح في بعض هذه المعاهد “هل ننتظر من الدب القطبي أن يبقى في البيات الشتوي , وراء الثلوج , فيما نضربه بالعصا على قدميه , وربما على رأسه , بالحاق الدول الأوروبية المتاخمة , أو المجاورة , له , بحلف شمال الأطلسي , بالتالي محاصرته بحزام من الصواريخ التي على رمية حجر من موسكو ؟” .
سؤال آخر ما اذا كانت ايران “ستبقى وحيدة اذا ما شنينا عليها الحرب . الروس هناك , والصينيون هناك , ولسوف يجدونها الفرصة الذهبية لدفننا في ذلك المجهول ؟” .
خبراء في التخطيط الاستراتيجي يعتقدون أن تلك الطريقة المملة التي ينتهجها الايرانيون خلال المفاوضات لا تترك مجالاً للشك في أنهم يستخدمون هذه المفاوضات , بانتظار أن يضعوا القنبلة تحت الطاولة , أو فوق الطاولة .
ونحن عشية تحولات كبرى في مسار العلاقات الدولية , بتداعياتها الفورية , على الشرق الأوسط , لا تستبعدوا , أبداً , أن نرى توقعات الديبلوماسي المصري على الأرض . لاجئون اسرائيليون في لبنان . قلما كان التاريخ منطقياً الى هذا الحد …

 

الديار

Exit mobile version