كم ريجيني بمصر.. تقرير حقوقي يرصد ارتفاع وفيات السجون

العالم – مصر

جاء ذلك من خلال التقرير الذي أعدته المنظمة عن حالات الوفاة داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية الرسمية وغير الرسمية، والذي رصد بشكل عام الوفيات منذ عام 2013، مع التركيز بشكل خاص على الوفيات التي حدثت في الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والذي حمل عنوان “كم ريجيني في مصر منذ 2013″، في إشارة إلى الطالب والباحث الإيطالي الذي عُثر على جثته بالقاهرة في 3 شباط/ فبراير 2016، وعليها آثار تعذيب، وسط اتهامات متبادلة بين إيطاليا ومصر تشير لتورط أجهزة أمنية مصرية في قتله جراء تعذيبه.

وقالت المنظمة إنه “خلال الفترة من حزيران/ يونيو 2013 إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وصل عدد حالات الوفاة التي تمكنت من رصدها داخل مقار الاحتجاز إلى 1058 وفاة”، مشيرة إلى عودة وقائع الوفاة داخل مقار الاحتجاز للارتفاع بواقع 100 حالة في عام 2020، مقارنة بانخفاضها النسبي في 2019.

وذكر التقرير أنه بتحليل أسباب الوفاة على مدار تلك السنوات، يتضح تصدر الوفاة بالحرمان من الرعاية الصحية منذ استحواذ السلطة العسكرية على مقدرات الحكم في 2013، بينما تذبذبت أعداد الوفيات بسبب التعذيب، فيما يأتي عام 2013 الأسوأ بكل المقاييس، ففي غضون ستة أشهر فقط (حزيران/ يونيو – كانون الأول/ ديسمبر 2013)، وقعت 85 حالة وفاة على يد سلطات الاحتجاز، 57% منها (49/85) كانت بسبب التعذيب الوحشي، و36% (31/85) كانت بسبب الحرمان من الرعاية الصحية”.

واستطردت قائلة: “بصفة عامة، وصلت نسبة وقائع الوفاة بالحرمان من الرعاية الصحية لـ 71.9% (761/1058) من إجمالي وقائع الوفاة داخل مقار الاحتجاز خلال فترة التقرير، تليها الوفيات بالتعذيب التي بلغت نسبتها 13.6% (144/1058)، ثم الوفيات بسبب سوء أوضاع الاحتجاز 4 بنسبة 2.7% (29/1058)”.

وأشار التقرير لتصدر الوفيات في محافظات (القاهرة، والمنيا، والجيزة)، بواقع (236، 104، و100 حالة وفاة)، تمثل ثلاثتها 41.5% (440/1058) من إجمالي وقائع الوفاة داخل مقار الاحتجاز في الفترة التي شملها التقرير؛ ويرجع هذا لانتشار مناطق السجون العمومية، وارتفاع عدد أقسام الشرطة في تلك المحافظات.

كما قام التقرير بتحليل وقائع الوفاة بحسب أنواع مقار الاحتجاز، حيث تصدرت حالات الوفاة داخل أقسام ومراكز الشرطة بواقع 55% (584/1058)، تليها السجون المركزية والعمومية بواقع 33.9% (359/1058)، مع ارتفاع أعداد الوفيات بين المحتجزين والسجناء داخل سيارات الترحيلات ومعسكرات قوات الأمن المركزي ومقار المحكمة بواقع 43، و20، و16 حالة وفاة على التوالي.

أما عن عام 2020، والذي شهد ارتفاعا ملحوظا في أعداد حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز بمصر؛ وذلك بسبب السياسات التي اتبعتها وزارتا الصحة، والداخلية المصريتان في تعاملها مع أزمة جائحة “كورونا”، فقد وصل عدد حالات الوفاة جراء الفيروس إلى 17 حالة؛ وذلك بسبب انتهاز وزارة الداخلية أوضاع الطوارئ -سياسة وسلوكًا وممارسة- للتنكيل بالمواطنين، فيما تتخاذل وزارة الصحة وتعجز المرافق الصحية داخل مقار الاحتجاز عن علاجهم، بحسب التقرير.

ورصدت “كوميتي فور جستس” 100 حالة وفاة داخل مقار الاحتجاز، تصدرتها الوفيات في شهر حزيران/ يونيو (15)، وأيلول/ سبتمبر (14)، وشهري أيار/ مايو وتموز/ يوليو (بواقع 12 حالة وفاة لكلٍ منهما)، لتمثل جميعها 53% من إجمالي الوفيات خلال فترة التقرير.

وبحسب التقرير، فإن التوزيع الجغرافي لحالات الوفاة تلك جاء كالتالي: حيث وصل عدد الوفيات المرصودة في القاهرة فقط لـ 46% (46/100) من إجمالي الحالات المرصودة، وجاءت الشرقية في المرتبة التالية مباشرة بواقع 16% (16/100)، ثم المنوفية والإسكندرية والجيزة بواقع 10، 7، و7 وفيات داخل مقار الاحتجاز.

وصنف التقرير أنواع مقار الاحتجاز التي تم رصد وتوثيق وقوع حالات الوفاة بها، حيث تصدرتها السجون المركزية والعمومية بواقع 52% (52/100) من حالات الوفاة، تليها أقسام ومراكز الشرطة بواقع 41% (41/100).

كما صنف التقرير أيضا حالات الوفاة بحسب نوعية الاتهامات والقضايا التي كان المتوفون مدرجون عليها، فقد ارتفع عدد المتوفين بين السجناء والمحتجزين على خلفية قضايا ذات طابع سياسي ليصل إلى 68 وفاة، أي أكثر من ضعف الوفيات بين المدرجين على قضايا ذات طابع جنائي (32 وفاة)، كما توزعت الوفيات بسبب الحرمان من الرعاية الصحية بين 55 وفاة في القسم الأول (السياسي) مقابل 29 وفاة لنفس السبب في القسم الثاني (الجنائيين).

كما أشار تحليل البيانات وفقا للتقرير، بحسب الفئات العمرية للضحايا وأسباب الوفاة داخل مقار احتجازهم، إلى وقوع 52% من الوفيات (52/100) بسبب الحرمان من الرعاية الصحية لضحايا تراوحت أعمارهم بين فئتي كبار السن (15 وفاة)، ومتوسطي العمر (47 وفاة)، وتشير النسبة بين الوفيات في تلك الفئتين – ولهذا السبب- لتقصير سلطات الاحتجاز في رعاية كبار السن صحيًا من جهة، ولتنكيلها بمتوسطي العمر خصيصًا وتعمد حرمانهم من الرعاية الصحية -رغم مسؤولياتها بموجب القانون المحلي والدولي- بما أفضى لموتهم بهذه الوتيرة.

وحول التقرير، قال المدير التنفيذي لـ “كوميتي فور جستس”، أحمد مفرح: “لم يكن ريجيني الضحية الوحيدة للسلطات المصرية، فمن بعده جاء المواطن الفرنسي إريك لانج، والأمريكي جيمس هنري لون، وغيرهم من الذين قتلوا بدم بارد، ودون محاسبة لقاتليهم ومعذبيهم حتى الآن، وسط صمت دولي مريب، ودعوة عاجلة للضغط من أجل فتح تحقيقات في وقائع الوفاة للأجانب والمصريين داخل مراكز الاحتجاز في مصر”.

وفي ختام تقريرها، دعت “كوميتي فور جستس”، السلطات المصرية للتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وتفعيل النصوص الدستورية المجرمة لجرائم التعذيب، وإيقاف الضباط، والقائمين، والمشرفين على عمليات التعذيب والإخفاء القسري، ومحاسبتهم، وتعديل مواد بعض القوانين التي تتيح ارتكاب انتهاكات بحق المحتجزين.

كما طالبت المنظمة بزيادة أعداد الأطباء المكلفين بالعمل داخل السجون المركزية والعمومية بما يتناسب مع أعداد المحتجزين والسجناء، وتخفيف التكدس داخل مقار الاحتجاز، وتوفير عدد كاف من غرف العزل أثناء الطوارئ الصحية، ومحاسبة المسؤولين في مجمع سجون طرة -وغيره من مقار الاحتجاز التي ظهرت بها حالات الإصابة بوباء كورونا-، عن مسؤوليتهم في تطهير الغرف التي ظهرت بها تلك الحالات، وعزل المخالطين لها في الحجر الصحي، وتتبع حالتهم الصحية.

وشددت “كوميتي فور جستس” على ضرورة إلزام وزارة الداخلية المصرية، وسلطات الاحتجاز بتطبيق المادة 38 من قانون تنظيم السجون بشأن التراسل بين المحتجزين/ السجناء وذويهم، والكف عن ممارسات العقاب الجماعي، والتعسف في استعمال أدوات ووسائل التأديب للتنكيل بالسجناء/ المحتجزين أو/و ذويهم عبر حرمانهم من التواصل، وعبر قرارات التغريب، والمنع من الزيارات، والحبس الانفرادي المطول.

الكاتب :
الموقع :www.alalamtv.net
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2020-12-12 22:12:21

رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version