اخبار لبنان

كلمة سماحة السيد في الذكرى الثلاثين ‏لانطلاقة المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق في 19-1-2023

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

في البداية أُرحب بالحضور الكريم في إحتفالنا التكريمي هذا، وأيضاً في البداية أتوجه بالشكر إلى ‏كل الإخوة الأعزاء الذين تعاقبوا على إدارة ومسؤولية هذا المركز انتهاءا بالأخ السيد عبد الحليم ‏فضل الله ولكل الإخوة والأخوات الذين عملوا خلال ثلاثين عاماً، في هذا المركز في أقسامه ‏ودوائره المختلفة وحققوا هذه الانجازات.‏

نحن دائماً ننظر إلى الانجازات على أنها نتيجة العمل الجماعي جهد الجميع الإخوة والأخوات ‏بإختلاف المواقع والمستويات.‏

وفي مسيرتنا لا نَنسب الانجازات إلى شخص أو إلى أشخاص محددين، نحن نُؤمن بأن كل ‏الانجازات التي تتحقق على كل الصعد والتي تحققت هي نتاج كل هذه الجهود المباركة الجماعية.‏

احياء هذه الذكرى، لماذا الآن؟ لأنه مر ثلاثين سنة، احياء هذه الذكرى من جهة للتعبير عن تقديرنا ‏لجهود الإخوة والأخوات في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق وانجازاتهم، وشكرهم على ‏جهودهم وعملهم الدؤوب، ومن جهة أخرى  للإضاءة على انجازات وعطاءات هذا المركز في ‏مسيرتنا باعتباره أحد المواقع المشرقة والمؤثرة، وأيضاً للتأكيد على موقعه في مسيرتنا في لبنان.‏

بالتأكيد ما سمعناه قبل قليل سواء من الشهادات الحيّة من الشخصيات الكريمة الذين نعتز بهم أو ‏في الشريط المسجل، هذه الشهادات نحن نعتز بها ونجلها، وتزيدنا ثقة وأمل وإصراراً على مواصلة ‏العمل إن شاء الله.‏

قبل ثلاثين عاماً بدأت الفكرة بحدود مركز دراسات إنمائية، في ذلك الوقت كانت قيادة حزب الله ‏المنشغلة بشكل كبير بالعمل الميداني لم تكن غافلة عن الإحتياجات في مجتمعنا، المجتمع الذي يقاوم ‏ويتحمل أعباء المقاومة، فبدأت مسألة أنه لندرس ونرى الأوضاع الانمائية الحاجات الانمائية، ما ‏الذي يمكننا فعله، وما يمكننا عمله، بدأت الفكرة هكذا.‏

طبعاً هذه الفكرة التي تأسس على أساسها المركز الذي سُمي في ذلك الحين بالدراسات الانمائية ‏يدل على اهتمام حزب الله المبكر بالشأن الإنمائي والحياتي، بالرغم من انشغاله الكبير بالمقاومة ‏بالتحديات التي كانت سائدة قبل ثلاثين عاماً والضغوط الكبيرة، ويدل أيضاً على أن حزب الله منذ ‏البداية كان يريد وما زال كان يريد أن يعمل على أساس علمي ومدروس، ومتقن، عندما يُقارب كل ‏الملفات بما فيها الملف الانمائي حينها والذي تطور إلى ملفات لاحقة، مع الوقت مع السنين مع ‏التحديات، مع ازدياد المسؤولية واتساع مساحتها، تطورت الفكرة نظراً للحاجات والتحديات، وعلى ‏مدى ثلاثين عاماً، وبالتالي تطور معها المركز إلى أن وصل إلى وضعيته الحالية، لأنه دائما هو ‏كان مطلوب بالدرجة الأولى أن يستجيب لحاجات هذه المسيرة على أكثر من صعيد.‏

لا أُريد تكرار ما ورد في الكلمات والتقارير المصورة، حول بداية المركز وانجازاته وأهميته ‏وعطاءاته، لكن بكلمة بموجزة لأنه أيضاً مطلوب مني أن أُقدم شهادة، بكلمة موجزة، المركز الاستشاري ‏كان وما زال السند العلمي الحقيقي لهيئاتنا القيادية ولمؤسساتنا ووحداتنا وملفاتنا المختلفة.‏

المكان الذي نلجأ إليه أو الذي يمدنا بكل ما نحتاجه على مستوى الدراسات القانونية، الاقتصادية، ‏المالية، النقدية، الإنمائية، الادارية، الدراسات الإستراتيجية في الجانب السياسي، أو الدراسات ‏السياسية الإستراتيجية، خصوصاً ما يتصل بالصراع مع العدو الاسرائيلي والهيمنة الأمريكية ‏وحركات المقاومة، في الحقيقة هو في هذا البعد هو ليس مركز دراسات فقط لنا، بل هو مركز ‏دراسات لكل محور المقاومة في كل المنطقة، كل ما يرتبط بشؤون المجتمع والدولة ولبنان ‏والمنطقة هذا هو سندنا العلمي والفكري والدراساتي، وأيضاً ما يقدمه من اقتراحات ومن تقدير ‏موقف، ومن رؤى.‏

منذ البداية أيضاً كان الهدف الأساسي، وهذا تحدثنا به مع الإخوان منذ اليوم الأول لتأسيس المركز، ‏البحث عن الوقائع، عن الحقائق، نحن لا نُريد مركز دراسات يأتي ويقول لنا ما نحن نُحبه، أو ما ‏نُحب أن نَسمعه، كُنا نقول للإخوان أنتم مسؤوليتكم أن تُقدموا لنا الصورة الحقيقية الخارجية، ‏الآلام، الصعوبات، نقاط الضعف، نقاط القوة، حتى لو كان في أمر ربما للوهلة الأولى أحياناً يدعو ‏إلى اليأس أو يدعو إلى الإحباط، أو معطيات أو معلومات مُؤلمة، أو مُحزنة، نحن يجب أن نعرف ‏الحقيقة، ما الذي سوف نُقدمه لاحقاً هذا له علاقة بمرحلة ثانية.

إذاً أولاً نَأمل من المركز وهذا من البداية هو إلتزم هكذا وعمل هكذا، نُريد ‏الحقائق، نُريد الوقائع الخارجية مثلما هي وليس كما نحب ولا كما نهوى ولا كما نفترض، لأنه ‏إذا أردنا بناء تقدير موقف على ما نُحب، أو على ما نَفترض بمعزل عن الحقائق والوقائع ‏سنرتكب أخطاء كبيرة، كما قال الدكتور منير قبل قليل، أيضاً كان الهدف أنه ليس فقط جمع معلومات واستطلاعات رأي، ‏ودراسة وقائع، واستكشاف حقائق، بل تَقديم أفكار واقتراحات ورؤى وخطط وبدائل، بالإستناد ‏على كل التجارب السابقة، تجارب انسانية، وبشرية، هذا ما يدعو إليه العقل وما يدعو إليه أيضاً ‏ديننا ونبينا وقرآننا وأئمتنا عليهم السلام، الاستفادة من كل هذه التجارب طوال التاريخ.‏

من يستفيد من تجارب أمة لألف سنة كأنه عاش ألف سنة، من يستفيد من تجارب شعوب على ‏مدى 5000 سنة كأنه عاش 5000 سنة، هذا مضمون موجود في كلام أمير المؤمنين عليه السلام.‏

الاستفادة من كل العقول الموجودة، نلتقي معها عقائدياً، أيديولوجياً، نختلف معها حتى بالسياسة، ‏حلفاء، أصدقاء، خصوم، محايدون، طالما هناك عقل علمي، هناك فكر، هناك تخصص، ويمكن ‏الإستفادة منه يجب الاستفادة منه، لا ننغلق على أنفسنا، أو على دائرتنا المعينة.

والبحث أيضاً عن أفضل السبل، أيضاً عندما نتحدث عن الحلول من أجل التطوير، من أجل ‏النهوض، من أجل المعالجة، نبحث عن سبل واقعية وحقيقية، تنطلق من الامكانات الواقعية، من ‏الفرص المتاحة، أيضاً هنا لا نقدم رؤى على أساس ما نحب، أو نهوى، أو نفترض، أو نظريات ‏خيالية لا.‏

نحن أردنا لهذا المركز منذ البداية أن يكون مركزاً علميا فكرياً دراساتياً تقديرياً رؤياوياً، يُقدم ‏رؤى و.. و.. و..، مُلتصقاً بالوقائع بالحقائق، بالأرض، بالميدان، لا أن يجلس فوق برج عاجي ‏ويعمل نظريات تحتاج إلى مئة سنة ولا توجد إمكانية كي تتحقق.‏

هذا كان من أهم عناصر القوة في نجاح وأداء هذا المركز، أيضاً نحن نظرنا إلى المركز ‏الاستشاري على أنه صلة الإتصال الطبيعية والأفضل بيننا، أقصد كمقاومة وكحزب سياسي أيضاً، ‏وبين النخب من علماء، وخبراء، ومختصين وأساتذة ودكاترة، لأنه هو مكان علمي طبيعي يستطيع ‏أن يتحرك أن ينفتح، ويستطيع أن يتواصل، وأنا أيضاً اليوم أعلن لأن هناك ناس أحياناً يُرسلون ‏رسائل أو يَكتبون على شبكات التواصل أو ما شاكل..، أنه لدينا دراسات، لدينا أفكار، لدينا رؤى، ‏لدينا اقتراحات، كيف نوصلها، أنا أقول صلة الوصل بيننا وبين كل هذه العقول وكل هذه المبادرات ‏هو المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق.‏

طبعاً ماذا عمل المركز؟ وماذاعقد مؤتمرات وندوات وشارك وحلقات بحثية؟ كله ورد في التقارير.‏

أنا أريد الحديث بالجانب الذي له علاقة بنا نحن من موقع مسؤوليتنا، حتى الاسم عندما درست قيادة ‏حزب الله اسم المركز لاحقاً، الذي صار مركز علني ومنفتح على كل الشرائح، اخترنا اسماً عاماً، ‏أيضا لتسهيل التواصل ولتسهيل العمل.‏

عادةً أنتم تعرفون أن مؤسساتنا، الكثير من مؤسساتنا، تتخذ أحياناً عناوين تُعبّر عن هويتنا الإيمانية أو ‏الجهادية أوالإسلامية وما شاكل…‏، لكن المركز أعطيناه اسم عام المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، ليس له لا هوية أيديولوجية، ‏ولا هوية عقائدية، ولا هوية سياسية، بل عنوان منفتح، وأيضاً الإدارة وهامش الحركة الإدارية ‏المتحررة بنسبة كبيرة من الضوابط والقيود التنظيمية التي  نعتمدها في مؤسساتنا الداخلية، لأننا أردنا لهذا المركز أن ينطلق في أوسع مساحة ممكنة في لبنان وفي العالم العربي وفي العالم، ‏مما يُمكنه من تحقيق أهدافه.‏

أَود أن أُؤكد أن ما أنتجه المركز كان دائماً يوجد له استثمار كبير في قيادة حزب الله وهيئاته  ‏القيادية ومؤسساته وأطره المختلفة.‏

هناك الكثير من مراكز الدراسات التي أجرت دراسات وقدمت دراسات وقدمت أفكار أو اقتراحات، وبقيت ‏عندها في المراكز، لم يتبناها أحد، لم يحملها أحد على محمل الجد، لم يعمل على تسويقها وعلى ‏تنفيذها وعلى متابعتها أحد، ربما حتى بعض مراكز الدراسات التابعة لقوى سياسية.‏

في مسيرتنا لا، وأعتقد أن هذا أحد الأسباب الذي كان دائماً يجعل الإخوة والأخوات والقيمين على ‏المركز الاستشاري في حالة نشاط وحيوية ويدئبون في الليل وفي النهار في العمل، لأنهم كانوا ‏يرون ثمرات انجازاتهم واقتراحاتهم وخططهم ودراساتهم ومعطياتهم ومعلوماتهم، يرونها في ‏المجلس النيابي، في الحكومة، في الموقف السياسي، في المشاريع والبرامج التي تتابعها مختلف ‏الجهات والمؤسسات المعنية في حزب الله.‏

في الانتخابات النيابية أنا تَحدثت عن كتلة الوفاء للمقاومة، وقُلت أن الإخوة يبحثون ويدرسون كل ‏شيء، كل اقتراحات القوانين، كل مشاريع القوانين، كل ما يُقدم لمجلس النواب، لا يذهبون للتفكير ‏وهم يجلسون في الجلسة أو يجلسون في اللجنة، هم كنواب معنيين يناقشون جانبياً وككتلة معنية أن تُناقش جانبياً قبل ‏أن تذهب للنقاش والتصويت والإقرار.‏

من يقف خلف كتلة الوفاء للمقاومة في كثير من هذه الدراسات والنقاشات والملاحظات المركز ‏الإستشاري، أي الإخوة والأخوات العاملون في المركز الإستشاري.‏

كتلة الوفاء للمقاومة تأخذ بجدية عالية وبإحترام كبير ما يقدمه المركز وتناقشه وتناقش على أساسه ‏وتبني على معطياته، وتذهب إلى اللجان النيابية أو اللجان الفرعية أو اللجان المشتركة أو جلسات ‏الهيئة العامة.‏

في ملفات العمل الحكومي كذلك ما يرتبط بالوزارات، خصوصاً التي يتولاها وزراء من إخواننا ‏ومن احباءنا وأعزاءنا، قبل أن يرتبط بالوزارات الأخرى، عندما نُريد أن نُقدم أي فكرة أو وجهة ‏نظر أو ندرس أي مشروع مُقدم.‏

وهكذا أيضاً فيما يتعلق بكل الشؤون المرتبطة بوضع المجتمع وبوضع الحياة العامة في أبعادها ‏المختلفة، الحياة السياسية، الإصلاح السياسي، الإصلاح الاداري.‏

الأخ السيد عبد الحليم أشار قبل قليل لموضوع قانون الإنتخابات، المركز الاستشاري كان له دور أساسي، ‏طبعاً بعيداً عن الإعلام، في كل مناقشات قانون الإنتخابات في المراحل المختلفة، والتي أوصلت إلى ‏قانون الإنتخابات الأخير، الذي طبعاً بعض القوى السياسية لديها مُلاحظات عليه، ولكن نحن ما زُلنا ‏نَعتبره الأفضل حتى الآن، والأفضل تمثيلًا أو إتاحةً للفرصة للتمثيل حتى الآن، هو يحتاج لتطوير أو لسدّ بعض الثغرات لكل مراحل التحضير والنقاش العلمي، الرصين، الهادئ، الدقيق، الحريص.

في كل مرحلة انتخابات المركز كان له دورًا أساسيًا في استطلاعات الرأي، في الإحصاءات، في تقديم المشورة، في الأفكار، في التحضير للبرنامج الانتخابي الذي سيتمّ إعلانه بمواكبة العملية الانتخابية، بمواكبة تبدّل اتجاهات الرأي العام، وصولًا إلى النتائج ووصولًا إلى دراسة النتائج والبناء عليها بعد كل انتخابات.

على كلٍ، هذا الجزء الأول من حديثي.

الجزء الثاني والأخير، اليوم الهمّ الأساسي الذي يحكمنا جميعًا في لبنان ولأسباب عديدة هو ما يرتبط بالموضوع الاقتصادي، المالي، النقدي، الحياتي، المعيشي، الذي هو اليوم همّ كلّ اللبنانيين، بل همّ كلّ المقيمين على الأراضي اللبنانية لأنهم جميعًا يتأثرون بهذا الوضع. ليس هنالك شكّ أنّ المركز الاستشاري هو عُمدتُنا الأساسية، وخلال السنوات الماضية عقد الكثير من الندوات وحلقات بحثية ومؤتمرات حول العنوان الاقتصادي والملف الاقتصادي، وكان دائمًا يُقدّم مجموعات جيّدة من الأفكار والاقتراحات التي يحملها إخواننا في كل مواقع القرار والمسؤولية.

اسمحوا لي أن أتحدث قليلًا بهذا الموضوع وإن كان ليس اختصاصي، لكن أودّ أن أتحدّث قليلًا ولا أريد أن أدخل في الجوانب التخصصية وإنمّا في الإطار العام الذي أعتقد أنّه نحن في لبنان محتاجين أن نتّفق ولو على أساسيات الإطار العام، وأعتقد أنه نحن في لبنان مختلفين قليلًا بهذا الموضوع، وهذا يحتاج إلى حوار ونقاش، وبالنهاية هو يحتاج إلى قرار. لكن كبداية أُريد أن أقول أولًا، لا أحد يُناقش على أنّ الوضع الاقتصادي صعب جدًا في لبنان، بمعزل عن توصيفه، يعني لا أحد من اللبنانيين يقول أنّ الوضع جيد وممتاز ولا شيء يدعو إلى القلق، لا، لا، بالعكس، وهذه نقطة إجماع الحمد لله.

النقطة الثانية، أنّ هذا الأمر هو ليس استثنائي بالنسبة للبنان، اليوم بالعالم هنالك الكثير من الدول في العالم تعيش وتواجه وتُعاني من أزمات اقتصادية حادّة وخانقة، حتى بعض الدول التي كانت لديها اقتصاديات قويّة في العقود السابقة. نحن كُلنا نسمع أنّ هناك لائحة بعشرات الدول، وبعضها دول عربية، ومُهدّدة بالإنهيار، يعني لبنان ليس وضعًا خاصًا أو يختلف عن كثير من دول العالم.

النقطة الثالثة، بالتأكيد لا يجوز أن نيأس أو نستسلم لأنّ هناك هكذا جوّ في البلد وهناك من يُحاول أن يُشيع هذا النوع من الأجواء، أنه لا يمكن عمل أيّ شيء وهذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع والأفق مسدود والطريق مسدود وليس لديكم خيارات يا لبنانيين سوى أن تقبلوا بهذا الواقع وتعيشوا تحت أعبائه القاسية والمؤلمة أو تُوضّبوا حقائبكم وتُهاجروا وتُغادروا البلد، طبعًا هذا خطير جدًا. أهم شيء، قبل الحديث عن رؤية، قبل الحديث عن خطة، قبل الحديث عن مُعالجة، أهم شيء الأمل، عدم اليأس، عدم الإحباط، الثقة بالقدرة الوطنية وقدرة العقول الموجودة في لبنان على أن تُنتج الحلول وعلى أن نَخرج من هذا الوضع الصعب ومن هذا المأزق، هذه نقطة مهمة جدًا. أمّا إذا وصلنا إلى مكان وفقدنا الأمل والإحباط سيطر على الجميع معنى ذلك أنّنا ذاهبون إلى الهاوية. يجب على الجميع تحمّل المسؤولية، إنقاذ الوضع الاقتصادي والحياتي والمعيشي والمالي وما شاكل.. هو ليس فقط مسؤولية الدولة ومؤسسات الدولة، هو من مسؤولية الدولة، مسؤولية الشعب، مسؤولية المجتمع، مسؤولية القوى السياسية، مسؤولية الخواص والخبراء، كلّ بحسب قدرته وموقعه، لا أحد يستطيع إلقاء المسؤولية على عاتق الآخرين ويقول نحن لسنا مسؤولين ولا نستطيع أن نفعل شيئًا، كلا، حتى في عملية الإنقاذ هناك كثير من الخطوات أو البرامج إذا الناس – الشعب، يعني المجتمع – لم يتعاون، لم يتجاوب، لم يقتنع، هذه الخطوات تبقى نظرية أو تُصبح متعثرة، بطيئة. إذًا إدراك أنّ المسؤولية هي مسؤولية الجميع ويجب أن ينهض بها الجميع.

رابعًا، لا يجوز البقاء في حالة تخبّط، مثلما هو الوضع في السنين الأخيرة، حالة تخبّط وارتباك وعمل يومي، يعني هناك مشكلة اليوم، عندنا مشكلة دواء فلنرى كيف سنحلّها، مستشفيات فلنرى كيف سنحلّها وهكذا..، تظهر لنا مشكلة فنعمل بشكل يومي، ردّات فعل، الصحيح يجب أن نظل نُعالج القضايا اليومية ولكن في مكان ما، في مجلس النواب، في الحكومة، هذا أحد المهام الأساسية للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، بالقوى السياسية، في مكان ما يجب أن يُبادر أحد لنصل إلى مكان أنه نعم السلطة هي التي تتبنى وتأخذ قرار، أن توضع رؤية للوضع الاقتصادي ومعالجة الوضع الاقتصادي وعلى أساس هذه الرؤية يتم وضع خطط وبرامج، قريبة المدى أو متوسطة المدى أو بعيدة المدى، لكن أي خطط أي برامج لا تستند إلى رؤية كاملة وشاملة وواضحة وعلمية ومدروسة ومُتقنة أيضًا يأخذنا إلى التعب واستهلاك الوقت واستهلاك الإمكانات والتخبّط والاصطدام بالجدران يمينًا وشمالًا. لا بدّ من رؤية. للوصول إلى رؤية يجب دراسة الأسباب، وعندما ندرس الأسباب أيضًا يجب أن نكون واقعيين ونقرأ الأسباب الحقيقية لما وصلنا إليه على المستوى الاقتصادي والمالي والحياتي والمعيشي في لبنان، لأنه أحيانًا ممكن أن نأتي كقوى سياسية أو كمسؤولين في الدولة إذا نريد أن ندرس، نُحاول أن نستبعد الأسباب التي تمسّنا أو الأسباب التي تُحمّلنا مسؤولية أو الأسباب التي ترتب علينا تبعات فنذهب إلى الأسباب الثانية، كلا، أولًا هذا شرط حقيقي برؤية صحيحة أن نقول  ما هي الأسباب الحقيقية؟  لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟

في لبنان للأسف الشديد هناك الكثير من القيادات أو القوى السياسية أو حتى النخب عندما يُطلقون مواقف يُبسّطون الأمور، أنا أسميهم جماعة نظرية العامل الواحد – طبعًا غير النظرية الماركسية – أنه مثلًا هناك أناس في لبنان يعتبرون أنه إذا حللنا المشكلة مع إسرائيل فإن كل شيء يُحلّ، هذا تبسيط، أو إذا عالجنا موضوع الفساد فإن كلّ شيء يُحلّ، هذا أيضًا تبسيط، هذا من العوامل، هذا له علاقة ولكن ليس العامل الوحيد، هناك مجموعة أسباب، هناك مجموعة عوامل أدّت إلى أن وصلنا إلى الوضع القائم.

سوف أقرأ الأسباب بدون تفصيل:

الفساد الإداري والمالي، وبالمناسبة هذا لم يبدأ فقط من التسعينات، كلنا نتذكر البعثة التي صارت بزمن الرئيس فؤاد شهاب، والمركز الاستشاري عنده نسخ منها، وتحدّثت عن مستوى الفساد في الدولة اللبنانية، إذًا هذا فساد قديم، فساد موجود مُتعمّق. نعم، فترة التسعينات لأنه توفّر تمويل هائل بشكل خاطئ ولكن فتح أبواب واسعة للفساد.

القصور والتقصير الإداري والقيادي، فقدان روح المسؤولية، مستوى الكفاءة والخبرة، لسبب بسيط أنّه غالبًا عندنا التعيينات الإدارية والمواقع القيادية في الدولة خاضعة للمحسوبيات، المحاصصة الطائفية لا مهرب منها لأن نظامنا طائفي، ولكن لو كل طائفة تُقدّم أفضل عقولها، أفضل خبرائها، أفضل متخصصيها لتتولى المسؤوليات القيادية والإدارية في الدولة ما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه حتى لو بقينا نظام طائفي.

خطأ الحسابات السياسية التي بُنيت عليها الرؤية الاقتصادية بالتسعينات، أعود إليها لاحقًا.

بعض السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة وأحيانًا الفاسدة والمفسدة والتي كُنّا نعارضها، نوابنا ومسؤولينا وموقفنا واضح من التسعينات في هذا الموضوع. أوضح مثل على السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية الخاطئة هي موضوع الاستدانة وطريقة الاستدانة، كلنّا نتذكر لما كانوا يريدون أموالًا لإنشاء المشاريع – مستندة طبعًا للرؤية التي سأعلّق عليها بعد قليل – فطلبوا من الناس واللبنانيين أن يأتوا بأموالهم من دولار أو عملة صعبة أو ليرة لبنانية، فتحوا باب شراء سندات الخزينة وأُعطيت فوائد غير مسبوقة، فوائد عالية، هذا ماذا أحدَث؟ هذا رتّب ديون هائلة على الخزينة، ثانيًا وهو الأخطر، ضرَبَ الإنتاج، يعني إذا أحد يمتلك مالًا في لبنان بدل أن يستثمر فيه بالزراعة أو الصناعة أو التجارة أو عقارات أو.. أو.. أو…. أودِعهم في البنك وخذ أرباح، وأرباح عالية وأعلى من الأرباح التي يمكن أن تُحصّلها عندما تستثمرها بالزراعة وبالصناعة و.. و.. و… وأيضًا ليس هنالك مُغامرة، مضمونين ومسنودين وإلى آخره… وإن كان الآن تبيّن أن هنالك مُغامرة كبيرة جدًا، يعني ما أصاب المودعين هذه الأيام. الأخطر هو ضرب الإنتاج وضرب روح العمل وتعزيز ثقافة البحث عن الربح السريع السهل اليسير، هكذا يُبنى اقتصاد هشّ، اقتصاد ضعيف، اقتصاد ينهار، كل الوضع الاقتصادي والمالي بُنيَ وهذه السياسات في لبنان بُنيت على حسابات سياسية خاطئة، وهذا ما سأقف عنده حتى لا يتكرر هذا الخطأ.

أيضًا من الأسباب، المحاصصة الطائفية بالمشاريع، بدل أن يكون عندنا إنماء متوازن، أصبحوا في كل شيء 6 و 6 مكرّر، نريد إنشاء مدارس، نريد إنشاء جامعات، نريد إنشاء مستشفيات، نريد بناء أوتسترادات، نريد أن نزفّت الطرقات، نريد إنشاء جسور، نريد إنشاء موانئ، نريد بناء بنى تحتية، كلّه 6 و6 مكرّر، حتى لو ليس هنالك حاجة، حتى لو ليس هنالك جدوى، ولذلك أي مشروع كان يذهب إلى الحكومة أو على المجلس النيابي تريد أن تُنفّذه في منطقة معينة فيجب أن تُنفّذه في كل المناطق، وإذا منطقة محسوبة على طائفة وتريد أن تنفّذ المشروع عند هذه الطائفة فيجب أن تنفّذه عند كل الطوائف، حتى لو لم نكن محتاجين.

على كلٍ، تبعات الحروب الداخلية أيضًا رتّبت أعباء كبيرة على الوضع الاقتصادي والمالي، إعادة الإعمار بعد الحروب الداخلية، ملف المهجرين، وكُلنا نعرف كم كانت أعباؤه ضخمة.

تبعات الحروب والاعتداءات الإسرائيلية، هناك أناس يقولون تبعات المقاومة، يعني هنا نُسمّيه تبديل الموقع، يعني الجلاد والشهيد، المعتدي والمقاوم، بدل أن نقول تبعات الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والحروب الإسرائيلية على لبنان قبل 78 و بـ78 ونكبة 1982، الدمار الذي خلّفه الاجتياح الإسرائيلي، والحروب والاعتداءات و..و..و… أيضًا تبعات الأحداث الإقليمية في المنطقة، اليوم ملف النازحين كلنا نعرف كم يُحمّل الاقتصاد اللبناني والدولة اللبنانية أعباء سنويًا بمليارات الدولارات، إذًا هذه كلها أسباب، طبعًا هذا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. ويأتي خلال الثلاث سنوات الأخيرة بالحد الأدنى، يعني منذ العام 2019، العقوبات والضغوط والحصار، طبعاً من المؤسف عندما نقارب ‏الوقائع يوجد ناس في لبنان، حتى الآن، يقول لك أنه لا يوجد حصار ولا توجد عقوبات ولا يوجد ‏شيء، ليس دائماً الحصار يحتاج إلى مجيء سفن حربية مقابل السواحل اللبنانية وأن تمنع السفن من ‏الدخول الى لبنان او الطائرات أن تهبط في المطار، ولا هناك من داع ان يصدر قانون ‏عقوبات على لبنان مثل قانون قيصر الذي أصدروه ضد سورية، يكفي سلوك الإدارة الاميركية ‏مع دول العالم ومع الحكومة اللبنانية والسلطة اللبنانية، هذا كافٍ، هذا متحقق، وهذا ترجمته تتم عبّر منع المساعدات من الخارج، منع الودائع من الخارج، هذا ليس تحليلاً إخواني وأخواتي، ‏توجد دول لديها إتصال معنا ونتكلم معهم، بكل صراحة عندما كُنا نطلب منهم أن يأتوا ‏بودائعهم ويستثمروا في لبنان، كانوا يقولون لنا بصراحة نحن أبلغنا الأميركان أنه ممنوع، ‏وأنه لا يمكنهم أن يُخالفوا الأميركان، هذا هو الحصار، هل الحصار أن يضعوا لنا سفينة ‏مقابل ميناء بيروت، منع المساعداتً ومنع تقديم هبات للبنان، منع تقديم قروض، ولذلك ‏اليوم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يضع لك شروط، شروط تعجيزية، منع الدولة ‏اللبنانية حتى من قبول الهبات، مثل ما يحصل بالهبة الإيرانية والهبة الروسيةوما شاكل..، منع ‏الدولة اللبنانية من قبول إستثمارات أو فتح باب للإستثمارات مثل الصين وروسيا، يوجد ناس في ‏لبنان من يقول بأن هذا كلام وفرضيات ونظريات، كلا هذه وقائع، فلتسهل الدولة اللبنانية ‏ذلك وتَقبل، الشركات الصينية جاهزة والشركات الروسية جاهزة وشركات أخرى جاهزة، وبالدليل والتفصيل ‏العملي والواقعي، إذاً هذا حصار، منع لبنان من معالجة ملف النازحين السوريين، ممنوع، كل ‏اللبنانيين متفقون على أنه يجب عليهم أن يحلوا هذا الملف، ممنوع أن يحلوه ببساطة يعني، ماذا ‏تسمون هذا؟ أليس هذا حصاراً وضغوطاً؟ على كلٍ، هذا الذي يحصل منذ العام 2019 هو الذي أنا ‏قصدته عندما تكلمت بذكرى الشهيد الحاج قاسم سليماني عن النسخة الأولى للمشروع ‏الاميركي من الـ2000 إلى العام 2011، والنسخة الثانية من العام 2011 الى العام 2019 ‏وهذه النسخة الثالثة، هذا لا يعني أنهم سيتوقفون عن إشعال الحروب، ولكن الحروب أصبحت ‏في مكان أخر بعد تقييمات كبيرة لهم، عادوا إلى الحرب بالواسطة لأجل ذلك إنسحبوا من أفغانستان، اليوم الحرب بالواسطة في أوكرانيا، القتال حتى آخر أوكراني، حتى ‏آخر جندي أوكراني، حسناً لكن التركيز أين؟ ضغوط إقتصادية ومعيشية وحصار على ‏الشعوب، أنظروا مثلاً ترامب إنسحب من الإتفاق النووي الإيراني، وبالتالي الإنسحاب كان له ‏لوازمه التي لها علاقة بالعقوبات في شهر خمسة 2018، وتشديد عقوبات غير مسبوقة على ‏إيران، سورية في العام 2019 تقريباً إتضح بأن الحرب العسكرية الكونية إنتهت، يعني ‏بتعبير أدق فَشلت وهُزمت، وأصبح هناك الكثير من المناطق الأمنة في سورية، وإستعادت ‏الحكومة السورية السيطرة عليها وفتحت الأبواب للإستثمارات والمشاريع، أنا أذكر في ذلك ‏الوقت الكثير من اللبنانيين حتى من خصوم سورية ومن جماعة 14 أذار وسبقوا 8 أذار لأن ‏لديهم أموال أكثر ذهبوا إلى سورية، شركاتهم وجمعياتهم وأسسوا شركات جديدة هناك، ‏وجهات عربية ودولية، جاء الاميركي وضرب الضربة القاسية جداً، قانون قيصر شديد، لولا ‏قانون قيصر سورية تملك إمكانيات ذاتية وموارد بشرية وطبيعية هائلة للنهوض من نكبة ‏الحرب الكونية عليها، لكن أُقفل عليها بشكل قاسي وشديد، وهذا الموضوع يعمل عليه ‏الأميركيون مع الحكومة العراقية الجديدة، عندما قالت بأن لديها هامش في إستقلال القرار ‏وفي تعيين مناصب أساسية، جاء الأميركيون وقالوا لهم تمهلوا، وأنا أتكلم معلومات، يوجد ‏مجموعة من المناصب ومجموعة من السياسات ومجموعة من الإلتزامات يجب أن نُوافق عليها أولاً، وإلا يبدأ اللعب بالدولار، هذه هي النسخة الثالثة من المشروع الأميركي، إستمرار ‏الحصار على اليمن وعلى الشعب الفلسطيني، وهذا أيضاً ما يُطبّق علينا في لبنان، على كل الشعب ‏والدولة اللبنانية، على كلٍ، مجموع العوامل هذه وغيرها، تعني أنه يوجد مجموعة أسباب ‏وعوامل أوصلت الى هذا الوضع، لا يكفي أن نُعالج عامل واحد او أثنين أو ثلاثة، بل يجب أن نُعالج ‏كل هذه العوامل، أو أن نَضع سياسة تعاطي مع هذه العوامل وكيف نتحداها أو نواجهها أو ‏نتجاوزها، بالعودة إلى الرؤية التي قامت على حسابات سياسية خاطئة، على ماذا قامت ‏الرؤية كلها في التسعينات؟ على أن المنطقة في التسعينات تتجه إلى ما يسمى بالسلام مع ‏”إسرائيل”، أنه يوجد تسوية مع “إسرائيل”، خلص، حتى في الجلسات الداخلية كان يقال لنا “يا ‏شباب ماذا تريدون؟ ما هي قصتكم؟” عندما كنا نناقش بالسياسات الإقتصادية والمالية، وكنا ‏نتكلم مبكرا عن القطاع الزراعي والصناعي وعن.. وعن.. وعن..، كان يقال لنا ” يا شباب ‏طولوا بالكم المنطقة ستتغير”، أنا أذكر بعض الجمل مثلاً “سترون الاعلام الاسرائيلية خلال سنة ‏او سنتين في دمشق”، “سفارة إسرائيلية في دمشق، الأعلام الإسرائيلية في سوق الحميدية”،الموضوع إنتهى، ‏وبالتالي يوجد منطقة مستقبلها القريب وليس بعد 10 أو 20 أو 30 سنة، كلا، كان يقال لنا ‏أنه بعد سنتين أوثلاثة المنطقة ذاهبة الى “سلام وتسوية” وبالتالي ستفتح المنطقة على بعضها ‏البعض، هنا أين موقع لبنان؟ وبناءً على هذه الرؤية نأتي لنعمل مطار بعشرة أوعشرين ‏مليون، ونتكلم بالموانىء، ونتكلم بالأوتوسترادات والجسور ونتكلم في الوسط التجاري ونتكلم في الأُوتيلات ‏ونتكلم في البنوك ونتكلم في قطاع الخدمات ونتجاهل أي شيء آخر، كل الرؤية بُنيت على هذا الحساب السياسي ‏الذي تبين أنه خاطىء جداً، وبالتالي كل الخطة التي بُنيت على رؤية والرؤية بُنيت على ‏حساب سياسي خاطىء، تبين أنها كلها خطأ في خطأ، ووصلنا لما وصلنا إليه، ما أُريد ‏أن أَقوله في هذه النقطة ولا أريد أن أطيل عليكم أكثر من ذلك ولذلك كل ما كتبته سأختصره، أُريد أن أقول أن ‏أهم شيء الآن لمن يريد أن يضع رؤية إقتصادية أن يبني على حسابات سياسية صحيحة، ‏بهذا الموضوع بالذات أن لا يبني رؤية على حساب أنه هناك تسوية في المنطقة، في الحد ‏الأدنى في المدى القريب والمدى المتوسط، أنا رأيي أنه لا يوجد شيء من ذلك (أي لن تحصل تسوية) خلص، اليوم النقاش لم يعد نقاشا أنه ‏يوجد تسوية مع “إسرائيل” ويوجد سلام في المنطقة أو لا يوجد، النقاش حتى عند الإسرائيليين ‏أنفسهم، عند الجنرالات العسكريين والأمنيين، عند الخبراء الإستراتيجيين، عند رئيس الكيان، ‏عند رؤساء الوزراء السابقين ووزراء الدفاع السابقين، ورؤساء أركان سابقين، أنه هل “‏إسرائيل” باقية؟ هل هي باقية لسنة الـ2080؟ هل هي باقية بعد 10 سنوات أو عشرين سنة؟ ‏أنا لا أقول ضعوا رؤية إقتصادية مبنية على أن “إسرائيل” ستزول في الوقت القريب، لكن ‏ضعوا رؤية إقتصادية على قاعدة أنه لا يوجد تسوية في المنطقة، اليوم حل الدولتين، أين حل ‏الدولتين؟ه ل مازال هناك حل الدولتين؟ هذا هو الواقع الفلسطيني، وخصوصاً مع هذه الحكومة الجديدة، هي الحكومات التي ‏كانت تتظاهر وتُنافق أنها تقبل بحل الدوليتن لم تكن تمارس أو تدفع الامور بإتجاه حل ‏الدوليتن في فلسطين، فكيف بحكومة غير منافقة ولكنها فاسدة ومتطرفة وإرهابية ومُعلنة، ‏وتقول لك أن الضفة الغربية هي أرضهم المقدسة، والفلسطينيون يجب أن يغادروا الضفة ‏الغربية أو يُقتلوا، من يتكلم اليوم بتسوية! هل يوجد مع سورية تسوية؟ سورية التي تلتزم ‏قيادتها ونظامها وشعبها بأنه بالحد الأدنى بالمسار السوري لا يوجد حل إلا بالعودة إلى خط ‏الرابع من حزيران 1967، و”إسرائيل” ضمت الجولان، نعم ما جرى في سورية هي إحدى ‏المحاولات للمجيء بنظام سياسي يعطي الجولان لإسرائيل أو أن يأجّرها إياها 99 سنة، هذا ‏إنتهى وفشل، إذا لا يوجد تسوية، علينا أن نبني رؤيتنا على حساب أنه يوجد عدو موجود، ‏وهذا العدو يهدد لبنان ولديه أطماع في لبنان وبالتالي لا يوجد وضع مستقر بوجود هذا العدو، أيضاً عندما نقرأ ‏الوضع الدولي، لأن الوضع الدولي ليس ذاهباً إلى الاستقرار، غادر منطقة الاستقرار، وذاهب الى المزيد من ‏التوتر والتصعيد، الاميركي والأوروبي مع روسيا، الأميركي مع الصين، وهذا طبعاً سوف ينعكس ‏توتراً إقليمياً، إذا نحن غير ذاهبين إلى تسويات في المنطقة، وغير ذاهبين إلى مشاهد سلام ‏وإستقرار ولا أدري ماذا في المنطقة، كلا، الوضع الدولي ينعكس عندنا في المنطقة، الوضع ‏الاسرائيلي والصراع  مع العدو ينعكس عندنا في المنطقة، يجب أن نأخذه بعين الإعتبار، هذا أساسي، بالتالي عندما نريد ان ‏نذهب إلى خيارات ، يجب أن نتكلم عن إقتصاد منتج، وهنا أنا أختصر، علينا أن نتكلم ‏بإقتصاد معرفة، ونتكلم بإقتصاد يؤمّن أمنا غذائيا، ونتكلم عن إقتصاد ينطلق من وقائع، لا يعتمد على ‏المساعدات الخارجية أو ينتظر المساعدات الخارجية أو القروض الخارجية، يوجد نقاط قوة ‏كبيرة في لبنان، وطبعاً لا يمكننا أن نبقى نعيش في الماضي، أن لبنان والموقع المميز ‏والموقع الإستثنائي، يجب أن نكون واقعيين ومنصفين، اليوم لا أقول أننا فقدنا هذا الموقع، ‏كلا، لكن هناك دول منافسة في السياحة، هذه تركيا اليوم منافسة إلى ما شاء الله، حتى دول الخليج أصبحت ‏تنافس في السياحة، دول منافسة في السياحة ودول منافسة في قطاع الخدمات والنظام ‏المصرفي، في تسهيل عمل الشركات و..و..و..، وفي الموانىء والمطارات والأوتيلات والبنى ‏التحتية، تسهيلات مصرفية وتسهيلات مالية …الخ، لا أقول أننا فقدنا الموقع، موقع لبنان، موقعه لا زال ‏ممكن البناء عليه بأي رؤية إقتصادية ولكن يجب أن يبنى عليه برؤية واقعية، وعلى ضوء ‏هذه الرؤية نستطيع أن نعرف كم نحتاج من المطار ومن الميناء والاوتوسترادات والبنى التحتية ‏والمستشفيات و..و..و..، نحن لدينا عناصر قوة مهمة وأساسية، أولاً، الانسان في لبنان، الانسان ‏الذكي الذي يفهم ويستوعب والمتعلم والمبدع والنشيط، هذه نقطة قوة مهمة، تعرفون أنه هناك ‏مشكلة عند بعض الشعوب عندما يتكلمون عن الكسل مثلا، هناك شعوب تعاني من الكسل، ‏وهناك شعوب تعاني من محدودية الإستعاب، على كلٍ دعونا في أنفسنا، اللبنانيون أول نقطة ‏قوة لديهم هي الإنسان، وهذا ما بدأنا نفقده، يعني اليوم نتيجة التعثر الموجود في البلد، ماذا يوجد من ‏اختصاصيين وبروفيسورية واأطباء وفي كل المجالات، الدول المحيطة بنا تأخذهم ‏وتستقطبهم، هذه خسارة هائلة، الخسارة البشرية خسارة هائلة، من نقاط القوة الأساسية موقعنا ‏الجغرافي، من نقاط القوة الأساسية التي نحن لا نستفيد منها كلبنانيين هي المياه، ما لدينا من ‏أنهار، وكلها تذهب إلى البحر، هذه نقطة قوة، سوف يأتي وقت يمكن أن تصبح فيه المياه ‏أغلى من النفط، ثروة ذهبية، أن من لديه المياه لديه الذهب، وليس من لديه النفط لديه ذهب، ‏هذا الموضوع كيف نتعاطى معه ونقاربه؟ لدينا الأمن، لبنان حتى الآن رغم كل الوضع ‏الموجود وبالرغم من وجود بعض المشاكل بسبب الوضع الإجتماعي، لكن نسبة الامن الداخلي الموجودة في لبنان ‏نسبة متقدمة، الأرقام والشواهد والتلفزيونات والفضائيات والـCNN، لبنان أكثر أماناً من كثير من ‏الولايات المتحدة الاميركية، أكثر أماناً من عدد كبير من الولايات المتحدة الاميركية، نحن لدينا أمن ‏في لبنان، طبعاً بفضل الجيش والقوى الأمينة والاجهزة الامينة والوعي السياسي والوعي ‏الشعبي، والإرادة السياسية الموجودة في البلد، لأنه لا أحد يريد توتراً ولا أحد يريد حرباً ‏أهلية. يوجد قلة تحب ذلك، تعيش على ذلك، لكن هؤلاء لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً إن شاء ‏الله. حسناً هذه نقطة قوة، لأن الأمن أساسي في الإقتصاد.

من أهم نقاط القوة لدينا هو ‏موضوع النفط والغاز، وزير الطاقة موجود اليوم معكم، هل تسعني يا معالي وزير الطاقة؟ ‏فلتتوقف عن التكلم مع الاستاذ جهاد، أنا أراكم، حسناً النفط والغاز، هذه ثروة هائلة، كل ‏المعلومات، يوجد ناس يُحاولون أن يُيأسوا ويوجد ناس يُحاولون أ|ن يُبخسوا، كلا، كل الدراسات ‏والمعطيات والمعلومات تؤكد أنه إن شاء الله يوجد شيء كبير وهائل موجود في بحر لبنان، طيب هذا الذي يُستخرج مقابل فلسطين المحتلة وهذا الذي يُستخرج  مقابل مصر، وهذا الذي من جديد يُتكلم عنه مقابل مصر، والذي تُفتش عليه قبرص والذي تُفتش عليه تركيا واليونان، والموجود في مقابل السواحل السورية، ويُقال أن هذا أصلاً هو أحد أسباب الحرب على سوريا، لا يوجد نقاش أن هناك ثروة هائلة موجودة في البحر الأبيض المتوسط، ولا يوجد نقاش أن لهذه الثروة ستكون أولوية.اليوم القرار الأوروبي  ذاهب بإتجاه حاسم وهو الإستغناء عن النفط والغاز الروسي، حتى إذا توفر للأوروبي الغاز والنفط من الخليج، فإن النفط والغاز من البحر المتوسط هي ستكون  أولوية الأوروبي، لأن النقل سيكون أقل وكذلك الكلفة أقل، إذاً توجد ثروة هائلة ويوجد سوق جاهزوينتظرومتلهف، ومستعجل أيضاً، وبالتالي هذه النقطة بخاجة إلى متابعة جدية، نحن لم نذهب إلى حافة الحرب، ولم تتحمل الدولة اللبنانية بفخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وكل الدولة ‏وكل الشعب اللبناني، لم نتحمل الضغوط في الاشهر القليلة الماضية والتهديدات ‏الاسرائيلية، وذهبنا الى حافة الحرب، فقط لنفرح اننا رسمنا الحدود البحرية وانتهى ‏الامر واصبح بإمكاننا ان نتصرف بالبلوك رقم 9، هذا يجب ان يُتابع بشكل يومي ‏وبشكل حثيث بعيدا عن كل المشاكل السياسية الموجودة في البلد، حكومة تصريف ‏اعمال، يوجد رئيس جمهورية لا يوجد رئيس جمهورية، من يختلف مع من ومن ‏خصم من، هذا دعوه جانباً، هذا له علاقة بمصير الشعب اللبناني ومستقبل البلد هذا ‏يحتاج الى متابعة، بالنسبة  لبقية البلوكات، اليوم ما أعلمه أنا وإن شاء الله تكون معلوماتي صحيحة ان ‏وزارة الطاقة فتحت باب أنه تفضلوا أيتها الشركات في بقية البلوكات او اغلبها ‏واعطت مهلة زمنية، لا يكفي ان ننتظر الشركات لتأتي، علينا ان نذهب ونبحث ‏عن الشركات – بدنا نجيب الشركات – حتى لا ننتهي آخر المطاف بشركة واحدة ‏او شركتين ويفرضون شروط ونسب غير مناسبة للبنان، ملف النفط في اليابسة في ‏الأرض، هذا الملف علينا ان نعود ونفتحه، طبعا نحن الملف الذي شكلناه والذي ‏اسميناه ملف الحدود والموارد تجهّزت دراسة ومعطيات إن شاء الله في وقت قريب ‏ممكن ان يُعلن شيء بصدد هذا الموضوع ونقدمه للجهات الرسمية ووزارة الطاقة، ‏قطعاً وحتماً وجزماً يوجد نفط في ارضنا، يوجد نفط كل الدراسات تقول هكذا ‏وحتى المحاولات السابقة نحن معطياتنا تقول ان الذي اوقفها هي السياسة وليس ‏الذي أوقفها هو اليأس من وجود النفط في ارضنا، – طيب ليش يعني – إلا أرضنا ‏نحن؟ هذه فلسطين الآن هناك آبار نفط وغاز في البر الفلسطيني يستخرجها الكيان ‏وفي الشمال، لا نتكلم في جنوب فلسطين بل في شمال فلسطين أي أنه قريب من ‏ناحيتنا، حسنا هذه سوريا ليس فقط في منطقة الجزيرة حتى في المنطقة الحدودية ‏القريبة من جهتنا، الآن هناك عمليات تنقيب واستخراج وإن كانت محدودة، هذا ‏الملف ايضا يجب ان يُفتح. من جملة نقاط القوة وهذا طبعا يعطينا ثروة هائلة لكن ‏طبعاً لا يجب ان يأخذنا على الخطأ ما اسمه ان نبني اقتصادنا على النفط والغاز، ‏ومن نقاط القوة ايضا الاغتراب، المغتربين الذين لا يزالون الآن أهم نقطة قوة وأهم ‏مصدر مالي لعيش اللبنانيين، وهؤلاء المغتربين اليوم يتعرضون للخطر والمضايقة ‏والاعتداء الأمريكي، من خلال وضع تجار كبار وأغنياء كبار على لوائح العقوبات ‏بتهم ظالمة – شو بدنا نحلفهم يمين والله دليل ما عندهم – لأنه لا يوجد شيء ليس ‏له حقيقة، لا هم شركاء حزب الله ولا أموالهم هي أموال حزب الله ولا لهم علاقة مالية ‏بحزب الله ولا يتبرعون لحزب الله لكن – خلص – هنا ليس المطلوب ضرب ‏حزب الله، وإنما المطلوب ضرب البيئة ضرب الشعب اللبناني وضرب الوضع ‏الاقتصادي في لبنان، وهذا يحتاج الى حماية الدولة التي للأسف لا تقوم بشيء، لا ‏تقوم بشيء، هذا جزء من الرؤية ومن الخطة والحل الذي يجب ان يكون، من المؤكد ‏اننا نحتاج الى اصلاح إداري، وقف هدر وفساد، إصلاح قضائي، لكن الخط ‏العريض ما قبل الأخير الذي أريد ان أقوله هو أن لا نَعتمد سياسة القطاع الواحد، أي أن لا نعتمد على قطاع خدمات ونهمل البقية، ولا عندما نتكلم نحن عن قطاع زراعي وصناعي ‏ونهمل قطاع الخدمات، العمل على كل القطاعات المنتجة، ونستطيع بما نملك من ‏نقاط قوة ان نعود لنكون المستشفى الأول في المنطقة، الجامعة الاولى في المنطقة ‏الكذ..ا الكذا.. الكذا..، السياحة الأولى في المنطقة، هذا ممكن لكن هذا يحتاج الى عمل هذا ‏ليس تمنيات هذه وقائع وحقائق. ‏

النقطة الاخيرة التي أُريد أن أَختم بها والتي لها علاقة بنا بدرجة كبيرة، اهم شيء ‏اننا نحتاج الى سلطة سياسية وموقف شجاع، نريد دولة شجاعة تأخذ موقف تصمد ‏تتحدى تأخذ قرارات جريئة، إذا بقينا هكذا كما نحن يعني هناك مشكلة حقيقية، نريد ‏دولة قادتها وزعمائها ورؤسائها ووزرائها ونوابها وكل من يتحمل مسؤولية فيها ‏عليه ان يقدم المصلحة العامة على المصالح الشخصية امام التهديدات والعقوبات، ‏هذا الذي اسمه استقلالية القرار هذا الذي اسمه سيادة، كما انه كواحد من شروط ‏النهوض الاقتصادي الأمن، من جملة شروط النهوض الاقتصادي هي السيادة ‏والجرأة في اتخاذ القرار، لكن اذا بقينا خائفين! حسنا، تأتي هبات لا نقبل بها، ‏صحيح هو يمنع لكن ايضا الناس خائفة، حسنا لماذا هي خائفة؟ لنكون صريحين، ‏إذا لدينا جرأة كي نقبل هبات لنرى ماذا يحصل، ما الذي سيفعله الامريكي يعني؟ هنا ‏الشجاعة والاستعداد للتضحية – هناك الكثير من الدول تالتي عوقبت ورجع الامريكي تراجع – ‏هذه فنزويلا مثلا، دول كثيرة في العالم، في كل الأحوال قبول الهبات تحتاج الى ‏شجاعة، اذا اردنا ان ننتظر الامريكان ليسمحوا بالاستثمار في البلد فلننتظر، نحتاج ‏الى الجرأة  كي نقول للصيني كلا تفضل؟ حسنا لماذا يا إخواننا وأخواتنا أيها الشعب ‏اللبناني العزيز مسموح لدول في العالم ان تعمل علاقات مع الصين وتعمل استثمارات ‏بالصين وتأتي الصين لتستثمر فيها وبإمكانات هائلة، وهي دول أوضاعها الاقتصادية ‏جيدة لكن لبنان ممنوع! حسنا، هو يقول ممنوع والصيني جاهز، انت ماذا؟ نحتاج ‏جرأة لنعالج ملف النازحين، اذا بقينا ننتظر الرضى الامريكي والاوروبي – كومو ‏مليارات دولارات قد ما بدكم – ويجب ان نخرج في موضوع النازحين من قصة ‏الكلام حول اتهام الناس بالعنصرية واتهام الناس بالطائفية والمذهبية، اليوم هذا ملف ‏يعاني منه كل الشعب اللبناني وتبعاته على كل الدولة اللبنانية، وممكن ان تنوجد له ‏حلول كريمة، لأننا نحن جميعا حريصين على كرامة النازحين السوريين وأهلنا ‏وناسنا، عندما نتحدث عن الاتجاه شرقا يخرج احد ويستهزأ انكم منذ 3 سنوات ‏تتحدثون حول الاتجاه شرقا ماذا فعلتم؟ أعطني دولة تملك شجاعة الاتجاه شرقا، ‏أعطني دولة تمتلك سيادة واستقلالية قرار، هذه مشكلة حقيقية. ‏

أيضا في هذا السياق، إذا أردنا ان نبقى في الفهم انه دعنا نعمل كل شيء يرضي ‏الامريكي– بيمشي الحال- مثلا في هذا السياق يأتي موضوع المقاومة وسلاح المقاومة والموقف من “إسرائيل”، ‏كثيرون ينظرون في لبنان انه الآن اذا اتى لبنان وقال انه – خلص – انا خارج ‏الصراع مع العدو الاسرائيلي، وهو الذي يعتدي ويهدد ولديه اطماع، حسنا هذا ‏الشعب اللبناني كله قال هذه حدودنا، هذه حدودنا البرية التي لا يزالون يقضمون ‏جزءاً منها مزارع شبعا تلال كفرشوبا وجزء من مياهنا، وحسنا ولا يزال يعتدي ‏على بلدنا ويهدد بلدنا وكل يوم يُهدد بمناسبة وبدون مناسبة، رئيس اركان اسرائيلي ‏مغادر يهدد لبنان ورئيس اركان اسرائيلي جديد مستلم يهدد لبنان، ومع ذلك انه يا ‏اخي اذا قُمنا بِحل هذا الموضوع الرخاء والمساعدات خلص كل شيء يُحل في لبنان – ‏بلا طول سيرة – أدعوكم وعلى كل حال بعض الحاضرين اجروا دراسات وكتبوا ‏مقالات جميلة، ادعوكم الى مراقبة موضوع مصر والاردن، لكن مصر على وجه ‏الخصوص التي هي اول دولة اقامت سلام مع العدو الاسرائيلي وعملت كامب ديفيد وملتزمة ‏بالمعاهدة التزام دقيق، حسنا مع الامريكان الى ما شاء الله، افضل العلاقات مع ‏السعودية، افضل العلاقات مع دول الخليج، حسنا وتسير مع صندوق النقد الدولي، ‏اين اصبحت مصر، ما هو وضع مصر الىن؟ هل لبنان أهم لأمريكا من مصر؟ هل ‏لبنان اهم لأوروبا من مصر؟ هل لبنان أهم للسعودية من مصر؟ هل لبنان أهم ‏للخليج من مصر؟ ما الذي ينقص دول الخليج ان تأتي بـ 100 مليار، 200 مليار، ‏‏300 مليار – يحسبوا حالهم عم يلعبو كرة قدم – وتستنهض توجد دولة عربية على حافة ‏الانهيار، الآن ومن سوء حظنا انه في مصر رغم وجود لاعبين كبار ومهمين ‏ومحترمين ودوليين، لكن ليس لدينا لا رونالدو ولا عندنا ميسي، حسنا هذا نموذج ‏ولا يوجد داع لنشرح فيه اكثر، بينما اذا مشينا بالخيار الذي يتكلمون به هؤلاء لن ‏ننقذ لا الوضع الاقتصادي وسنخسر قدرتنا على الحماية، اليوم لبنان بلد آمن، آمن ‏ليس فقط في الأمن الداخلي، آمن هذه “إسرائيل” لا تجرؤ ان تعتدي على لبنان، لا ‏تجرؤ ان تقصف في لبنان، لا تجرؤ.. لا تجرؤ..، حتى عندما يذهبون الى العمل الامني ‏يكونون حريصين على ان لا يتركوا دليل انهم هم الذين يقفون خلف العمل الامني، ‏حسنا هذا من الذي اوجده، اوجدته المعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة، لكن ‏بالتحديد في هذه النقطة المقاومة هي التي فعلت ذلك، عندما نتخلى عن المقاومة ‏على امل الحصول على مساعدات وعلى قروض وعلى عناية أمريكية وسعودية ‏وخليجية، حسنا هذه الدول، هذه الاردن أليست تُعاني؟ هي جزء من محورالمقاومة؟ ‏دول محور المقاومة تعاني، إيران سوريا الشعب اليمني الشعب الفلسطيني العراق ‏بدأ يعاني أماكن اخرى لأنها ترفض الخضوع للإملاءات الامريكية، حسناً، هذه ‏دول في الركب الامريكي، لماذا تعاني؟ لماذا لا تقدم لها المساعدة الحقيقية، لماذا ‏البنك الدولي وصندوق النقد عندما يقدم لها مساعدات يفرض عليها شروط مذلة ‏ومُضعفة وتؤدي الى الانهيار التدريجي، لماذا؟ لانه اخواننا واخواتنا في المنطقة ‏هنا غير مسموح بدولة قوية ولو كانت وقعت معاهدة سلام مع “اسرائيل”، لا مصر ‏ولا اردن، حتى لو كانت حليفاً موثوقاً، يجب على الجميع ان يبقى ضعيفاً ومحتاجاً ‏وكل شعوب منطقتنا تبقى تركض وراء الخبز وتنكة المازوت وتنكة البنزين وحبة ‏الدواء وحليب الاطفال، ولذلك لا يكون لدينا وقت لا للموضوع الاستراتيجي، وعندما ‏تصعد وتتكلم بالخطر الصهيوني والهيمنة الامريكية وبالمقدسات الاسلامية ‏والمسيحية في فلسطين يقول لك حبيبي انت اين تعيش؟ بأي عالم؟ هذا مقصود، حتى في مصر ‏حتى في الاردن في السودان وفي أي بلد، لذلك يجب ان تكون خياراتنا واضحة، ‏هنا اختم في السياسة كلمتين فقط، ولذلك نُصرّ على أنه عندما نتكلم برئيس ‏جمهورية، لسنا نُفتش على رئيس جمهورية لنقطّع 6 سنوات، الـ 6 سنوات المقبلة ‏بالنسبة لحياة اللبنانيين ومصير لبنان والدولة اللبنانية والشعب اللبناني هي سنوات ‏مصيرية، اذا اكملنا هكذا البلد ذاهب نحو الانهيار اذا لم نكن قد اصبحنا داخله، لذلك ‏لا يوجد وقت، اننا الان نرى ان نقطع وقت 6 سنوات ونأتي برئيس جمهورية كيفما ‏كان المهم ان يكون هناك رئيس جمهورية، ونرتاح او يرتاح بعضنا انه لا الحمد لله ‏الموقع المسيحي الاول الموقع الماروني الاول مؤمن، المسألة ليست هذه حدودها، ‏هذا تبسيط للموضوع. نُريد رئيس جمهورية لتأتي ايضاً معه حكومة ليكون هناك ‏امكانية لإنقاذ البلد، من هنا غير الكلام الذي قلته سابقاً – الآن هم لم يروا إلا العبارة التي قُلتها ‏في الموضوع: ” ان لا يطعن المقاومة في ظهرها”، أنا تكلمت عن رئيس اذا هدّده الامريكان ‏‏– لا أعرف اذا هذا قلته بالخطاب لكنني قلته بالجلسة الداخلية عندما تناقشت انا ‏وصديقنا الوزير جبران باسيل – قلت له: “نريد رئيساً اذا نفّخوا عليه الأمريكان ما يطير من قصر بعبدا يصير بالبحر المتوسّط”، يعني نريد رئيساً “عندو ركاب”، ‏نريد رئيساً شجاعاً، نريد رئيساً عنده استعداد للتضحية، نريد رئيساً اذا هدده ‏الامريكان ورأى ان هناك مصلحة وطنية كبرى ” ما تفرق معه تهديد الامريكان” ‏جيد، ولدينا هذه النماذج، وتكلمنا في الجلسة الداخلية مَن ومَن، لذلك على ‏الناس ” أن يُطولوا بالهم علينا”، اذا اردتم ان نذهب على رئيس جمهورية لنقطّع 6 ‏سنوات كيفما كان، هذا سهل، الجلسة القادمة ان شاء الله الخميس يكون هناك رئيس ‏جمهورية، المهم عملنا شيء، نحن نبحث عن رئيس جمهورية من هذا ‏النوع، يكون بداية وطبعاً يجب ان نبحث عن حكومة من هذا النوع وعن وزراء ‏من هذا النوع، لا أن يطلع غداً أي وزير أو رئيس ويقول: هذا لا أستطيع أن ‏أفعله، اتصلوا بي من السفارة الأمريكية، يا إخوان اذا اردتم أقول لكم تفاصيل ختى صباح الغد، اتصلوا فيي من السفارة الامريكية أن  هذا أوعا – مش بس أوعا ‏خيك – أوعا هذه تعملها،  أوعا، هذا ممنوع، هذا غير مسموح، يتدخلون في كل ‏شيء، والقوى التي تُسمي نفسها سيادية تعلم ذلك وتسكت وتصمت صمت أهل ‏القبور، لأن السيادية هي شعار فارغ في العلن، نحن هذا شرط أساسي من شروط ‏النهوض الإقتصادي في المرحلة المقبلة.

على كل حال المركز الإستشاري سَيُكمل ‏استشاراته ويُكمل دراساته ويُكمل معطياته ويُكمل اقتراحاته بالتعاون مع الجميع، ‏وإن شاء الله جميعنا نتعاون مع بعضنا، انا أقول لكم هناك آمال كبيرة، هناك نقاط ‏قوة كبيرة، اللبنانيون قادرون على النهوض وقادرون على الخروج، يَحتاجون إلى ‏الإرادة، إلى الرؤية الصحيحة، إلى الخطة والبرنامج والجدية في العمل.‏

مشكورين على الحضور، إن شاءا لله 30 سنة قادمة و90 و 120 ويستمر المركز ‏الاستشاري وتستمر هذه المسيرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى