كلمة رئيس ندوة العمل الوطني في افتتاح ندوة حوارية بمناسبة عيد التحرير والمقاومة في مركز توفيق طباره بيروت

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة، ايها الحضور الكريم.

من هذا المنبر البيروتي الصادق.
من بيروت التي لم ترفع الراية البيضاء.
من بيروت المقاوِمة، التي قاومت العدو الاسرائيلي بكل بسالة، وتمكنت من إرغام جيش الاحتلال، على الإندحار من شوراعها 1982.

نلتقي اليوم، في قلب بيروت العاشقة لفلسطين، ولقاؤنا ليس لمجرد اللقاء، بل لتوأمة انتصار المقاومة في الجنوب، مع انتصار المقاومة في بيروت، والاحتفال بذكرى 23 لتحرير ارض لبنان، من احتلال اسرائيلي، .

تحرير لبنان في 2000 , حدث تاريخي قَلَبَ الموازين والمعادلات، وغيّر سياسات، وكشف اعتوار معظم الانظمة العربية، واسقط جدران الوهم والخوف في المنطقة العربية، فأعاد الى لبنان الضعيف قوته، بعدما كان قوياً في ضعفه، ومنح شعبه الكرامة والعزة، مع انبلاج شعلة المقاومة، التي ستبقى في ذاكرة الاجيال، ليس في لبنان فحسب، بل في ذاكرة أجيال الوطن العربي، لا سيما أجيال فلسطين .

هذا الحدث التاريخي، حقق اول انتصار عربي على العدو الاسرائيلي، ليس بفعل الخنوع والمفاوضات المذلة و العقيمة، بل بفعل مجموعة من الشباب اللبناني، تسلّحت بالإيمان، وبزاد الحق ، و قررت مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، بقوة الروح وبالدماء الذكية، فحققت الانتصار التاريخي، وترجمت على أرض الواقع، مقولة الزعيم جمال عبد الناصر،
“ان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة”.

أبها الاحبة، حُلُم تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي، لم يكن ليتحقق لولا سواعد المقاومين الاشاوس، ودماء الشهداء الابطال، لكن لنعترف بأن كلفة التحرير كانت حتماً مضاعفة، لولا وجود قيادة سياسية، امتلكت ارادة وطنية عالية، وضمير مفعم بالانسانية، وانتماء حقيقي بالعروبة الصحيحة،. وبإيمان مطلق بأولوية تحرير الوطن، من دنس الاحتلال الاسرائيلي، عنيت بذلك فخامة الرئيس المقاوم العماد اميل لحود، والرئيس المؤسس لندوة العمل الوطني الدكتور سليم الحص، الذي اكرمه الله بترؤس حكومة التحرير في العام 2000 .

من هنا يمكننا القول، ان تحرير لبنان، كشف تخاذل وتواطؤ معظم الذين تناوبوا على السلطة في لبنان، وكذلك كشف عورات معظم الانظمة العربية، فهذا الإنجاز التاريخي، اثبت للعالم، انه عندما تتسلح القيادة السياسية بثبات الموقف والحجة، وتلتقي مع قوة المقاومة، يمكننا صُنع المعجزات، وبلوغ الهدف المنشود، وهذا ما تحقق، في عهد الرئيس اميل لحود والرئيس المقاوم سليم الحص.

لم يتقصد هو توقيت التحرير، إنما القدر أمر أن يُكَرّم ضمير لبنان، الرجل الصادق النقي، بتحقيق تحرير لبنان في عهد حكومته 2000 ، تحرير، وصفه الرئيس سليم الحص بالانتصار التاريخي، نعم التاريخي، لأنها المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، يخلي فيها العدو الإسرائيلي، أرضاً عربية بالقوة، من دون إبرام أي إتفاق سلام مع العدو، وبدون علم اسرائيلي يرفرف في سماء الوطن، وهذا الإنتصار يعود الفضل فيه للمقاومة اللبنانية الباسلة.

عقدان من الزمن، عمادهما الثقة المطلقة و المتبادلة ، وثّقا علاقة الرئيس سليم الحص بالمقاومة ، و من خلال رؤيته الثاقبة والدقيقة، القائمة على توفير كل امكانات الدعم السياسي، و تأمين كل عوامل المساندة للمقاومة، لتمكينها من المواجهة والانتصار على العدو الاسرائيلي، وصولاً لدرء هذا الخطر الداهم ، ليس على لبنان وحسب، بل على مستقبل فلسطين وشعبها، مردداً ان المقاومة في لبنان، تماماً كما في فلسطين، فالوجع واحد هنا و هناك ، وجع الإحتلال ، وجع الإعتداءات ، و وجع الظلم.
ولطالما اعتبر الرئيس الحص انه من الواجب الوطني والعربي، التصدي لخطر العدو الاسرائيلي، في شتى المجالات وفي كل الساحات، لأن هذا العدو سم زعاف، آخذ بالتمدد والتغلغل في الوطن العربي، الامر الذي تطابق مع رؤية واهداف المقاومة،

هكذا ومن دون أي تنسيق مسبق، لكن بتلاقي الضمير الوطني، وبصدق النية، تطابق قول الرئيس الحص، مع قول سماحة الامين العام السيد حسن تصرالله، بأن تحرير لبنان هو انتصار تاريخي، سيخلّف إرتدادات استراتيجية، وعلى مدى العقود القادمة، وما نراه اليوم من تراكم ايجابي، في نهج وثقافة المقاومة، في لبنان وفلسطين وسوريه والعراق واليمن ، وبلوغ هذه الثقافة، حدود فضاء فلسفة الوجود ، لتشكل محور المقاومة، الذي وحّد الساحات، وكل ذلك ، ما هو الا ترجمة فعلية ، للارتدادات الاستراتيجية التي تولدت من رحم تحرير لبنان 2000

الرئيس المؤسس لندوة العمل الوطني الدكتور سليم الحص، ومن موقعه كرئيس للوزراء و وزير للخارجية ، دافع و احتضن وحافظ ودعم المقاومة، و لم يخذلها يوماً ولم يساوم عليها، واضعاً نصب عينيه هدف تحرير لبنان، وبشجاعة نادرة, معلناً تأييده الصريح للمقاومة، حتى من منبر الأمم المتحده وفي كل المحافل الدولية .

ايها الساده،
إسمحوا لي ان اعرض لكم بعض من الحوار الذي دار بين الرئيس الدكتور سليم الحص و مادلين اولبرايت وزيرة خارجية اميركا قبل انجاز التحرير في ايار العام 2000 ، و بعد ساعة ونصف الساعة من الحوار الساخن، ظهرت عليها عوارض الخيبة ، لأن الرئيس الحص حاجج بالحجة و بالمنطق وبقوة الحق، و لم يسمح لها وصف المقاومة بالارهاب،

الرئيس الحص
سيده اولبرايت ماذا لو قامت المكسيك باحتلال هيوسن ماذا انتم فاعلون ؟
اولبرايت
لن نسمح بحصول ذلك و الجيش الامريكي سيدافع عن اميركا بكل تأكيد
الرئيس الحص
ولماذا تسمحون لاسرائيل باحتلال جنوب لبنان؟ نحن ندافع عن لبنان بالتأكيد، من احتلال اسرائيلي واقع
اولبرايت
لكن هؤلاء تنظيمات ارهابية
الرئيس الحص
بالنسبة لنا هم لبنانيون ابناء الوطن و اصحاب الارض هؤلاء اولادنا يدافعون عن بيوتهم واعراضهم وممتلكاتهم يمارسون حقهم المشروع في الدفاع عن لبنان، اليست الشرعة الدوليه، كفلت حق مقاومة المحتل.
اولبرايت
هؤلاء يتلقون الدعم من سوريه وايران
اذاً فلتدعموا انتم الجيش اللبناني بالسلاح والعتاد اللازم، الذي يمنح الجيش اللبناني القدرة على ردع العدوان ومنع والاحتلال الاسرائيلي.

نقول
ايها الاحبة يمكننا الاختلاف مع المقاومة، على الاسلوب، على الخطاب على المفردات، على بعض الممارسات، لكن من غير المسموح، الاختلاف مع المقاومة على وجهة البوصلة، وتحديد الهدف الاساس، وهو مقاومة خطر الوجود الاسرائيلي ، والسعي الدؤوب لتحرير فلسطين من البحر الى النهر، و رفض التطبيع والتفاوض أو ابرام اتفاق سلام، مع الاحتلال الاسرائيلي ، حتى تطهير منطقتنا وارضنا العربية من الصهاينة.

نحن ابناء مدرسة الرئيس المقاوم سليم الحص، آمنا بعمل بالمقاومة ضد العدو الاسرائيلي، لازمنا مسيرتها منذ البداية, ونفخر بأننا كنا ولا زلنا وسنبقى سنداً وفياً لها.

ايها الساده
بصفتي كرئيس لندوة العمل الوطني اقول وبكل ثقة، ان تحرير لبنان 2000 شقّ طريق تحرير فلسطين

ان عيد التحرير ، حررنا من الخوف وبث فينا روح النصر، و اختزل الزمان والمكان، وشكل دفعاً قويا للفلسطينيين القيام بالانتفاضة الفلسطينية العظيمة

تحرير لبنان 2000 منح المقاومة الفلسطنية، القوة الزاخرة بالعزم والتصميم على التحرير ، تُرجِم بتحرير غزة من الاحتلال الاسرائيلي 2005

تحرير لبنان 2000 كشف للمقاومة اللبنانية ، الثغرات و مكامن الضعف لدى جيش الاحتلال، فاستفادت منها، وعملت على تطوير قدراتها، ليس على المستوى العسكري فحسب، بل في البحث العلمي والمعرفة والتكنولوجيا والتطور الدائم، الامر الذي منح المقاومة الثقة بالنصر الذي تحقق في حرب تموز 2006 ، و تمكنت من الحاق الهزيمة الكبرى بالجيش الذي لا يقهر .

ان عيد التحرير والمقاومة ليس عبارة عن تحرير ارض من الاحتلال وحسب،. بل ان حدث تحرير لبنان، حرر الانسان العربي ، من بالهزيمة المزمنة، ومن الشعور بالضعف والانكسار، وطأطأة الرأس ، شعور لازمنا منذ 1948 تاريخ نكبة اغتصاب فلسطين.

اما بعد تحرير لبنان 2000 ، واعلان انتصار المقاومة، على العدو الاسرائيلي في حرب تموز 2006 ، وصولا الى تكامل محور المقاومة، وتوحيد ساحاتها في 2023 صار بامكاننا وبكل اعتزاز ترداد مقولة الزعيم العربي جمال عبد الناصر
إرفع رأسك يا اخي.

كل عيد تحرير والمقاومة وانتم بخير

 

Exit mobile version