كتب هلال عون | نحن فاسدون مثلهم

هلال عون | كاتب وباحث سوري

أعلم أن من يتحدث بشكل عقلاني عن واقعنا سيُتهم بأنه منافق ووصولي ، ولكنني سأتحمل هذه الاتهامات ، وسأعبر عن قناعتي دون رتوش ..

بعد أحد عشر عاما من الحرب الكونية عليها ورغم التدمير الممنهج لزراعتها وصناعتها ، و بنيتها التحتية ، ما زالت الدولة السورية و القيادة السياسية في بلدنا تنهج نهج التعليم المجاني في مدارسها وجامعاتها .
ونهج الطبابة المجانية في مشافيها ومراكزها الصحية .
ومازال رغيف الخبز فيها بأقل من سنت ، أي أن الدولار يشتري أكثر من مائة رغيف .

صحيح أن الرواتب والأجور الشهرية للعاملين في القطاع العام لا تكفي الأسرة أسبوعا ، لكنني أعتقد أن الدولة تدير موارد الندرة لديها ، وأن هذا هو الممكن إلى أن تعود إلينا سهول قمحنا وآبار نفطنا المحتلة ، وإلى أن تعود معاملنا للإنتاج ، ويتم بتر أيدي المسؤولين الفاسدين .

وأعتقد أنه لا يعيبني ، كصحفي ، أن أزرع على شرفة منزلي ، أو أن أعمل على بسطة ، في ظروف الحرب ، لأكفي نفسي وأسرتي الحاجة .

بكل وضوح أرى أننا نعيش أزمة فساد أخلاقي ، مثلنا مثل بعض مسؤولينا الفاسدين ، فهم منا ، وليسوا من كوكب آخر .

نحن فاسدون مثلهم ..
لاحظوا معي :

– بعض طلاب المدارس والجامعات يحاولون الغش في الامتحانات .

– أستاذ الدروس الخصوصية يفرض على أهل الطالب تسعيرة للدرس الخصوصي ، تجعل يوميته تعادل راتبه الشهري .

– سائق التاكسي يأخذ منك الأجرة مضاعفة عدة مرات ..
وسائق الميكرو يبيع مخصصاته المدعومة من الوقود في السوق السوداء .

– عامل الصحية ، وميكانيكي وكهربائي ودوزنجي السيارات ، يأخذ منك أجرة مضاعفة عدة مرات مقابل عمله .

– تجار قطع الغيار يضعون ماركة المانيا واليابان «حفرا» على القطع الصينية ، ويأخذون ثمن القطعة أضعافا مضاعفة من المواطن .

– مؤجر البيت ، والمكتب العقاري يسلخان جلد المستأجر حتى لو كان طالب جامعة أو عسكريا أو أرملة، دون أي رادع إنساني .

– المستورِد والتاجر يحتكران السلع ، ويرفعان الأسعار ، ويرسلان أرباحهما إلى البنوك الخارجية .. حتى الدكنجية يغلقون دكاكينهم حين يشمون رائحة غلاء في الأسعار .

– بعض موظفي الحبوب يصنفون قمح الفلاح درجة ثالثة أو رابعة ، و عند تفريغ القمح في مستودعات الدولة يرفعون تصنيفه للنوع الأول ويسرقون فارق السعر ، وهو من جيوب المواطنين.

– بعض أصحاب ومشرفي الأفران يبيعون قسما من الطحين المدعوم للمخابز الخاصة ، بل ويبيعون الخبز بوزن ناقص .

– بعض معتمدي الخبز يأخذون أضعاف الربح المسموح بربطة الخبز .

– بعض مراقبي التموين يخونون مهمتهم مقابل الرشوة .

– بعض عمال سادكوب يسرقون جزءا من مخصصات إسطوانة الغاز ويبيعونه في السوق السوداء .

– بعض أصحاب الكازيات يتلاعبون بعدادات الكازيات ويسرقون البينزين المدعوم المخصص للمواطن ويضعون ثمن الفارق في جيوبهم .

– بعض أعضاء لجان المبايعات والمشتريات في القطاع العام يتلاعبون بمواصفات وأسعار المواد ويسرقون الفارق من أموال الشعب لجيوبهم الخاصة .

– بعض أعضاء لجان العقود ، وخاصة العقود بالتراضي يرفعون أسعار التعاقد مقابل نسبة من الأرباح لجيوبهم الخاصة .

– بعض المسؤولين والمشرفين على التعهدات يستلمون المشاريع ، ويوقعون على أن التنفيذ مطابق لدفتر الشروط ، وهو غير مطابق ، بل إن الأمر وصل بالبعض إلى الصرف على مشاريع وهمية .

– تاجر البقر والمواشي يبيع البقرة التي تحلب 10 كلغ على انها تحلب 20 كلغ .

– تاجر تسمين العجول ، ولكي يزيد وزن عجوله فإنه يطعمها ، قبل بيعها بساعات ، التبن والعلف مخلوطا بكمية كبيرة من الملح ، ويمنعها لساعات من شرب الماء ، حتى إذا شربت لا تكتفي بأقل من 40 – 50 ليترا من الماء .

– منذ خمسين عاما والدولة تصدر قرارات منع مخالفات البناء ، وتوكل تنفيذ القوانين بالبلديات ، التي تغض الطرف وتقبض الرشاوى .

– قانون الادارة المحلية أتاح للمواطنين انتخاب رؤساء وأعضاء مجالس البلديات .. فكانت النتائج كما تعرفونها .

– جمعيات التعاون السكني التي أنشئت لبناء وبيع المسكن للمواطن بسعر الكلفة ، تحولت إلى بؤرة للفساد .

-أحد جيراني صدّع رأسي ، وهو يحدّثني ، يوميا ، عن الفساد والفاسدين ، ويصفهم بأشنع الأوصاف .. ثم تبيّن أنه الوحيد في البناية، الذي يمدد خط كهرباء قبل العداد لمنزله (سرقة) .

والقاسم المشترك بين من سبق الحديث عنهم أنهم جميعا يتحدثون عن الفساد ويشتمون الفاسدين .

 

فينيكس

Exit mobile version