كتاب الموقع

كتب نبيه البرجي | يهوه الداعشي ويهوه التلمودي

نبيه البرجي | كاتب وباحث سياسي لبناني

اذا صحت مسؤولية «تنطيم الدولة الاسلامية (داعش)» عن عملية الخضيرة. هل قرر أبو الحسن الهاشمي القرشي احداث انقلاب في المفاهيم الاستراتيجية، وحتى في المفاهيم الايديولوجية لشقيقه أبي بكر البغدادي؟

عادة، هذا النوع من التنظيمات الاسلامية المصاب بلوثة الدم، يبتدع الله الخاص به، والذي يفترض أن يكون مختلفاً عن اله (أو آلهة) التنظيمات الأخرى، كما يبتدع الشيطان الخاص به والذي يفترض أن يكون مختلفاً عن شيطان (أو شياطين) التنظيمات الأخرى.

الشعار البهلواني لـ «داعش»، ازالة أميركا من الديار الاسلامية، واقامة دولة الخلافة على كل الأرض. بعض فقهاء «التنظيم» لم يكتفوا بهذا الشعار. ما يستشف من أقوالهم تحرير أميركا من المسيحية وانتقالها الى الاسلام.

المثير أن كل ما فعله «التنظيم» في العراق، وفي سوريا، وفي لبنان، وفي مصر، كان لمصلحة أميركا، وغالباً ما كان يدار ويموّل، من قبل دول عربية ترتبط استراتيجياً واستخباراتياً بأميركا.

للمرة الأولى، على ما نتذكر، يضرب «التنظيم» داخل «اسرائيل» التي كانت غائبة كلياً عن أجنداته، لا بل أن معلومات أجهزة استخبارات عربية تؤكد أن «الموساد» تمكن من اختراق قيادة «التنظيم» التي بدا، طوال نشاطاتها على الأرض، وزعزعة البنى السياسية والأمنية لبعض البلدان العربية، أنها تعمل لحساب «تل أبيب».

بل وللمرة الأولى، نعلم أن «للتنظيم» وجوده داخل الخط الأخضر أو في المناطق الفلسطينية، دون أن نعلم أي شيء حول هذا الوجود، حجمه وفعاليته، وهل من امكانية لتوظيف خبراته القتالية في هز «الأمن الاسرائيلي»؟

اعلان «داعش» أثار الذهول لدى «القيادة الاسرائيلية»، وان كان قد أثار ذهولنا أكثر. ماذا لو أن هذا «التنظيم»، بعشرات آلاف المقاتلين (الانغماسيين)، كرّس تلك الجحافل ضد «الوجود الاسرائيلي» في فلسطين، بدلاً من أن يقتل مئات الضباط والجنود المصريين في سيناء، وبدلاً من أن يجتاح الرقة السورية، والموصل العراقية، ويعدّ لاجتياح طرابلس اللبنانية؟

في كل الأحوال، لا يمكننا أن ننظر الى «التنظيم»، ولو تواصلت عملياته داخل «اسرائيل» (وهذا المستبعد)، الا كقتلة، برؤية ايديولوجية تتقيأ الدم. هل أمرتهم النصوص القرآنية بقطع رؤوس كل من لا يأخذ بمعتقداتهم، وبسبي النساء واغتصابهن وبيعهن في سوق النخاسة. هنا التقاطع بين «يهوه الداعشي» و»يهوه التلمودي».

ليس هذا النوع من البشر ما تحتاجه القضية الفلسطينية أو الذاكرة الفلسطينية. شاهدنا أكثر من سقطة في هذا الاتجاه على بعض الشاشات، وان كان ثابتاً بأن صلات «التنظيم» الاستخباراتي، أو المالية، لم تنقطع مع بعض الجهات العربية التي ما برحت تدور، وستبقى تدور، داخل الحلقة المفرغة، الى يوم القيامة.

بطبيعة الحال، ونحن داخل هذا الركام، أو داخل هذا الشتات العربي، لم نعد نمتلك الحد الأدنى من التفاؤل باستعادة ولو حفنة تراب من أرض فلسطين، أو باقامة دولة فلسطينية على أرض فلسطين. ولكن ألا يشكل حملة الحجارة، وحملة السكاكين، وهم حملة الجمر، الهاجس اليومي لتلك الرؤوس الاسبارطية التي احترفت لعبة الدم، ولا شيء سوى لعبة الدم، ضد العرب؟

أمام ذلك المشهد الذي نراه الآن، وحيث نضع باقات الزهر على قبر تيودور هرتزل (هذا ما حدث فعلاً)، نسأل ماذا فعل العرب لليهود، من غرناطة الى دمشق، ومن بيروت الى بغداد، ومن القاهرة الى صنعاء؟ كانوا سادة السوق، وبأدوار ومواقع سياسية أحياناً، حين كانت دول أوروبية تطبق عليهم، ومن مارتن لوثر الى أدولف هتلر. لكننا الظلال البشرية في المنظومة الدولية، وهم الشركاء، شركاء الصف الأول، في المنظومة الدولية…

… ولقد بدأ موسم الحج الى الهيكل!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى