كتب نبيه البرجي | يهوذا في صناديق الاقتراع

نبيه البرجي | كاتب وباحث سياسي لبناني

لكأن كل حجارة جهنم تتساقط فوق رؤوسنا…

ليتنا أوكرانيون لتفتح أمامنا الأبواب. يأتينا أحمد أبو الغيط بأرداف فيفي عبده، ويعود بقبقاب غوار الطوشي. أبواب العرب توصد في وجوهنا اما لأننا ارهابيون (حبذا لو كنا ارهابيين) أو لأننا لسنا من الجنس الأبيض. كم نتمنى لو كنا نتحدر من ساقي مارلين مونرو لا من فخذ يعرب بن قحطان!

مأساتنا التي تهز الجبال لم يرف لها جفن أي مسؤول عربي. نعلم أن الذين تعاقبوا على السلطة عندنا، بمنطق مصاصي الدماء لا بمنطق رجال الدولة، جعلونا حيناً في مهب الزلازل، وحيناً في مهب الحرائق. هذا زمن يهوذا، ونحن معلقون على الخشبة…

أولئك الذين يحاولون اقناعنا بأن الجمهورية الثالثة ستظهر، كعصا سحرية، في صناديق الاقتراع وقد تحولت الى خنادق (أم الى قبور؟)، ليسوا سوى الفقاعات الهشة التي تدار بخيوط العنكبوت. لا دولة، ولا مجتمع. جاليات هجينة ومكدسة في… حقائب السفر!

متى يدرك أركان السلطة عندنا أن روسيا في مأزق، وأميركا في مأزق، وأوروبا في مأزق، وأن العالم في مأزق. لا خطط ولو على ورق لمواجهة الاحتمالات التي تدق على أبوابنا. القسطنطينية سقطت، والجدل باق. انتخابات أو لا انتخابات. ميغاسنتر أو لا ميغاسنتر. لا معنى لأصواتنا التي ماتت.

حتماً، لا نستثني الأوثان الأخرى التي تطبق على صدورنا. ألا يبدو في الجزء الأمامي من المسرح أن الكرة الأرضية عالقة بين جبران باسيل وسمير جعجع، وبينهما سامي الجميّل؟

كل شيء تقريباً يشي بأن تداعيات الحرب في الشرق الأوروبي، وحيث الأوكرانيون مثلنا ضحايا الآلهة، انصاف الآلهة، ذاهبة نحو الأسوأ. اما الانفجار الأبوكايبتي أو فرساي آخر، ناهيك بيالطا الأخرى؟

أليس مثيراً أن الأتراك والاسرائيليين بالذات يبدوان الآن وكأنهم نجوم التسوية، وبتوافق أميركي ـ روسي؟

كم يبدو الرئيس فؤاد السنيورة غافلاً (لا نقول مغفلاً) حين يقفل عينيه أمام المشهد الدولي، والاقليمي ؟ غرفة عمليات في باريس من أجل اتصالات سياسية، ومالية، وصفت بالحساسة جداً من أجل تشكيل «قوة صدم» انتخابية لازالة «الاحتلال الايراني».

كمن يذهب الى الحج والناس راجعة. يارجل، الاتفاق في فيينا وراء الباب. هل تتصور أنه لن تكون لذلك تداعيات جيوسياسية على كل المعادلات، والعلاقات، في المنطقة؟

واقعاً، في هذه الأيام ضاعت المحاور، وضاعت السياسات، كما ضاعت الاستراتيجيات. ماذا سيحدث لنا، لرغيف الخبز ولتنكة المازوت، أن استمرت الأزمة. وهل ستأتي صناديق الاقتراع بالطحين وبالمحروقات؟

لو كنا لبنانيين حقاً، ساخطين حقاً، وأمام قانون انتخابات لا يليق حتى بالماعز (ويزيد من مشكلتنا كهياكل عظمية معلبة) لقاطعنا الانتخابات. غالبية الهابطين علينا من المدخنة حجارة جهنم التي ننتظرها «كمن ينتظر يهوذا يقدم له باقة من البنفسج». هكذ قال غابرييل غارسيا ماركيز حين بعث اليه ديكتاتور تشيلي أوغيستو بينوشيه بوسام مذهب بمناسبة نيله جائزة نوبل…

كم يهوذا ينتظرنا في صناديق الاقتراع؟!

Exit mobile version