نبيه البرجي | كاتب وباحث سياسي لبناني
من أوراق ستيف بانون، كبير المستشارين السابق في البيت الأبيض، أن الرئيس دونالد ترامب فكّر بحرب استباقية ضد الصين على مرحلتين. الأولى اقتصادية، وتأخذ منحى عنكبوتياً. ارغام البلدان الخليجية على وقف صادراتها من النفط والغاز اليها، وحمل هذه الدول، الى جانب الدول الحليفة الأخرى في أوروبا، كما في سائر القارات الى مقاطعة المنتجات، والاستثمارات، الصينية.
الاعتراضات، وكانت عاصفة، بدأت من الداخل الأميركي مؤسسات صناعية ومالية، وصولاً الى مجلس الاحتياط الفديرالي، وقفت بقوة ضد الفكرة، باعتبار أن مغامرة من هذا القبيل يمكن أن تحدث تصدعات في البنى المالية والاقتصادية للولايات المتحدة.الأوروبيون الذين يعانون، في غالبيتهم، من أوضاع اقتصادية هشة، لم يجدوا أي مبرر منطقي لفكرة قد تقود العالم الى احتمالات أبوكاليبتية. اذ يتطور التبادل بين الأسواق الأوروبية والأسواق الصينية بشكل مطرد، لا يمكن التعامل مع الصين كما تم التعامل مع العراق ومع افغانستان. هنا دولة راسخة، وبامكانات بشرية واقتصادية وتكنولوجية، غير قابلة للانكسار.
الآن يفكر جو بايدن كما كان يفكر سلفه في البيت الأبيض، وان في ظروف مختلفة. معلقون قريبون منه يستخدمون تعبير «الخنجر الصيني» في الصراع بين أميركا وروسيا في الشرق الأوروبي.
جهات سياسية وعسكرية فاعلة داخل القيادة الروسية تأخذ على شين جينبينغ، أنه يتعامل مع الأزمة بأصابع مخملية، مع أن الصراع لم يعد مع كييف وانما مع واشنطن، التي لا تتوخى احتواء المد العالمي للاسترتيجية الروسية فحسب، وانما أيضاً الى احتواء التمدد الصيني، وابقاء التنين داخل القمقم.
وكان الباحث العسكري الأميركي مايكل أوهانلون قد ألمح الى أن البنتاغون وضع «استراتيجية قعر الزجاجة» لوضع العوائق أمام الصين، والى حد افتعال صدامات تكتيكية اذا اقتضت الظروف ذلك للحؤول دون أي محاولة تقوم بها للحلول محل الولايات المتحدة في قيادة العالم.
أوهانلون الذي يعتقد أن الصين مثلما لا تريد لروسيا أن تنتصر في الحرب، لا تريد لأميركا أيضاً، سأل «من يغرق أخيراً في النيران الأوكرانية»؟ حذّر من أي قراءة خاطئة لما في رؤوس العسكريين الروس الذين لن يقبلوا بالتقهقر على حدود بلاددهم، وهم الذين طالما تحدثوا عن «التاريخ الملتبس» لجارتهم الغربية.
قال «لا شك أن القيادة الروسية فوجئت بأشياء لم تكن تتوقعها، لكنها تمتلك كل الامكانات اللازمة لعمليات صاعقة وازالة السلطة الحالية في كييف».
أكثر من باحث يأخذ بهذا الرأي، ويدعو بايدن «الذي لم يصل بعد الى الخيار الصعب»، الى عدم المجازفة بعدما بدأ محادثات مع كبار الحلفاء الأوروبيين حول مواقف جينبينغ، ما قد يحمل هذا الأخير على اتخاذ مواقف من الحرب لا تتفق والرؤية الأميركية، كون «العين الحمراء «لا تقتصر على روسيا، بل تشمل الصين أيضاً.
بيلار ضد استدراج الصين الى الخندق. «دعونا نفكر مثلما كان يفكر فرنكلين روزفلت لا مثلما كان يفكر دونالد ترامب «. عقلانية هذا وجنون ذاك…