عتب أم غضب خليجي على أميركا ؟ أميركا “المحبطة” (لاحظوا التعبير) من زيارة الرئيس بشار الأسد للامارات العربية المتحدة . متى كانت تتحدث بهذه اللهجة مع بلدان مجلس التعاون , وهي التي تزعزع الدنيا في هذه الأيام ؟
“لماذا لا تكترث ادارة جو بايدن بلاءاتنا , وتلهث وراء … آيات الله ؟” .
الكلام لوزير خارجية دولة خليحية خلال حلقة ضيقة مع سفراء المجلس في بلاده , ونقل الينا بعض المقتطفات منه رئيس القسم الخارجي في احدى صحف الخليج .
لم يتصور الوزير أن ثمة دولاً في العالم “أكثر من دولنا قدمت خدمات استراتيجية للولايات المتحدة على مدى عقود طويلة . استثماراتنا , وودائعنا , فيها فاقت التريليون دولار دون أن توظف دولاراً واحداً عندنا , خلافاً لما فعلته في كوريا الجنوبية , وحتى في فيتنام والصين حيث تصنع أجزاء من طائرات البوينغ , أحد رموز العظمة الأميركية” .
أشار الى أوروبا التي أنقذها فرنكلين روزفلت من براثن أدولف هتلر , قبل أن يطلق جورج مارشال , وزير الخارجية في عهد هاري ترومان , مشروعه الشهير لمساعدتها على الخروج من الركام , في حين لاحظ جان ـ جاك سرفان ـ شرايبر , في كتابه “التحدي الأميركي” , أن نحو ثلثي الشركات الأولى في القارة العجوز هي أميركية .
“لا شيء من ذلك في بلدان مجلس التعاون , بل صفقات سلاح بمئات المليارات . حتى في السيناريو الخاص بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي , أدى الثمن الذي تقاضاه الأميركيون الى تفريغ صناديق السيادة في هذه الدول” .
الوزير تحدث عن “أزمة ثقة بيننا وبين واشنطن التي يبدو جلياً , أنها تخوض في الشرق الأوروبي معركة التفرد بادارة الكرة الأرضية التي تتدحرج نحو المجهول” .
هذا لا يحول دون قوله باستحالة الانفكاك عن المسار الاستراتيجي للولايات المتحدة التي “نتوقع أن تتركنا للرمال حالما ينضب النفط , لكننا نعمل , وان في الظل أحياناً , لتوثيق علاقاتنا بروسيا , وحيث مصالحنا المشتركة في ادارة الوضع الزئبقي لأسعار النفط , ومع الصين التي لا يبدو أن لها مصالح جيوستراتيجية مباشرة في بلادنا . باختصار , لا أحد يستطيع التكهن بما يمكن أن يحل بنا اذا ما قررنا الانفكاك , بانتظار ما يحكى عن تبدلات مثيرة في خارطة القوى قبل حلول منتصف القرن” .
حتماً , لا أحد يعلم الى يمضي الصراع العسكري الراهن بين أميركا التي استنفرت كل حلفائها , أو كل الذين يدورون في فلكها على امتداد القارات الخمس , وروسيا التي تنظر الى العقوبات كونها الوجه الآخر للحرب العالمية الثالثة , وهذا ما يثير القلق من ردات فعل الكرملين الذي قد لا يتردد في اللجوء الى الخيار النووي التكتيكي , على أنه السبيل الوحيد لحمل االأميركيين على اعادة النظر بالعقوبات .
لكن الثابت أن الأميركيين أظهروا مدى نجاحهم في استقطاب غالبية دول العالم , وان بادارة قد تكون في ذروة الرداءة . هكذا أثارت الهلع لدى الدول المناوئة لسياساتهم , وان كان لافتاً اصرارهم على فتح الأبواب مع ايران , ما يثير الهواجس لدى أكثر من دولة خليجية , وحتى لدى اسرائيل , من صفقة ما تتعلق بالخارطة الجيوسياسية , والجيوستراتيجية , للشرق الأوسط .
الادارات المتعاقبة , وان تعاملت , أحياناً , مع تركيا كدولة حليفة , وعضو في حلف الأطلسي , كما توجد في مستودعاتها 50 قنبلة نووية أميركية , لا تثق برجب طيب اردوغان , بديبلوماسية الثعبان , واستراتيجية الثعبان , وها هي تدفع به الى الزاوية (أم الى المشنقة ؟) حين تدعوه لارسال منظومة صواريخ “اس . اس ـ 400 ” الى أوكرانيا , الأمر المستحيل بطبيعة الحال .
اسرائيل تشعر كما لو أنها باتت تشكل عبئاً على الولايات المتحدة . لم يعد بامكانها الاضطلاع بدور الذراع العسكرية للولايات المتحدة , كما أنها تتصرف , أحياناً , وكأن هذه الأخيرة هي ذراعها العسكرية , خصوصاً في الحاحها على ضرب ايران ولو يالقنبلة النووية .
ايران , بالسياسات الصلبة , بالرغم من العقوبات القاتلة, هي الهدف . التعاون بدل المواجهة , المعادلة التي يحتاج اليها الأميركيون للحفاظ على مصالحهم الى أن تدق ساعة الرحيل .
بانتظار ذلك , اللهاث وراء آيات الله . دول خليجية بين علامات الاستفهام وعلامات التعجب . عجباً ما يحدث …