تحليلات و ابحاثمقالات مختارة

كتب ناصر قنديل | مبادرة السيّد موجهة إلى كتلتين ومجموعة نواب

ناصر قنديل | رئيس تحرير صحيفة البناء

– خلال مرحلة ما قبل الانتخابات شكل خطاب العداء للمقاومة عنوان حملة خصومها في الداخل والخارج، وقد كان واضحاً أن في كلام الأمين العام لحزب الله عن المقاومة والسلاح تفنيداً واضحاً لذرائع هؤلاء، وإسقاطاً لحججهم، واستعراضا لتاريخ مواقفها، وأكذوبة الإجماع حول المقاومة قبل التحرير، وصولاً لتأكيد مضي المقاومة في مشروعها غير آبهة بهؤلاء، وهي التي لو أبهت لهم في الماضي لكان الاحتلال لا يزال قائماً، بينما كان مجلس النواب كله بين أيديهم والرئاسات والحكومة والمؤسسات، وكانت المقاومة أضعف بكثير وكثير، فكيف تأبه وهم باتوا في الداخل والخارج أشدّ ضعفا وباتت المقاومة أشد قوة؟

– بالمقابل شملت خطابات التمايز وصولاً للخصومة مع المقاومة مروحة من الكتل الحليفة أبرزها كان التيار الوطني الحر، الذي سجل ملاحظة تتصل بسلاح المقاومة لجهة ما وصفه بدوره في المنطقة، وثانية تتصل بمضمون التحالف في قضايا بناء الدولة والتي يختصرها انتقاد التيار لتمسك حزب الله بالتحالف مع حركة أمل. وإذا كان الحزب يجدّد تمسكه بالتحالف مع أمل، ويفتح الباب لحوار منفصل مع التيار الوطني الحر ومسعى تفعيل قنوات الحوار الثلاثي بين الحزب والتيار وأمل، إلا أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عيد المقاومة والتحرير يتوجّه في الجزء الخاص بسلاح المقاومة إلى مجموعة داخلية بدا أن التيار من ضمنها، رغم وقوف التيار على ضفة التمسك بالمقاومة وسلاحها كأداة حماية للبنان، ورغم كونه غير معني بالجزء الذي خاطبه السيد نصرالله مؤكداً التمسك بالجاهزية للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، إلا أنه قد يكون المعني الأول بالإشارة اللافتة للسيد نصرالله حول نهاية الحاجة في المنطقة لما سُمّي بـ تدخلات الحزب وسلاحه، والاستعداد لربط دور السلاح بمقتضيات حماية لبنان وثرواته، وصولاً لطلب السيد تشكيل أغلبية داخلية تقف وراء معادلة تضع قوة المقاومة وقدراتها في كفة ضامنة لتسريع تثبيت حقوق لبنان والبدء باستخراجها واستثمارها، فيما أسماه كنز لبنان المهمل في البحر، والذي يصحّ في حال اللبنانيين تجاهه، وهم يبحثون عن مصادر للتسوّل، ما قاله الشاعر العربي طرفة بن العبد، “كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول”، منتظراً من التيار مواكبته في الحملة الخاصة بهذا الملف، ومن رئيس الجمهورية في ما تبقى من ولايته الرئاسية وضع ثقله الدستوري كمسؤول عن ملف المفاوضات، الى جانب الحزب ورئيس المجلس النيابي الذي قال إنه يلتزم بمنح التفاوض مهلة شهر حتى يبدأ التنقيب عبر الشركات التي تمّ تلزيمها او تلزيم سواها، ووضع سلاح المقاومة على الطاولة لحماية الاستخراج والاستثمار.

– الجهة الثانية التي يبدو أن السيد قد خاطبها، هي الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي ترسم العلاقة معه مسيرة إشكالية، فهو ليس من الذين كانوا في الضفة الأخرى خلال الثمانينيات ومعركة إسقاط اتفاق 17 أيار، رغم التباسات تتصل بموقفه من المقاومة، وهو لم يكن في التسعينيات من الذين شككوا بجدوى المقاومة، ولكنه بالمقابل من الذين شنوا حملات ظالمة على المقاومة وسلاحها، وبالتوازي حافظ عبر رئيسه على علاقة تعاون مع رئيس حركة أمل حليف حزب الله الرئيسي في الانتخابات، وفي مقاربة سلاح المقاومة ودوره في حماية لبنان، فيما كان الحزب الاشتراكي خلال الانتخابات حليفاً للقوات اللبنانية، أما وقد انتهت الانتخابات والحزب الاشتراكي يضع ملاحظاته على نقطتين في سلاح المقاومة، الأولى الدعوة لانسحابه من ملفات المنطقة، والثانية الدعوة لإقرار استراتيجية دفاعية ومطالبة حزب الله بجدية أعلى في التعامل مع هذا العنوان. فجاء كلام السيد ليلقي الكرة في ملعب أصحاب هذا الخطاب، ليقول ملفات المنطقة حسمت ولم يعُد أصلاً ثمة حاجة لدور، إلا إذا كان الاشتراكي يريد من المقاومة الحياد إذا اندلعت معركة القدس، وبالتوازي يضيف السيد جدول أعمال واضحاً، تعالوا نبدأ بالإجابة عن سؤال عملي في الاستراتيجية الدفاعية، هو كيف نحمي ثروات النفط والغاز، ثم كيف نبني قدرة الدولة وقوتها، وبعد هاتين سيسهل البحث في تحديد دور المقاومة في الاستراتيجية الدفاعية على المدى القريب والمتوسط، فهل يقرأ الاشتراكي متغيرات العالم والمنطقة ويتموضع في الوسط مجدداً بعدما انتهت الانتخابات؟

– الجهة الثالثة التي خاطبها السيد كانت عدداً من النواب المستقلين، الذين كان بعضهم حليفاً للمقاومة مثل النائب أسامة سعد والنائب عبد الرحمن البزري، ونواب جدد بعضهم مستقل وبعضهم تحت راية جماعات 17 تشرين، ظهرت لهم مواقف غير عدائيّة تجاه المقاومة، أكدوا خلالها أن المطلوب السير ببناء قدرات الدولة، ولكن خلال الفترة الفاصلة عن اكتمال قدرة الدولة على الحماية لا يمكن قبول تجريد لبنان من القوة التي تمثلها المقاومة، وحصروا ملاحظاتهم بما وصفوه بالدور الإقليمي لسلاح المقاومة من جهة، والحاجة للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، فقال السيد نحن جاهزون، وكنا دائماً جاهزين، فتعالوا الى الحوار، حول كيف نحمي سريعاً كنزنا المهمل في البحر ونستثمره في الخروج من الانهيار، وكيف نبني قدرات الدولة وننهض بمؤسساتها، ونسلّح جيشها، ونستكشف من يقدم لنا السلاح النوعي الذي يحقق التوازن، وتكون بين أيدينا القدرة على تمويل الجيش وحاجاته للحضور والتماسك، من جهة، وشراء السلاح إذا وجد البائع من جهة مقابلة.

– المنتظر أن نسمع من هذه الأطراف أجوبة، تقول إذا وجدت جديداً في كلام السيد، وما اذا كانت تعتبره إعلاناً لمد اليد وتستجيب لدعوته، لتتشكل أغلبية من نوع آخر عن الذي عرفناه، أغلبية حول ملف عنوانه سلاح المقاومة لحماية لبنان حصراً، والبداية بحماية ثروات النفط والغاز، وإطلاق الحوار حول استراتيجية الدفاع الوطني، انطلاقاً من بناء قدرات الجيش وتسليحه وصولاً لتحقيق التوازن الذي يحمي لبنان ويردع العدوان، وفي قلبه يتم الجواب على سؤال دور المقاومة وسلاحها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى