تحليلات و ابحاثمقالات مختارة

كتب نارام سرجون | الآن عرفنا لماذا أُبعد ترامب وجيء ببايدن .. الهدف روسيا بوتين.

نارام سرجون | كاتب وباحث سوري

لطالما تساءلت عن هذا النزاع بين الذئاب البيضاء .. معسكر ترامب ومعسكر بايدن .. ولطالما تساءلت عن هذا اليقين الذي يملكه ترامب من أنه تم تزوير الانتخابات الامريكية .. وقاتل من اجل هذا اليقين حتى آخر لحظة .. والى الان لم يعترف بهزيمته التي أرغم على ابتلاعها وحشرت في حلقه بالقوة .. حتى انه رفض حضور حفل تنصيب بايدن .. وكان لافتا هذا اليقين من انه تم ابعاده بقرار كبير (من تحت) اي من الدولة العميقة على عكس الدولة التي تصدر قرارات (من فوق) .. ويبدو ان القرارات التي (من تحت) دوما هي الاقوى ونحن لانزال نعتقد ان القرارات التي تأتي من فوق هي الاقوى ..

الدولة العميقة الامريكية بعد معركة سورية ادركت ان زمن القطبية والهيمنة صار مهددا جدا .. ففي غمرة انشغال اميريكا بالفتوحات الدينية لحكايات والأساطير المجنونة العبثية للمسيحيين الصهاينة كانت الصين تبني اعظم اقتصاد في سرعة قياسية .. وصارت الصناعات الصينية تلتهم الاسواق لأن الصناعيين الامريكان تراجعوا لصالح تجارة الحروب والازمات والنفط والسرقات الاممية للشعوب .. واكتشف الاميريكون ان الروس طوروا أعظم الصناعات والتقنيات العسكرية ..
السخرية هي ان الاميريكيين فتحوا بابل والقدس من اجل اسطورة يهودية قديمة .. وفيما هم منشغلون بفتح بابل والقدس .. ظهرت المفاجأة في الشرق .. روسيا والصين .. التنين ذو الرأسين ..

وهنا يمكن ان نفهم ان الصراع بين معسكر ترامب والدولة العميقة كان حول اولوية المعركة .. فلايمكن خوض معركتين في آن واحد .. اما الصين واما روسيا .. معسكر ترامب كان يرى ان تهديد روسيا عسكري ولكن في ظل التغيرات الدولية فان الاهم هو الصين والتجارة .. فيمكن لروسيا ان تكون لها أسنان نووية كما كان لها قبل ذلك دوما .. ولكن لايجب ان تنهض صناعاتها واقتصاداتها .. لان الدبابة لاتؤكل والصواريخ النووية ليست خبزا وزبدة .. وهي اسلحة لايمكن استخدامها الا للردع والتهديد لان اطلاق اول صاروخ نووي سيعني نهاية الخصم وانتحار الذات ..

اما الصين فانها اذا هيمنت على اقتصاد العالم فان اميريكا سيكون وضعها مثل وضع روسيا .. اسلحة فتاكة وقدرات نووية لاحدود لها .. ولكن الدولار سيتراجع والاقتصاد سيتآكل .. ويصبح الاميريكيون يملكون حتى القمر ولكن القمر لاينبت فيه الخبز ولا يصنعون منه الزبدة .. والصواريخ النووية لن تكون ساندويتشات .. اي بلد متخم بالقوة والعضلات ومائدته وخزائنه فارغة لان تجارة العالم صارت بيد الصين التي اخذت موارد العالم اليها ..

المزاج العام الامريكي والناخبون كانوا قولا واحدا مع ترامب الذي اراد استعادة الدور التجاري والاقتصادي لاميريكا وترك روسيا تلعب بأسلحتها النووية والتقليدية طالما انها لاتنافس في الأسواق التجارية .. ولكن الدولة العميقة كان لها رأي آخر بعد ان رأت بأم عينها أداء التكنولوجيا العسكرية الروسية الرفيع في سورية .. وكيف ان السلاح هو الذي يقلب الخطط والمشاريع .. لأن السلاح الروسي المدهش تحالف مع محور المقاومة .. وحرم اميريكا من اهم صيد في هذا القرن .. سورية التي كانت لو سقطت بيد الناتو سمحت لاميريكا بأخذ المسلمين معها جميعا الى مناطحة الصين وروسيا معا .. دون ان تخسر طلقة واحدة .. المسلمون كالعادة يقاتلون ويقتلون ويموتون .. والفتاوى تصنع لهم في اميريكا وتل ابيب .. ويتم توزيعها عبر وكلاء الاخوان في استانبول وقطر ودكاكين الوهابية في الرياض .. امة من مليار ونصف مسلم هي التي ستدحر الصين وروسيا وتنتحر على اعتاب روسيا والصين .. وهي التي سترسل بلا توقف ملايين المقاتلين الى الجبهات ليموتوا في المحرقة .. وتتخلص اميريكا من ثلاثة اعداء دفعة واحدة .. الصين .. وروسيا .. والمسلمين ..

كل هذا توقف بسبب محور المقاومة والسلاح الروسي المتفوق .. وكان من الواضح ان العامل الروسي العسكري لم تكن الصين قادرة على تقديمه لأن الصين معروف انها لاتحب الخروج عسكريا خارج أسوار الصين منذ وجدت باستثناء مرحلة جنكيز خان ..
ولذلك على هذا السلاح من وجهة نظر الغرب ان يعود الى مخازنه ليصدأ وعلى روسيا ان تخرج من الساحة الدولية .. ولذلك كان على ترامب ان يخرج من البيت الابيض حتى لو صوتت له كل اميريكا لأن مشروعه هو حرب تجارية مع الصين والخروج من الحروب العسكرية المكلفة .. حيث انه قدم لاسرائيل كل ماتريد على الورق .. خذي يااسرائيل ماتشائين من عقود وعطايا واراض .. لاتكلف ترامب الا ورقا وتوقيعا .. ولكن اقلعي اشواكك بيدك .. سأنظف الشرق الاوسط من كل من يزعجك وسأقتل أعداءك اذا أمكنني .. سليماني ونصر الله والاسد .. وبعدها سأخرج ..

هذا الكلام لم يرق للدولة العميقة .. انها تريد بوتين ومشروعه الطموح لانه سيعيق مشروع امبراطورية اميريكا لهذا القرن .. الرجل الخطير والطموح والذي أخرج روسيا من مرحلة التفكك والظلام ويعيد بناء امبراطوريته قطعة قطعة .. والاهم انه يحترم السلاح ويقدر اهميته ويصونه ويحميه .. ويريد المزيد منه .. ويحن قلبه الى زمن الاتحاد السوفييتي .. وهذا الرجل سيقدر ان يكون حليف الصين ويعطيها سلاحا وتفوقا في اي معادلة للثأر من الغرب كما فعل في معركة سورية .. ولافائدة من مواجهة الصين تجاريا اذا كانت روسيا وسلاحها معها .. كما حدث في معركة سورية .. الجيش السوري والسلاح الروسي قلبا المعركة تماما ..

اوكرانيا لامصلحة لها في الانضمام لحلف الناتو بل ان المجموعة الحاكمة تعمل بتوجيه أمريكي على احكام الطوق حول روسيا التي صارت مهددة ومطوقة بالصواريخ .. وبقيت النافذة الاوكرانية ودول اواسط آسيا التي تحاول اميريكا اقتحامها كما حدث في تركمانستان .. والغاية من اللعبة الاوكرانية هي مساومة روسيا على دورها .. لأن روسيا خرجت الى المتوسط وعادت الى دور المعارضة الدولية .. وهذا مايراه الاميريكيون خروجا على اتفاق مابعد الاتحاد السوفييتي حيث خرجت روسيا من كل جبهاتها وتخلت عن الدور المعارض .. وسكنت في الجليد .. ورضيت بدور (روسيا أولا) كما هو مطلوب من كل دولة لها طموحات مثل مصر الناصرية المتوثبة التي اختصرها السادات الى قزم (مصر أولا) .. وروسيا اليوم تجد ان الغرب خرق الاتفاق ويحاول اطباق الجغرافيا عليها وتسييجها بالقواعد والصواريخ .. فكان خروجها الى سورية اعلانا انها خرجت من ذلك التفاهم الدولي القاضي بترك السياسة الدولية وشأنها وان روسيا أولا يقتضي ان تكون حيث كانت ايام الاتحاد السوفييتي ..

روسيا اليوم تدرك ان اوكرانيا هي دمية وان اللعبة الكبرى هي اعادة روسيا الى زمن السكير الثمل بوريس يلتسين البائس وغورباتشوف الساذج .. وتحكم الاوليغارشيا الروسية في كل شيء التي ستبيع روسيا ودورها وكلمتها مقابل الدولارات .. روسيا اليوم مع حلفائها الذين وقفت معهم وسيقفون معها ..

ان كل حرب حولنا ستفيدنا .. وكل صراع حولنا يجب ان نجد فيه مايصب في مصلحتنا .. والصراع مع روسيا لن يجعلها تقبل بشعار روسيا أولا.. بل بشعار روسيا عائدة .. ومن هنا فان الضغط الغربي على روسيا سيعني ان مواقع الاميريكيين في سورية والعراق لم تعد على مايرام .. وهذا سيسهل علينا معركة تحرير المنطقة الشرقية والتنف .. فالروس الذين تريثوا في اكمال التحرير معنا سيجدون ان روسيا العائدة لن يتحقق الا باخراج اميريكا من الشرق الاوسط وخاصة من سورية ..
حقا ان سورية الله حاميها .. هذا الشعار يكاد يقول ان الاحداث والصدف تجعلنا نحس وكأن العناية الالهية تصنع لنا ظروفا مناسبة جدا كي تستمر سورية بحماية الله .. وأقداره التي يقدرها كي تبقى محمية الى آخر الزمان ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى