كتب ناجي صفا | بين الحلم الإسرائيلي وقرار المقاومة السيادي ؟؟

ناجي صفا | كاتب وباحث سياسي

يدور نقاش ساخن داخل دوائر القرار في لبنان ، وعلى صفحات التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية حول اي مصير سيكون للنفط والغاز في لبنان بعد المنزلقات التي بلغها نلكوء القرار السيادي اللبناني والتردد الذي يرتقي احيانا الى مصاف التآمر هذا اذا احسنا النية ، والى التآمر الفعلي اذا ما قررنا محاكمة اداء الدولة حيال هذا الملف خلال عشر سنوات من طرقه ولغاية الآن .
على ضوء التطورات التي تشهدها الساحة الدولية وبخاصة الصراع في اوكرانيا ، واضطرار الغرب للبحث عن بدائل للنفط والغاز الروسي تتظهر الصورة اكثر وضوحا حول الإصرار الاميركي الإسرائيلي على استخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه حتى لو كان الضحية لبنان بشعبه واقتصاده وثرواته ولو كان الثمن المباشر لذلك جوع اللبنانيين .
واذا اقمنا ربطا بين كل ما يجري من تعثر محادثات فيينا ، ورفع منسوب الإتهام لإيران وصولا الى التهديد الإسرائيلي العسكري مع قبة باط اميركية، وراقبنا الضربات العسكرية الظاهرة والمستترة بين ايران والعدو الصهيوني ، نجد ترابط كل تلك الأحداث بما يشهده العالم من اقتتال لتثبيت قواعد وتوازنات دولية ، وتكريس قواعد الأحادية القطبية التي تهتز تحت تأثير ما تشهده اوكرانيا والعالم .
لا شيء يأتي من فراغ ، وانما في سياق تكريس الإستراتيجيات والوقائع ، وما شهده ويشهده لبنان منذ سنوات لا يخرج عن هذا السياق وبعضه مخطط وغير بريء .
كل يوم تتكشف وقائع جديدة تؤكد ما اشرنا اليه ، بدءاً من انفجار مرفأ بيروت الذي ما زال التستر على ما جرى فيه ، ومن حرف للوقائع عن الحقائق التي يتبرع العدو في كشفها ضمن سياق استعراضه لإستراتيجيته ولمشاريعه ، فقد اشارت صحيفة “هآرتس ” الصهيونية في مقال لها بعنوان ” مستقبل لبنان ، ضاحية اسرائيل الفقيرة ” اشارت فيه كيف سيتم اجبار لبنان على السلام مع اسرائيل ” .
يذكر المقال ان لبنان المفلس لم يعد امامه اي خيارات .
الملفت في المقال انه يفصح عن مشروع اقرته الحكومة الإسرائيلية عام ٢٠١٨ حول مشروع السلام في الإقليم ، ويقوم في احد بنوده على ان يكون مرفأ حيفا نقطة الوصل بين المتوسط واوروبا وكل الخليج العربي ، مع انشاء خط سكك حديد تربط اسرائيل بكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات . اضافة الى مشروع مد الغاز الى اوروبا عبر قبرص واليونان وايطاليا الذي سينتهي العمل به عام ٢٠٢٥ .وهذا سيحول اسرائيل الى ” مركز الإرتكاز ” الإقتصادي والمالي والسياسي في المنطقة .
لا ينبغي المرور مرور الكرام على هذا الكلام ونحن نقارب السؤال البديهي عمن هو المستفيد من أي عمل تخريبي ونحن نقارب قضية انفجار مرفأ بيروت ، ثمة معلومات ترددت من ان فلاديمير بوتن سيكشف لاحقا عمن فجر المرفأ ومن اغتال الحريري وان لديه معلومات موثقة بصور الأقمار الصناعية عمن قام بذلك ، لننتظر ونرى .
وعودة الى موضوعنا الأساس المتعلق بالجيواستراتيجيا والجغرافيا الإستراتيجية للعالم وبالتأكيد للمنطقة ، والى صراعات الغاز والنفط الذي شهدها العالم وما زال يشهدها ، وما جرى لسوريا في عشرية النار ليس بعيدا عن هذا الصراع ، نجد اليوم وفي اعقاب احتدام الصراع في اوكرانيا بين الناتو ومن خلفه الغرب الاميركي والاوروبي ، ومن محاولات تأمين البدائل للغاز والنفط الروسي نستطيع ان نفهم الإصرار الاميركي – الصهيوني – الغربي على استخراج الغاز من حقل كاريش مهما علت الكلفة التي يمكن ان تقترب من حرب اقليمية كما المح سماحة السيد . .
كتب صديقي الأستاذ ناجي امهز مقالا بعنوان ” ان لبنان لن يستخرج غازه ، وان حزب الله سيضطر لمحاربة حلف شمال الأطلسي ” ؟؟.
يدرك صديقي ان سماحة السيد حسن نصرالله عندما تحدّى اسرائيل واعلن عن استعداده للذهاب الى الحرب ، ان نصرالله بعقله الإستراتيجي كان يعي ما يقول ، وما يخطط له ، وهو حقيقة تحدٍ لإسرائيل وحلف شمال الاطلسي معا ، ولا اظن ان سماحته بهذه الخفة التي تسمح له برفع سقف التهديد لإسرائيل ومن خلفها حلف شمال الاطلسي من فراغ او من غير تخطيط ودراسة ودون الإتكاء على حلفائه في محور المقاومة او دون تشاور معهم .
قد يكون خيار الحرب غير مرغوب به نظرا لتكلفته الباهظة ، لكن تطور الامور عندما تضعك امام الخيارات الصعبة وامام احتمال ان تطير ثرواتك وثروات اجيالك القادمة وتعميم الفقر والحرمان وتطيير السيادة بحيث نتحول فعلا الى ضاحية فقيرة لتل ابيب كما جاء في مقال صحيفة هآرتس، تصبح الخيارات صعبة ومحدودة .
لقد اعلنها سماحة السيد بكل وضوح واباء ، لا غاز ولا نفط للعدو ما لم نستخرج نفطنا وغازنا ، وتوكيد حقوقنا السيادية اولا ، وحقنا بثروتنا ومدخرات شعبنا ثانيا

 

Exit mobile version