كتب م . وائل علاّم | انتصار حتمي لروسيا في أوكرانيا وفرض شروطها وتحقيق أهدافها الجيوسياسية
المهندس وائل علاّم | كاتب وباحث لبناني
لا سقف تقف عنده روسيا قبل تحقيق أهدافها ، كما استخدام السلاح الروسي لن يقف عند حد معين فهو متاح كما” ونوعا” بدءا” من الدبابات والطائرات وكل السلاح التكتيكي الروسي وصولا” إلى الإستعداد لاستعمال الصواريخ النووية القصيرة والبعيدة التي تطال كافة دول حلف الناتو إذا أعلنت مشاركتها بشكل مباشر بالحرب ، ف روسيا ستعمد إلى السرعة بحسم الحرب لصالحها مهما كان الثمن حتى تحقيق الأهداف العسكرية المرسوم لها باستعادة الأراضي الروسية التي ضمت سابقا” أبان الثورة البولشفية إلى أوكرانيا والمحاذية للحدود الروسية والمتابعة بالتقدم برا” وصولا” إلى مركز القرار السياسي والإداري كييف عاصمة أوكرانيا لفرض الشروط السياسية وبمقدمنها إرغام الرئيس الأوكراني زيلينسكي بالتنحي عن السلطة وذلك لأنحيازه للسياسة الأميركية الغربية والتي تشكل تهديدا” لروسيا عن طريق قبوله بنشر الصواريخ الأستراتيجية ذات الرؤوس النووية على الحدود الروسية .
أما من ناحية العقوبات فلن يكون لها تأثير كبير على روسيا لعدة أسباب ، أولها أن أغلبها قد جرب سابقا” من قبل أميركا وقد استعدت لذلك جيدا” بتحويل جزء كبير من مخزونها المالي المركزي من الدولار إلى عملات أخرى كما لدى روسيا مجموعة من المخططات الجاهزة لتجاوز هذه العقوبات ولنبدأ من أقساها وهي سحب نظام سويفت من روسيا وإخراجها من النظام المالي العالمي وبالتالي لن يكون بمقدورها أستخدام دولار واحدا” إلا كاش ، لكن هذا الأمر سيدفعها إلى بطاقات الدفع الذاتي عوضا” عن الماستر كارد والفيزا كارت وكذلك استخدام النظام المالي الجديد البديل والمفعل تجاريا” بينها وبين الصين واستخدام الروبل واليوان ولا ننسى أن نتذكر أن روسيا ومن معها من دول صاعدة وأحلاف صاعدة كالبريكس وشنغهاي وكذلك الهند والصين تمثل نصف العالم ، وإن روسيا لديها من الأكتفاء الذاتي حتى لو قطعوا عنها الماء والهواء فلديها صواريخ تسقط المطر إذا أرادت صيفا” .وفيما يتعلق بالعقوبات المرتبطة باستجرار الغاز والنفط منها إلى أوروبا فاستغناء أوروبا ومحاولتها الأستعاضة عنها بتأمين مصادر أخرى بهدف تجفيف الخزينة الروسية من عوائد الغاز والبالغ ١٧٧ مليار متر مكعب فهذه العقوبات سيكون لها تأثير متبادل بين الطرفين المعاِقِب والمعاَقَب فأوروبا هي أكثر حاجة من روسيا لا العكس إذ أن روسيا باستطاعتها تعويض ذلك عن طريق زيادة أمدادات الطاقة من نفط وغاز إلى العملاقين الصين والهند بينما إمكانية تعويض أوروبا بتوريد الغاز إليها غير متوفرة حاليا” لا بالكمية ولا بالسعر ولا بالأستمرارية .، وإن أوروبا تعي تماما” بأن استمرار هذه الحرب سوف يكون له تداعيات حتما”عليها من ناحية استجرار الطاقة النفطية والغازية وبالتالي سيبدأ تأثير العقوبات يأخذ منحى عكسيا” على أوروبا عوضا” عن روسيا فدخول أوروبا بالحرب بشكل مباشر سيجعل الروس يفكرون جديا” بقطع إمدادات الغاز أو تخفيضها مما سيؤثر على إرتفاع الأسعار كما أن دول مثل ألمانيا تعتمد بشكل كبير على هذه الأمدادات إذ أنها سترى أن مصالحها الأقتصادية مهددة مما سيجعلها غير متحمسة للدخول في هذه الحرب وخاصة إذا لم يتم خلق بدائل لأستجرار الطاقة لها من قطر مثلا” التي عبرت عن عدم قدرتها أيضا” لأرتباطها بعقود مع الصين .ومن هنا نجد أن هذه الحرب ستضع كل الدول في أزمات تجبرها على أنهاء حالة الحرب وعدم استمرارها لأن في ذلك عقوبات وعقوبات متبادلة وتجنبا” لمزيد من عواقبها والتي ممكن أن تصبح عالمية وأخطارها مما مسيدفع الأطراف الأقوى عالميا” بريطانيا وأميركا وروسيا والصين إلى الجلوس على طاولة تفاوض ويكون أهم مواضيعها السعي لأنشاء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وستنشأ أتفاقيات دولية جديدة وسيدور الصراع حول أمور أساسية عولمة الأنترنيت وعولمة العملة الولية وسياسة العقوبات ونظام عمل الأمم المتحدة ومؤسساتها وكارثة التلوث المناخي التي تهدد البشرية وغيرها .وإلى أن يتحقق ذلك فإن الخاسر الأكبر بدون شك هو أوروبا لأن أقتصادها بحاجة للطاقة من نفط وغاز وإن عدم تأمين استمراريتهم أو ارتفاع أسعارهم سيؤديان إلى ألحاق خسائر كبيرة به وانعكاس ذلك على أمن أوروبا واستقرارها ،أما عن روسيا فهي بالطبع كانت تتوقع هذه العقوبات وقد استعدت ولديها مخططات جاهزة لكل ذلك ، من أسواق جديدة لتصدير نفطها وغازها وأيضا” الأستعاضة عن استعمال الدولار بالتعامل بالروبل واليوان الصيني إلى اعتمادها على الأكتفاء الذاتي زراعيا” .وزيادة حجم تبادلها التجاري مع الصين والهند بينما الوضع عند أوروبا سيكون مغايرا” وهي لم تستعد لذلك حتما” لتزعم أميركا لحلف الناتو وقوة تأثيرها باتخاذ القرارات فيه عن غيرها من الدول لذا فأنه لا يوجد بدائل آنية منافسة لتعويض أمدادات الغاز الروسي وفق نفس الأسعار وذات الكميات المحتاج لها الأقتصاد الأوروبي وأيضا” أمكانية واستمرارية التوريد حاليا” حيث لا خطوط غاز تصل إلى كل دول أوروبا ومنها والأهم ألمانيا الأقتصاد الأقوى أوروبيا” وأما التفكير بسد الحاجة الأوروبيةعن طريق أسواق الغاز البديلة بأن تكون إيران الطاقة الغازية الكبرى وهي الشريكة لدولة قطر بأكبر حقل غاز في شمال الخليج العربي رغم أنهم غير مرتبطين بخطوط أنابيب تصدير غاز لأوروبا حاليا” ، ومن حيث نقل الغاز السائل عبر البواخر فيما لو زالت العقوبات عن إيران فهو أمر صعب ومكلف إذ أنهم بحاجة لعدد بواخر ضخم يوميا” لسد حاجات أوروبا والسبب الأهم من ذلك والذي يجعل تحقيق ذلك أمرا” مستحيلا” هو أن إيران وروسيا بحالة تنسيق كحلفاء في القضايا الكبرى بالشرق بدءا” من دعم روسيا لها في إزالة العقوبات الأميركية عنها وإعادة تنفيذ بنود الأتفاق النووي الملغى من قبل ترامب في ٢٠١٤ إلى تعاونهم في مساعدة سوريا في قضاءها على الإرهاب الدولي والمتمثل أيضا” بأميركا وأعوانها الأوروبيين ، ومن ناحية أخرى والأهم إن إيران لا تنظر للأمور هذه من مبدأ استغلال إنشغال روسيا في حل قضيتها في أوكرانيا لإضعافها فالموضوع هنا ليس ماذا تحقق إيران من ربح أو خسارة في تصديرها للغاز إلى أوروبا كما الأخيرة تعتبره في ميزانها الأقتصادي وإنما لإيران مبادىء تتعلق بالكرامة والصدق فلا تتخلى عن مساندة حلفائها في أزماته
وأخيرا” فإن ما نراه من تطورات عسكرية على الأرض الأوكرانية والتقدم الروسي الحاصل إضافة للضغط الناجم عن الحاجة السريعة للطاقة والمعكوسة على إرتفاع أسعارها العالمية سيكون له تداعيات في الأيام المقبلة من انتصار حتمي لروسيا في أوكرانيا وفرض شروطها وتحقيق أهدافها الجيوسياسية هناك بالقوة ولن تنفع قرارات الأمم المتحدة مهما تكن في تطبيق أي حل من جهة الغرب فالموضوع هنا هو مع روسيا وهي الدولة العظمى والتي تتمتع بحق النقض الفيتو في مجلس الأمن وبالتالي فنحن الأن في صراع عالمي أطرافه المتحاربين هم قادة هذا العالم وبالتالي ستكون الكلمة الفصل للقوة العسكرية وقوة التحالفات هي المسيطرة والحاجة إلى الطاقة من نفط وغاز ولجم ارتفاع أسعارهم التي إن طالت الحرب فإنها ستقضي على أغلب أقتصادات العالم وستؤدي إلى انهيار الدول كما سيضغط موضوع الطاقة وتأمينها على دفع هذه الدول أو الأحلاف للجلوس على مائدة المفاوضات قبل تطور الأمور وذهابها إلى حرب عالمية ثالثة ستمحي وتقضي على كل شيء في هذا الكوكب .