كتاب الموقع

كتب ميخائيل عوض | نهاية عهد رئيس شجاع .. لدى الجنرال عون ما يفعله  فمازال الوقت متاح.

ميخائيل عوض | كاتب وباحث

لدى الجنرال عون ما يفعله  فمازال الوقت متاح…
ومازال جنرالا شجاعا ولديه الجرأة والاقدام ومخارج الازمة البنيوية تستحيل بدون خطوة من خارج السياق وسبق للجنرال ان فعلها ومن عاداته.
ليس للجنرال ما يخسره فقد تقدم به العمر وصار عتيا، وعاش حياته ملؤها، في المؤسسة العسكرية تدرج حتى بلغ قيادتها ويعرفها تفصيلا، وفي الدولة قاد حكومة وتعرف الى اصول العمل وثغراته وتفاصيل تفاصيل عمل الوزارات والمؤسسات، وفي الحياة السياسية والبرلمانية ولعبتها مارسها وعرف زواريبها والاعيبها البهلوانية، وفي الحروب والتفاوض والمناكفات والتسويات له باع طويلة، ومارس حياته المدنية وعاش الحرب والسلم وفي الوطن والملجأ، ولم تفته فائتة في حياته وخوضه مجالاتها وميادينها وحقق هدفه الاعلى وجلس على كرسي بعبدا.
مثل حالة اشكالية، متمردة ساعية الى هدفها بلا ابطاء او تردد، وفي اشهره الاخيرة في قصر بعبدا والبلاد والمؤسسة العسكرية في حال مزرية والمسيحيون والموارنة يعيشون الافقار وهاجس الاقتلاع والذوبان، فهم والعباد والبلاد بأمس الحاجة لقادة يملكون الجرأة والاقدام ويعرفون السبل للخلاص، فلا حاجة لحمقى ومغامرين ينشدون الزعامة على المقابر والجماجم، ويبشرون بتقسيم وفدرلة في بلاد تعيش فيدرالية الطوائف ودولها تحت عباءة دولة لم تبلغ صفتها يوما، وفي بلد قامت فيه دول الطوائف وانفجرت على نفسها واستوجبت اتفاق الطائف وبعده اتفاق الدوحة وبعض المهووسين يفترضون  ان ازمنه الشعوب تتقدم الى الخلف وتعود الى الوراء، فالحالة لا تحتمل ترهات وتجارب فاشلة ومختبرة ولا لهو الشوارع وهتافات واغاني مجموعات ال ngos.
سيرته وجرأته تفترض انه لن يخرج من القصر ويغادر الى رفيقه الاعلى بلا انجاز يسجل له، وقد اشار بلسانه الى انه مازال الجنرال عون في احدى اطلالته المتلفزة اخيرا وسرب من القصر؛ انا معلم جبران مش هو معلمي. وفي هاتين دلالات ومؤشرات ورسائل تقصدها ولم تمر على لسانه كزلة.
وفي مقابلته مع قناة الجزيرة قالها جوابا على سؤال؛ هل ستترك القصر؟.. الا اذا طلب مني مجلس النواب البقاء.
وهذه ايضا تمريرة، فلا دخان بلا جمر….
ماذا عسا الجنرال يبطن؟؟ وما الذي يستطيع ان اراد ؟؟
على الضفة الاخرى يطرح السؤال على حزب الله وعنه؛ ماذا في جعبته ليثأر من المنظومة التي خدعته، وغدرت به مرات ومرات بينما انصاره والمؤمنين به يقولون هو من خدعها وامن سلاحه ودوره الاقليمي فتمكن… فلعبة المخادعة ان صحة بلغت نهاياتها غير بغض النظر عمن خدع من؟ وقد انجلت على تبديد وافقار حتى الكتلة الشيعية والنصب على ودائعها والمغتربين بمبالغ مهولة..!!وهل يعقل ان تقبل فكرة ان الحزب ومؤسساته وقيادته هم على درجة من السذاجة لتمرير الخديعة وتجاوز المؤامرات مرة بعد مرة ولم يتنبهوا لما اعد لهم من كمائن ومن يقف خلفها؟ وهل يقبل المنطق ان الحزب بما له من قاعدة اجتماعية ومؤسسات وقدرات امنية وعسكرية ومصداقية وعدة الا يكون قد اعد السيناريوهات للتعامل مع مختلف الظروف والتحولات لجبه مؤامرة التجويع وتجفيف قاعدته الاجتماعية ودفع الكتلة الشيعية الى الانفكاك عنه والصراع فيما بين الثنائي وتلغميها بالتوترات والازمات؟؟ هل يقبل المنطق فكرة ان الحزب ومحوره وهو على هذه الدرجة من الفاعلية وتحقيق الانتصارات ومراكمتها منذ ١٩٩٢ ولم يخسر واحدة من الحروب ومسارحها انه سيعجز امام المنظومة ويخسر لبنان ويفرط بانتصاراته وهو يقول عن نفسه انه بات قوة اقليمية محورية ولاعبا اساس من اليمن الى العراق وسورية وفلسطين ويحقق الانجازات في الحرب العالمية العظمى الجارية في الاقليم وهو احد اركانها؟؟
وبين الجنرال وحزب الله عهد وعقد وتحالف استراتيجي لا فكاك منه وان رغب بعض التيار ولو سعى الوزير باسيل فلا حزب الله وكتلته الشيعية يستطيعون الاستمرار على قوتهم وحضورهم الوازن بلا عون ولا عون والتيار والكتلة المسيحية قادرة على مواجهة اهوال المستقبل وخطر الفوضى وعودة  داعش وجيش اردوغان الاسلامي الأمريكي قادرون على الثبات والمواجهة بلا التحالف مع حزب الله والكتلة الشيعية وقد افصح البطريرك عن حقيقة الامر بصراحة وبلسانه عندما قالها؛ لولا حزب الله لكانت داعش في جونية وهو والمسيحيون يعرفون ان القوات اللبنانية كانت تحالف داعش واخواتها وتحبذهم  وقدمت لهم مع ١٤ اذار الغطاء والدعم في سورية والجرود ورأس بعلبك ولم يهب نشطاء وعسكر القوات للمواجهة كما فعلوا في كمين الطيونة او تظاهرات جل الديب وعلى بوابة نفق نهر الكلب والاعتداءات على السورين القاصدين السفارة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية يهتفون ما” بيحمي الشرقية الا القوات اللبنانية”.
فالعلاقة بين حزب الله والجنرال علاقة قوية ومتينة لا تهتز لتصريح هنا او لتغريده من هناك، وتثبيتا لهذه سجلت وتسجل واقعات كثيرة ليس اقلها حزم حزب الله والتصدي لتظاهرة ال٢٠٠٠ موتسيك التي توجهت الى القصر في اذار المنصرم وقد تصدى لها الحزب بحزم واكمل السيد بإطلالته المتلفزة واشار بالبنان لحاكم المصرف ومن حماه بذريعة ان اقالته تجعل الدولار ١٢ الفا وطالبه بضبط الدولار والالتزام بوعده، وكان السيد حسن قالها بعد انتفاضة ١٧ تشرين العهد لن يسقط وبرغم تحريض القوات والدكتور جعجع وتوجيه التظاهرات الى القصر الا ان جبل بعبدا لم يهتز وهو مطمئن الى درعه في الضاحية.
من غير المنطقي مجرد التفكير بان ازمة او الحاجة لشد العصب على بوابات الانتخابات او خطاب او روم ومعارك هوائية وافتراضية على وسائط التواصل بين انصار امل والتيار وبمشاركة انصار لحزب الله ستهز العلاقة وتفجرها.
وبين الجنرال والحزب قوة ثالثة الجيش والمؤسسة العسكرية وقائدها من ال عون  التي كيل لها الكثير من التهم والتهجمات والتشكيل بولائها الوطني والاجتماعي برغم ان قائدها رفع الصوت عاليا في وجه المنظومة وحذر من انهيارها تحت وطأة الازمة والجوع، ويتجاهل الزاعمون والمتهمون للمؤسسة وقائدها بما يخص علاقتها بشيا والسفارات والادارات الدولية الاضطرارية بحثا عن خبز ورواتب بعد ان حجبتها المنظومة وليس للمؤسسة من اجازة قانونية ودستورية لتفتح على حسابها وعلاقاتها حكما  تمر عبر الدولة واجهزتها ومجلس الوزراء والمنظومة بأركانها، ولو اتخذ مجلس الوزراء قرارا بمنع التواصل بين قيادة الجيش والسفيرة الامريكية لخضع الجيش وقيادته دون تردد او تذمر وبكل حال فالجنرال الرئيس يعرف المؤسسة وضباطها وقائدها واركانها وكذا حزب الله وقد اشاد السيد حسن نصرالله بلسانه وبطلته المهيبة بالمؤسسة العسكرية اكثر من مرة وقال؛ هؤلاء ابنائنا واخوتنا وشركائنا بالدم والهجوم عليهم هجوم ونيل منا.
في واقع الحال والمعطيات المادية يمكن الجزم ان المؤسسة العسكرية اكبر الخاسرين من الفوضى والجوع والتوحش وانهيار الدولة كما القطاع العام الوظيفي، ورئاسة الجمهورية والجنرال والتيار مستهدف بالانهيار كما الوجود المسيحي الذي ان وقع بين يدي المغامرين ذهبت ريحه وانتهى الوجود المسيحي في لبنان. وحزب الله ومقاومته وقاعدته الاجتماعية من الخاسرين حكما  ولو بعد حين. فالحزب اعد عدته لحماية وتامين مثلثه الذهبي؛ بيروت -الناقورة. بيروت-المصنع وضمنا البقاع والهرمل الا انه يدرك عجزه عن ادارة المثلث وتأمينه طويلا ولابد انه درس تجربة الجبهة اللبنانية والقوات اللبنانية عندما اقامت كانتونها في مناطقها وكيف انفجرت القوات على نفسها والكانتون على صراعاته المسلحة التدميرية بالحروب بين القوات والجيش  وادت الى هزيمة المشروع التقسيمي وخسارة المسيحين لامتيازاتهم  برغم الدعم الهائل من اسرائيل وصدام وامريكا والغرب .
الازمة وعنفها ومسؤولية المنظومة وعجزها باين بوضوح ودور السفيرة شيا ناتئا وامكانات واو فرص الخروج من الازمة عبر المنظومة وتشكيلاتها مستحيل وقد حسم الشك باليقين بعد ١٧ تشرين بتجربة حكومة دياب التي فرطت ب١٧ مليار دولار وحكومة ميقاتي الساقطة من لحظة نيلها الثقة والمعطلة على تباينات المنظومة وتدخل شيا والعجز عن لجم الدولار او الاحاطة بالأزمة لتخفيف وطأتها.
اذن؛ نحن ايضا امام ثلاثية مستهدفة من المنظومة، تتجسد في الرئاسة-التيار والمؤسسة العسكرية وموظفي القطاع العام  والمقاومة وبيئتها الاجتماعية، وبالحاصل الشعب بكافة اطيافه وكتله وهذا يستوجب السؤال؛ اذا نجحت الثلاثية الذهبية الجيش والشعب والمقاومة بتحقيق تحريرين وانتصارين فأي منطق يقول؛ بانها ستعجز في مواجهة المنظومة واختراقات امريكا وشيا للدولة واجهزتها وتحكمها بمفاتيح المنظومة وزعمائها؟؟
ماذا يستطيع الجنرال قبل ان يختم عهده؛
1-  التمديد المزدوج للبرلمان والعهد، فالإقليم على موعد بحدث زلزالي يغير بتوازناته وينهي النفوذ والوجود الامريكي وادواته فتسقط المنظومة وينحسر دور شيا وتنتفي وسائطها للتحكم بلبنان ودولته ومصرفه المركزي ولعبة الدولار والتجويع.
التمديد المزدوج الاحتمال الارجح فاستطلاعات الرأي والمعطيات الواقعية تشير الى انه ان جرت الانتخابات فستهزم شيا وامريكا وحلفها شر هزيمة وستجدد المقاومة شرعيتها الشعبية وتنتج كتلتها النيابية الشيعية بكامل تعدادها ودون اي خرق وبغياب الحريري وانهيار تيار المستقبل وتراجع وزن جنبلاط وعدد نوابه وتراجع كتلة القوات، ولو تراجعت كتلة التيار الحر والوزير باسيل فلصالح صعود مرشحي المناطق والمال والعائلات وجلهم يحتاج الى الكتلة التصوتية الصماء للكتلة الشيعية وحلفائها، مما يجعل حاصل  عدد النواب غير المعادين للمقاومة مع الكتلة الشيعية المتماسكة طاغيا وفائضا عن الثلثين ما سيمكن حزب الله وحلفه من تصفية النفوذ الامريكي في الدولة واضعاف المنظومة في المؤسسة التشريعية ويوفر شروط انتخاب رئيس وتشكيل حكومات تعيد هيكلة الدولة والسلطة واجهزتها على تحالفات وقواعد وتوازنات جديدة تعكس ما تحقق من انتصارات في لبنان والاقليم وهذه بذاتها ستدفع شيا والادارة الامريكية والسفارات واركان المنظومة لتعطيل الانتخابات وعدم حصولها.
عدم اجراء الانتخابات سيرثها احد سيناريوهات؛
–        سيناريو التمديد وسيكون مزدوجا، وان تحقق هذا السيناريو فيتوفر للرئيس سنة اضافية ويتعزز تحالفه مع حزب الله ويزداد اختلال التوازن في الدولة لصاح الثنائي عون – حزب الله ما سيوفر فرص ذهبية للثنائي في الاستثمار بالعهد والرئاسة لتحقيق اختراقات واسعة ولتقليص نفوذ شيا في الدولة والاجهزة والمجتمع، وسيكون التمديد بمثابة مكسب لعون -حزب الله وهزيمة لشيا والمنظومة والngosالذين خاضوا المعارك تحت عنوان الانتخابات المبكرة وقلب الاكثرية في المجلس.
–        سيناريو الفراغ الدستوري في المؤسسة التشريعية وبديلها احد خياران؛
*- خيار المؤتمر التأسيسي وكل الظروف والشروط وافرة وتستدعيه ليكون منصة تغير النظام وانتاج جديد قابل للحياة وسيكون الجنرال بموقعه الدستوري وتحالفاته والتيار وقاعدته الاجتماعية محوريا وعبر التأسيسي سيتوفر للجنرال فرصة لإعادة تلميع شعاراته اذا كانت التزاماته الفعلية بالإصلاح والتغير والاطاحة بالبيوتات والتقاليد والتوريث .
*- او خيار انقلاب القصر، ويتحقق بتفاهمات بين حزب الله والمقاومة والمؤسسة العسكرية كضامني السلم الاهلي والاستقرار واكثر المتضررين من الفوضى والانهيار مع العهد فالثلاثية تستطيع انتاج مخرج عملي يقوم على تشكيل حكومة انقاذ وطني يرأسها فخامة الجنرال بصفته من بواقي المؤسسات الدستورية وبمشاركة المؤسسة العسكرية ثاني بواقي المؤسسات الدستورية وبإسناد من المقاومة وكتلتها الشعبية  وبترأسها من فخامة الرئيس يمكن مجاوزة العقبة الدستورية بترأس الحكومة من سني وعدم جواز تشكيل حكومة برئاسة قائد الجيش الماروني على ما جرى في تجربة فؤاد شهاب.
واذا تعقدت الامور ولم تسلك البلاد احد تلك الطرق والخيارات فتصير الفوضى وانهيار الدولة والنظام المخرج الوحيد للبلاد كتتويج لازمتها وبديلها وخاتمتها ستكون احتمال ضياع الكيان التي تنبأ بها ماكرون وكرر نبوءته اكثر من مرة، والفوضى لن تدوم طويلا وستفترض بانهيار المؤسسات الدستورية ان يبقى الجنرال بالقصر وان يكون شريكا في اعادة التأسيس.
وان جرت هكذا الامور فيكون الرئيس الشجاع قد حاول وبذل واجتهد الا ان الازمنة واستحقاقاتها قد حالت دون تحقيق رغبته بتحقيق انجاز يسجل بصمته في مستقبل لبنان وتثبيت الوجود المسيحي فيه دون الفوضى والحروب التي تنشدها القوات اللبنانية وحلفائها والمنظومة اللصوصية المؤتمرة بأوامر السفيرة شيا .
نهاية عهد رئيس شجاع قد لا تكون كارثية وقد لا تذهب البلاد الى جهنم بل على العكس قد تصير منصة اطلاق التغير والاصلاح الجذري والبنيوي، واعادة انتاج دولة ونظام قابل للحياة بتجديد وظائف الكيان الذي فقد وظائفه ولم يعد له متسع في الحياة ان لم تجدد
فزمن الكانتونات والتقسيم والفدرلة واللامركزية الموسعة والمالية التي تبطن التقسيم قد ولى الى غير رجعة، وليس في مستقبل لبنان الا الانقاذ وتجديد النظام ووظائف الكيان او الفوضى والضياع فتصير بصمة الرئيس الشجاع انه خاتمة رؤساء جمهورية لبنان التي كانت وعرفناها وعشناها اما المولودة من رحم الانهيار والفوضى فتلك بعالم الغيب حتى تبصر النور او تدفن بالتراب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى