ميخائيل عوض | كاتب وباحث
رشح الرئيس بوتين وزير الدفاع المصري السيسي للرئاسة من منزله الريفي في سوتشي، واول زيارة قام بها السيسي كرئيس الى موسكو، وفي هذه لغز وسر، تعزز بمستوى العلاقات الشخصية الخاصة بين الرئيسين واخر الادلة ارتدائهما نفس ربطة العنق من ذات اللون والقماش والصناعة في القمة الروسية الافريقية.
قبض الجيش على السلطة في مصر وهي في بيئة مضطربة والاقليم والعرب في الفوضى والحروب، والارهاب يضرب في كل جنباتها، وحركة الاخوان التي اسقطت في مصر قوية وفاعلة وتحالفها مع امريكا قائم وبقوة، فانتصبت امام الجيش والرئيس السيسي مهام نوعية وعلى درجة عالية من الخطورة؛ في السودان وتونس الاخوان المسلمين، وفي ليبيا الاطلسي والاخوان وفصائل الارهاب وداعش قتلت بدم بارد عشرات العمال المصرين في ليبيا، وفي سيناء داعش وفي غزة حماس الاخوانية وقد سلمت قياد القضية الفلسطينية لقطر واردوغان بتحد فاضح لمصر. والازمة لاقتصادية الاجتماعية بنيوية وهيكلية، وينقص مصر لإدارة شؤونها كل شيء؛ الاموال والاحتياطيات، المشتقات النفطية والقمح وحليب الاطفال والفروج، والطاقة الكهربائية وزحمة السير وتخلف البنى التحتية ومديونية عالية، وانهيار قطاع الاستشفاء والتعليم، وقد نهبت مصر وقطاعها العام وبيع بالفساد وبابخس الاسعار، وحولت الى مستهلك بعد ان اجهز الليبراليون والاولغارشيا على قطاعها الزراعي والصناعي وتحولوا بها الى الاستهلاك والقطاع السياحي والاستثمار بهجرة أبنائها وتحويلات المغتربين.
وفي بيئتها المباشرة ليبيا في فوضى وعين اردوغان عليها وقد تعاقد مع الاخوان لنهب ثروتها وزج بمرتزقة وبضباطه ووحدات النخبة وطائرات البيرقدار، ومع اثيوبيا ازمة النيل وسد النهضة، والسودان مضطرب وتحت سلطة الاخوان ومفتوح كمسرح وساحة للإرهاب والعصابات، وسورية الاقليم الشمالي والجيش الاول في حرب وفوضى وتحت الاحتلالات، وقد طردت من الجامعة العربية والعرب في ذيل الامم والنكتة ان قطر تقود مجلس التعاون والجامعة العربية وتستدرج الاطلسي الى ليبيا والعراق وسورية، واليمن في حرب اهلية وللإخوان وقطر والامارات والسعودية اطماع تاريخية….ومصر مخترقة بعشرات الاف منظمات المجتمع المدني الممولة من اجهزة الغرب ومن الاسلام الامريكي والوهابي والسلفي….والاعلام بيد الحفنة والليبراليين الذين نهبوا مصر وقطاعها العام ويتحكمون بكل شيء بالشراكة مع اولغارشيا النظام القديم وعائلة مبارك … “اردوغان صرح علنا ان بنغازي وطرابلس الغرب هي ارض وحقوق عثمانية….”
يسجل للجيش والرئيس السيسي الايجابيات النوعية في الظروف والحالة السائدة حين تسلم السلطة ” كلامي لن يعجب الكثيرين لكني اراه الواقع المعاش، وادعو لمقارعة الحجة بالحجة والواقعة بالواقعة والوثيقة بالوثيقة” وتميزوا بقدرة ممتازة في معرفة الواقع والحال وتوازنات القوى والظروف المحلية والاقليمية المؤثرة.
تصرف الجيش والسلطة بالكثير من العقلانية والبراغماتية وضبط الاعصاب، فانجز اولوية حماية مصر، وتصفية جماعات الارهاب التي استهدفت القاهرة والضباط والقضاة، والكنائس والاقباط… وتوطنت في سيناء وليبيا والسودان، وخاض الجيش حرب في سيناء مرفق مع خطط الاعمار والتطوير، وامن حماية الحدود الغربية والجنوبية، ووفر كل اسباب الاستقرار ومنع سوق مصر للفوضى التي تم التخطيط لسوقها اليها.
انجز توسعة القناة بأموال وايدي مصرية وبسرعة قياسية، واطلق خطة بناء العاصمة الادارية وبناء ٢٢٠ مدينة لإنهاء ظاهرة المدن والاحياء العشوائية، واصلح بنى الطرق والكباري وشق اكثر من ٩ الاف كيلو متر، مع تحديث المترو، ووسائط النقل والاهم امن الكهرباء ٢٤/ ٢٤، وتركز الجهد على ترميم واصلاح قطاع التعليم والاستشفاء، وتم تامين اكثر من ٣ مليون فرصة عمل. وتم التعاقد على محطة الضبعة النووية مع روسيا، ومع الصين وقعت عقود طويلة ونوعية ومجزية، بما فيها اقامة المدن الصناعية المشتركة الروسية الصينية المصرية. وتحول بالسلاح من امريكي الاوروبي الى روسي صيني وافتتحت قواعد عسكرية نوعية وامتلكت مصر حاملات طائرات، واحدث الطائرات والسلاح الروسي، واطلقت مشاريع قومية كبيرة في الزراعة والري والطاقة الشمسية، وتسييل الغاز، وتمت اكتشافات نوعية من حقول الغاز والنفط، ومناجم الذهب، ووقعت تعاقدات مع المانية ودول اوروبية لأنشاء مصانع انتاجية ذات منتجات نوعية، كما شرعت بالتحول شرقا في علاقاتها الاقتصادية وتبادلاتها وفي دبلوماسيتها…. ولتامين اسقاط الاخوان وتمويل مصر بالضروريات تفاهم مع الامارات والسعودية وامن مصر بالنفط وبالودائع الخليجية وتعزيز الاستثمار الخليجي فيها، وفي سورية تصرف بحكمة فرفض السيسي حضور القمم العربية اذا كانت المعارضة تشغل مقعدها. وبهدوء استعاد الجامعة من قيادة قطر، وعطل دورها في الحرب على سورية وليبيا والعراق، وتوافق مع محمد بن سلمان وبن زايد على تشكيل محور ضد الاخوان وقطر وتركيا وايران، ووصفهم بيان مشترك بدول الشر، ولم يستجب لطلبات محمد بن سلمان وبن زايد لتوريط مصر في الحرب اليمنية وتحمل وقف الدعم المالي والنفطي وسدد الودائع في مواعيدها، وتبنى الجيش الليبي والعشائر خاصة عشائر شرق ليبيا ودربها وسلحها وكادت مصر تشتبك مع تركيا بعد معارك طرابلس ومحاولات تركيا والاخوان السيطرة على قاعدة الجفرة والمثلث النفطي، وتحالفت مصر مع روسيا في ليبيا وامنت بالتفاهم مع بن سلمان وبن زايد ومع الروسي تسويات وتصفية بؤر توتر في القنيطرة ودرعا، وغوطة دمشق، وتلبيسة وحمص، واوقفت السعودية والامارات تمويل فصائل ارهابية كانت محسوبة عليها وحلت غرفة الموك في الاردن بتدخل ودور مصري فاعل، واعلنت مصر وعلى لسان السيسي رفض تقسيم سورية والحفاظ على وحدتها واستعادة سيادتها ورفضت الاحتلالات والتدخلات الخارجية. كما لعبت دورا محوريا في اسقاط النهضة في تونس والاخوان في السودان ولعبت دورا محوريا في رد المحاولات التركية للسيطرة واستعادة العثمانية في العرب والمسلمين على اعقابها، وبعد حالة عداء اردوغان لمصر اضطر نفسه لاستجداء عودة العلاقات ولقمة مع السيسي.
في هذه يمكن استعراض الكثير، والنوعي، وقد تحققت الانجازات بهدوء وبلا ضجيج، وعلى مهل، وقد افصح كتاب وباحثون مقربون من السلطة عن قرار وتخطيط استراتيجي لاستعادة مصر لمكانتها ودورها والعودة الى مكانتها العربية والاقليمية والعالمية الا ان الخطط تبنى على الافادة من اسباب اخفاقات محاولاتها مع محمد علي ومع التجربة الناصرية وكلتاهما لم تنجح لانهما استعجلا دورا مصريا عربيا واقليميا وعالميا قبل تامين مصر اولا، فالجهد والخطط بحسبهم تركز على تامين مصر اولا ثم اعدادها وتأمينها لاستعادة دورها ومكانتها التاريخية
… / يتبع
غدا: وماذا عن الازمة المالية والتضخم وانهيار العملة الوطنية والاستجابة لضغوط صندوق النقد… هل من مفر..
اين تفترق الخيارت المصرية عن التركية..؟؟
٠٠٠/ يتبع