كتاب الموقع

كتب ميخائيل عوض | بوتين : الأمر لي في المتوسط وقره باخ والقوقاز

ميخائيل عوض | كاتب وباحث

قالها بوتين بفصيح  العبارة وبالسلاح الناري الحاسم للمرة الثالثة والثالثة ثابته. الامر لي فالزمن بات مختلفا ولن يكون لأمريكا وليبراليتها وحلفها العدواني واستثمارها في الارهاب المتوحش والثورات الملونة ومنظمات ال ngos مكان او مسارح للعمل والظفر بانتصارات سهلة تعودتها امريكا وادمنت عليها.
فزمن الثورات الملونة وجيش اردوغان العثماني وشركات الامن الخاصة والمرتزقة وارهابها الاسود قد ولى والى غير عودة…
في سورية وتحت جنح السرية المطلقة فاجأ بوتين الجميع وتدخل بعاصفة السوخوي في ٣٠ ايلول ٢٠١٥ فغير محاور الاحداث وسياقات التطورات ونتائج الحروب وحقق لسورية ومنها لروسيا مكانة عالمية مقررة ووازنه بزمن قياسي لم يتخطى السنة الواحدة وانتجت المنصة السورية لروسيا ظاهر تاريخية غير مسبوقة في الامم والأزمنة بان تحولت من دولة ثانوية لا يعترف لها بالإقليمية ومحاصرة ومعبوث  بها وقد جردت من ذراعها الايمن اوكرانيا الى قوة هرقلية عالمية من الطراز الاول تقرر من يحكم امريكا وواقع ومستقبل اوروبا كل ذلك بفاعلية عاصفة السوخوي ومن سورية وباقل الاكلاف وبأدنى الخسائر، وكررها بوتين في قره باخ فاخضع اذربيجان وارمينيا وكسر ضهر مشروع اردوغان للعالم التركي واسقط وهم العثمانية الجديدة وضرب يده على الطاولة فأوقف الحرب بخطوط تماس هو قررها وقرر انها ستكون حدود روسيا العظمى في وسط اسيا والقوقاز، وفي الازمة المستجدة في اخطر دول وبؤر القوقاز كازاخستان لم يتردد قط فامر بحشد قوات من روسيا وحلفائها في الدول المستقلة وفرض اجندته وطريقته في الحسم السريع وتطويع الثورات الملونة وكسر ضهر جيش اردوغان الاسلامي العثماني وشركات امن المرتزقة فاستعادت كازاخستان الهدوء والاستقرار وفات على امريكا واجهزتها وارهابها الاسود والمتوحش ومرتزقة اردوغان الفرصة والزمن واكدها ثالثة الامر لي وممنوع العبث بالأمن القومي الروسي بعد الان وقد فعلها كإنذار بالنار واشهار القوة والجدية في وجه امريكا عشية المفاوضات بشان اوكرانيا ودور الناتو والشروط الروسية في وجه بايدن والناتو لتأكيد عزمه وقراره بان روسيا بوتين باتت على اهبة الاستعداد للمواجهة المسلحة وبمختلف الساحات والدوائر ولا تتهيب حربا نووية او صدامية فأمريكا وجغرافيتها وبنيتها اصبحت مسرح الحروب على غير ما كانته في السابق وهذا جديد التاريخ وصنيعة روسيا للأسلحة الفرط صوتية القادرة على تدمير امريكا وفرض الحرب فيها وليس بعيدا عنها كما كانت الحروب وتسببت بصعود امريكا كتاجر لتمويل الحروب  واستعمار العالم بفرية تمويل الاعمار ومشاريع مارشال الاستعمارية.
فالثورات الامريكية الملونة كانت حدثا جديدا استثمرت في ازمات الاتحاد السوفيتي ومنظومته ونجحت عبرها امريكا بفرض هيمنتها العالمية بعد تفكيك الامبراطورية السوفيتية وعوالمها، فقد تعلم بوتن ونخبة روسيا الدروس وقرروا عكس المسارات والتحولات فالحزم والحسم والسرعة والمفاجأة عناصر تبطل دور منظمات المجتمع المدني وثورات الرقص والتمويل الخارجي واجندات اجهزة الامن وشركات المرتزقة، فالحسم السريع والتدخلية العسكرية المباشرة التي قادتها روسيا في كازاخستان  مؤشر على ما سيكون في شرق اوروبا والقوقاز والجمهوريات الاسيوية السوفيتية السابقة فلم يعد لدى بوتين فرص ولا مزاح ولن تخدع روسيا كما خدعت في يوغسلافيا وليبيا والعراق فزمن الضعف قد رحل والقوة الصلبة والرؤية الصحيحة والخطط المحكمة تجيدها روسيا وتدير الحروب والازمات من موقع المقتدر والقادر على الاستثمار في الازمات وتجيير مخططات واستراتيجيات امريكا للفوضى والقيادة من الخلف والحروب بالواسطة  لصالح روسيا وحلفها الاوراسي.
وبوتين صاحب تجربة ورؤية اختبرها في روسيا ونهض بها من حالة الفوضى الى الوحدة ومن الانهيار الى التماسك ومن التبعية الى القيادة وتاليا يفرض خططه المختبرة في الدول والمجتمعات التي هب لنجدتها فالفوضى بنتيجة الفساد وتحكم الاوليغارشيا والترهل بسبب صراعات كتل النظام وتشققاته تعالج ايضا بأقصاء الفاسدين وتوحيد النخبة في النظام وتطهير الدولة وتلبية الاحتياجات الاجتماعية المحقة وتطوير البنى الاقتصادية فكازاخستان من اغنى دول العالم واكبرها مساحات ولا ينقصها الا ادارة رشيدة موحدة راغبة بالاستقلال والسيادة والتنمية وتامين الشعب فبهذا  تهزم مناورات ومخططات ومؤامرات التفكيك والاسقاط بتحركات منظمات المجتمع المدني الممولة من امريكا والمدارة من اجهزتها فبدأت الحملة في تطهير الدولة وحسم الصراع بين كتلها وتياراتها والقبض على المسؤولين الفاسدين والانقلابين وابعاد القادة السبقين وحاشيتهم عن الدولة واجهزتها لتحريرها من الفساد والمفسدين.
بوتن يعلنها ويمارسها زمن الثورات الملونة وتفكيك الدول والمجتمعات ومحاولات حصار روسيا واشعالها في بيئتها وامنها القومي قد انتهى ورحل الى الابد فروسبا متحفزة وجاهزة لقلب عقارب الساعة وتغير اتجاهات الأزمنة.
الاسئلة الفارضة نفسها؛ كيف سيتصرف بوتين وباي ساحات سيعاقب اردوغان؟؟
ماذا عن ادلب؟ او يكون الهدف تفكيك تركيا نفسها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى