ميخائيل عوض | كاتب وباحث
ماذا تستطيع امريكا لإعاقة المصالحة؟ وهل الشهرين للاختبار والتطمين لتامين انقلاب وغدر سعودي بإيران؟ ام هي تطمين لإيران وتحييد للسعودية من حرب اتخذ قرارها وكلفت بها اسرائيل وجال في المنطقة وزير الدفاع وقائد الاركان الامريكية لتامين مسرحها وحشد قواها وجيوشها..
لا شيء مضمون في المستقبل، ولا منهج يجيز للباحث خاصة المستقبلي بان يجزم ويحدد المواعيد للإحداث والتطورات الاتية؟؟ وان كانت سيناريوهات المستقبل تحت ناظرنا الا اننا نستطيع ترجيح الاحتمالات ومن غير الجائز ضرب مواعيد محددة باليوم والساعة.
وبعقل منفتح، وتفاعلي، وبمنهج علمي، نأخذ الامور والمعطيات لنعالجها واقعيا وموضوعيا.
المنطقي ان امريكا وحلفها لن يقبلوا الهزيمة والسقوط بالضربة القاضية ومن بكين، والمنطقي ايضا ان تبذل امريكا التي تتراجع لكنها مازالت قوية، وقد رعت السعودية والتزمت امنها وامن الاسرة منذ سبعين سنة ونيف، الا تقبل خطوة انقلابية من الامير الشاب والمتحمس والساعي الى الملك والى دور محوري للسعودية في العرب والاقليم وعينه على وراثة المكانة العربية وقيادة العالم الاسلامي ومحاولة املاء الفراغ…
والمعطيات تفيد، بانه اذا كان مازال للأمريكيين اقلهم الديمقراطيين والبنتاغون الذين ناصبوه العداء، وحسبوه على لوبي الامركة الذي مثله ترامب، وحاولوا كسره وعزله، فان كان لهم باع، ونفوذ وقدرة واختراقات فسيحاولون لجمه بل سحقه وقتله ان توفرت لهم السبل. فاحتمال اغتياله امر قائم وهدف مؤكد للمتضررين من الخطوة والنتيجة علمها عند الله وحده فلا يتجرا احد على الجزم بها.
واذا فشلت المحاولات وكان الامير قد احتسب لها وامن نفسه وقيادته وهذا امر منطقي فقد امضى تسع سنوات في هيمنته وانقلابه وقبل الانقلاب كان بين الامراء المميزين وتاليا هو عارف بعناصر ومصادر قوة امريكا وشبكاتها واختراقاتها في السعودية والاسرة والاجهزة والمجتمع، فالمنطقي انه قام بتصفيتها وامن نفسه وحكمه، وسبق ان صدم بايدن واستهتر به في زيارته للسعودية، ورفض مطالبه وحقق ما طلبه بوتين مضاعفا بما يخص الانتاج النفطي، واستضاف قمة مع الرئيس الصيني بتكريم نوعي وتعاقدات مجزية جدا، ولهذا ارجح الا يستطيعون هز ملكه وتفكيك قاعدته وعناصر قوته بالوسائط التقليدية وبإثارة الصراعات بين اجنحة الاسرة او الاجهزة والتكتلات والقبائل وبالوهابية المسحوقة.
ولكن اذا كان لأمريكا وحلفها ادوات كمثل القوى المتطرفة والإرهابية من فصائل القاعدة وداعش والنصرة واخواتها، ونجحوا في حمايتها والمنطقي ان القواعد الوهابية التي تم سحقها تمثل لها بيئات حاضنة، واذا كان للإخوان المسلمين من تنظيمات وعناصر قوة في السعودية فيصبح احتمال سوق السعودية الى المتاعب والازمات والفوضى امر راهن واحتمالاته كبيرة، ولكوننا لا نملك معطيات مادية موثقة فلا نستطيع ترجيحه كاحتمال ولا نستطيع استطلاع مسارات الازمة وتوازنات القوى فيها الا ان المؤكد ان امريكا لا تخرج من مسرح ولا تخسر ساحة الا وتفكر بتدميرها وتركها خرابا، واشعال الحرائق فيها ما استطاعت فكيف بالسعودية والخليج عموما وبإزاء ايران.
وامريكا تفتعل الحروب وتورط اوروبا والعالم بقصد التفرد بسوق النفط والغاز لتسويق منتجاتها من الصخري مرتفع الاكلاف والذي تحتاجه لترميم ازماتها والحرب الاوكرانية ونسف خطوط نقل الغاز والعقوبات على روسيا وقسر اوروبا لشراء النفط والغاز الامريكي بخمسة اضعاف اسعار الروسي دليل قاطع.
الحرب الأمريكية بأداتها اسرائيل لتدمير الاقليم وتحطيم منافس رئيسي في اسواق النفط والغاز بعد ان فشلت بإزالة الروسي، ومن الاهداف المحورية ردع الصين وتأزيمها اقتصاديا وحرمانها من الطاقة الرخيصة لأسقاط منافستها العالمية وصعودها…
فليس من رادع بل كل الحوافز تدفع امريكا لمغامرة حرب تدمير واشعال الحرائق بما في ذلك التضحية بإسرائيل التي باتت عبئا ولم تعد كنزا ثمينا، ودفعها للانتحار فهي كلب صيد امريكي فقد قدراته، وتوريطه بحرب حتى لو نتيجتها تصفية اسرائيل مكسب امريكي تتخلص منها، وعبرها تدمر ايران وربما الخليج ومصادر الطاقة وتتفرد، وترتاح لعقود من خطر صعود الاقليم كمحور في العالم الجديد ما يمنح امريكا فرصة لإعادة ترميم وضعها ومكانتها.
في الاحتمال؛ الحرب للتدمير وليست بدوافع الانتصار او الربح وبين الاهداف ترك الاقليم مدمر وبحالة فوضى وامريكا تستثمر بالفوضى وتسميها خلاقة ايضا.
ما الذي يحول دون الحرب؛
امريكا وازماتها وتسارع احتمالات انفجار الاقتصاد.
الحرب الاوكرانية وخطر ان تمتد الى اوروبا وحلفاء امريكا في اسيا وحتى امريكا نفسها واليوم وقع اول اشتباك مباشر بين الطيران الروسي والامريكي المسير فوق البحر الاسود وبمبادرة روسية.
وماذا عن الصين وروسيا الصاعدتان والمستهدفتان من حرب تدمير الاقليم.
ماذا عن اسرائيل وازماتها المتفجرة، وتفكك وحدتها المجتمعية فهل تستجيب وتقوم بعمل انتحاري ام تسبقها الازمات وتحول دون تمكنها؟؟
ماذا عن ايران والمقاومة، وما انجزته من استعدادات وتحشيد لتبدا الحرب كما قال السيد حسن نصرالله واصر عليها ووصفها بالحرب الكبرى ووعد ان تقع وقريبا، فلماذا لا يبادر المحور ويجهض كل الاحتمالات وقد ازفت الساعة ومن فلسطين وتتصاعد المقاومة وتتجذر وتزداد تنظيما وقدرات وقد ارتهبت إسرائيل وارتبكت ليومين من عبوة مفرق مجدو في شمال فلسطين عبوة زرعت في باص لنقل الجنود والمستوطنتين واكتشفت وهي من شبيهات صناعة المقاومة ومحورها وليست بدائية كالتي يستخدمها المقاومون في جنين ونابلس واعتبرتها اسرائيل تطور خطير جدا، وهي تطور وخطير وجدا ايضا..
اذن؛ ليس من العلمي استبعاد الحرب واحتمالات الرغبة والحاجة الامريكية لها لكن الظروف والبيئات والتوازنات وزمن الغليان والمتغيرات المتسارعة التي تعيشها المنطقة والعالم قد تقطع على هذا الاحتمال وهو الارجح.
اما القول ان السعودية صالحت ايران ومن بكين وعينها وسعيها قائم للانضمام الى جوقة التتبيع والتطبيع، فهذا تمني اكثر منه تحليل واقعي وبكل حال ايران لم ولا تشترط على احد لمصالحته ولإقامة علاقات متينه معه بعدم التطبيع وتلك سلطنة عمان ودورها الوسيط اول من استقبل نتنياهو وربما اكثر المطبعين، والسؤال ماذا يربح بن سلمان من التطبيع المترنح ولماذا يذهب اليه؟..
غدا؛ عن العرب والمسلمين في حاضنة المصالحات والدور الصيني
٠٠٠/يتبع