تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب ميخائيل عوض | العالم يرقص على الطبل الروسي .. العصر الثالث للحضارة الانسانية يولد من الخاصرة الأوكرانية…

ميخائيل عوض | كاتب وباحث

-١-
الحرب الاوكرانية والولادة من الخاصرة؛
هل تكون الحرب الاوكرانية طلقة المخاض الاخيرة لولادة عالم جديد..؟
شهدت الحياة البشرية والانسانية تطورات متعاظمة في القرن العشرين وزادت معدلاتها الانفجارية في العقدين المنصرمين من القرن الجاري.
فالثورة التقنية الرابعة وتفاعل العالم الافتراضي بالعالم الواقعي احدثت تغيرات جوهرية في انماط الاقتصاد والانتاج ووسائله واليات التوزيع وقررت خلخلة واسقاط القواعد والنظم التي ارستها حقبة الرأسمالية التي تشرعنت في معاهدة وستفاليا ١٦٤٨ التي انهت الحروب الدينية في اوروبا وفصلت الدين عن السياسة- والدولة، وعتقت الرأسمالية البازغة من عقال الاقطاعية والبطريركية. فالثورة التقنية الرابعة ومنتجات البشر العصرية، كسرت الى الابد قيم الجغرافية السياسية والسيادات وانماط تشكيل الهويات وقواعد التعامل بين الامم والقارات، وانهت تحكم النخب الحاكمة والطبقات المسيطرة على وسائل السيطرة والسطوة والقوة وحولت ملكيتها الى مشاع عام لا تحده جغرافية او طبقات او اجراءت سيادية  ولن تكون لأجهزة القمع فرصة القبض على سريان المعلومات والتفاعلات الانسانية الجارية، وستتعاظم في مسارب وسائط التواصل وتدفق المعلومات ومع الجيل الخامس للأنترنت فصار العالم اصغر من ثقب ابرة، وغدا التاريخ مفرط والانفوسفير هو الواقع المتخيل والمعاش معا. وكسيولة وفيضان تدفق المعلومات كذلك سيولة ويسر تدفق الاموال عبر التواصلية وانتاج العملات الرقمية والمشفرة، وما تفرضه من وسائل دفع وتحصيل الكترونية ورقمية.
الرأسمالية التي ورثت تشكيلة الاقطاع في سلم تطور البنى الاقتصادية الاجتماعية وصياغة القيم والثقافات والحاجات الانسانية الروحية والمادية اخذت كل وقتها وجل ظروفها وتطورت وارتقت وسادت وعممت نموذجها في اركان الكرة الارضية حتى النائية منها، وضربتها بفيروساتها وابتلاءاتها، وكما سادت افقيا تطورت وارتقت عاموديا واختبرت كل فرصها، وصححت اختلالاتها واحتوت ازماتها العابرة والبنيوية، وانتجت كل ما في جعبتها من جديد لترميم نفسها، ومعالجة ازماتها وطال بها الزمن لأربعة قرون فبلغت الشيخوخة ودخلت مرحلة الغيبوبة تحت اجهزة التنفس الاصطناعي.
وقبلها ومعها اختبر البشر كل ما انتجته تجاربهم وخلاصاتها في العصر الاول للحضارة الانسانية الذي اطلقته معاهدة قادش ١٣٧٤ ق.م كأول مضبطة صلح مكتوبة بين الممالك على اثر معركة قادش الثانية بين الحثيين والفراعنة في غرب نهر العاصي – حمص المعروفة اليوم بمنطقة القصير، وسادت مبادئها وقوانينها حتى وستفاليا.
ولان البشر متلبدون ويميلون الى السكينة وعدم التغير ويمانعون التفاعل مع جديد منتجات التقانة والعصرية وتخلفوا كثيرا عن ركب موجة التطوير، ابتدعت الطبيعة لنفسها وسائط عقاب وتصويب وثأر من البشر الذين استسهلوا التطاول والاعتداء عليها، فاعتادت ان تبليهم بالفيروسات والامراض والجوائح والتغيرات المناخية وقررت من تلقاء نفسها واو بفعل الانسان الابن غير البار للطبيعة ان تطلق فيروس كورونا الذي بدوره وبحافزية اختلاجات نبض الرأسمالية في غيبوبتها تحول الى جائحة اطلقت مفاعيل الحاجات المادية لإعادة هيكلة انماط الحياة البشرية وغيرت في توازنات القطاعات الاقتصادية واولوياتها واسهمت في تسريع نقل عتلة القيادة والتطوير من اوروبا والغرب الى الشرق واسيا بعد ان استقرت على اثر وستفاليا في اوروبا الغربية التي انتجت اخطر ما في جعبتها بعد  غزو العالم الجديد فولدت نظام العسف والابادة والتدمير والحروب، وتجسدت خلاصتها وروحها المتعجرفة بتشكيل الولايات المتحدة الامريكية بنظامها اللا انساني واللا طبيعي وغير المعادل للحاجات التي خلقت من اجلها الارض والانسان ليتفاعلا ويتعايشها بإبداع  وتعظيم البشر وتامين حاجاتهم الروحية والمادية وتعاظمها.
فصار المولود المسخ الخارج عن الاطوار والمؤسس على قياس ونظام الشركات ولتامين حاجاتها وزيادة ربحيتها مهيمنا عالميا بعد سقوط اختبارات قيام نظم وتشكيلات اجتماعية وسيطة بما سمي بالاشتراكية الروسية التي عممت تحت مسمى الاتحاد السوفيتي ومنظومة الكوميكون وبتجربة عدم الانحياز وحلف وارسو ولأنها تجربة هجين لم تتخطى قواعد وقوانين وتشكيلة الرأسمالية واستنسختها بنسخة روسية اسيوية لم تكن ظروفها ناضجة للاشتراكية التي صممها ماركس وانجلز لبريطانيا والمانيا اللتين اكملتا التحول الى الرأسمالية. سقطت اشتراكية موسكو والتي لم تكن سوى رأسمالية الدولة الاحتكارية، فانتفت وظيفتها وافلس نموذجها بقوة الدفع الذاتي عندما تكلست قيادة التجربة السوفيتيه وارتبكت على مفرق التطوير والابداع فانهارت التجربة لتطلق العنان لهيمنة كلية عدوانية لليبرالية الامريكية بتوحشها ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى