كتب ميخائيل عوض | العالم الجديد يولد من الخاصرة الاوكرانية – ٤-

ميخائيل عوض | كاتب وباحث

انتصار ال٢٠٠٠ غير قواعد ارتكاز توازنات الصراع العربي الصهيوني بما هو صراع الغرب مع الشرق، وانهى الدور الوظيفي لإسرائيل واسس لنهاية وظائف الكيانات والنظم التي خرجت بنتيجة الحرب العالمية الاولى وبما ابتلته امتنا العربية والعالم الاسلامي من ثلاثية؛ سايكس بيكو-وعد بلفور-التعاقد بين البريطانيين والاسرتين السعودية والوهابية، بأسقاطه احدى اخطر عناصر قوة اسرائيل بما كانته من ذراع ومخالب الغرب في العرب والاقليم، فلم تعد اسرائيل قادرة على فرض شروطها ومصالح امريكا والناتو عبر الاحتلال فانسحب جيشها من لبنان ورأسه بين ساقيه بلا تفاوض او ترتيبات، ثم انتفضت فلسطين وتعاظمت المقاومة فيها، وقاتلت غزة وسارت على طريق لبنان بانتزاع انتصار تحت النار وبلا تفاوض، وحررت نفسها ٢٠٠٥.
ترك انتصار ال٢٠٠٠ بصماته في امريكا نفسها عندما ادركت الدولة العميقة ولوبياتها انكسار قوة إسرائيل وافتقادها لدورها الوظيفي فبادر الصقور وممثلي لوبي العولمة والمحافظين الجدد اصحاب نظرية القرن الامريكي لاغتصاب البيت الابيض في انتخابات ال٢٠٠٠ بالتزوير وبقرار المحكمة العليا بفارق صوت واحد. فركب الكاوبوي حصانه، واشهر مسدسه بعد احداث ١١ ايلول ٢٠٠١ وعادت امريكا الى وسائل الاستعمار القديم بالغزو والاحتلال المباشر وفرض اداراتها المباشرة على أفغانستان ٢٠٠١ ومن ثم العراق ٢٠٠٣، في محاولة لترميم المشروع الامريكي وتامين الهيمنة بالوجود والقوة المباشرة للجيوش الامريكية والناتو بعد ان اسقطت المقاومة اداتها اسرائيل وهزمت تحالفاتها من المعتدلين العرب والاسلاميين، وانهت فرصتها لإقامة الشرق الاوسط الكبير، واذلت كونداليزا رايس التي قادت حرب تموز ٢٠٠٦ وخرجت بخفي حنين وتكرست هزيمة اسرائيل وسقوط العنصر الثاني من عناصر قوتها الاستراتيجية بفرض شروطها وانفاذ الاستراتيجيات الامريكية بالحروب الخاطفة وبأرض الخصم وبتفوق قدراتها التدميرية، فتأكدت خسارة اسرائيل كل او اي من عناصر قوتها التكتيكية والاستراتيجية بما في ذلك تفوقها الجوي وبحروبها النظيفة والخاطفة، وراكمت المقاومة الانتصارات وعناصر القوة والسطوة، وبنت جدارها الصاروخي وفرضت قواعد اللعبة، ما انعكس بتصعيد المقاومة العراقية ضد الاحتلال الامريكي الاطلسي التي تبنتها سورية علنا وتحملت كلفة تبنيها، وجاء اقرار تقرير بيكر هاملتون ٢٠٠٦ ” الدولة العميقة بكافة لوبياتها” بخسارة امريكا للحرب في بر وساحل الشام وتكبدها خسائر هائلة مؤشرا واقرارا بان الحرب العالمية العظمى التي ورثت الحرب الباردة بدأت تتسع مسارحها  وساحاتها وتتنوع مستوياتها وفروعها، وجلها جرت وجارية معاركها وجولاتها الحاسمة في جغرافية العربية ومع العرب والمسلمين الذين قاتلوا منفردين  فيها برغم عسف وصلافة القوة الامريكية العدوانية دون لواجم او ضوابط، وبلا اسناد من قوى عالمية واقليمية، وتساندوا وعززوا صمود كوبا وكوريا الشمالية وتفاعلوا مع الثورة البوليفارية -الشافيزيه في فنزويلا وأمريكا الجنوبية، وتحصنت المقاومة ومحورها الصاعد واستعد لجولات الحرب بوسائلها وفروعها واستراتيجياتها واجيالها الجديدة.
واجه عرب المقاومة وبإسناد نوعي ايراني شتى المؤامرات وافشلوها وافشلوا التحالفات التي سعت اليها امريكا للتعويض عن عجزها في العراق وافغانستان وفلسطين، وافشلوا استراتيجيات تصفية القضية الفلسطينية وحلف المعتدلين، ومشروع الفوضى الخلاقة، وتقسيم المقسم وتطبيع اسرائيل وتفويضها بإدارة المنطقة العربية والاسلامية.
وعندما غيرت امريكا من استراتيجياتها واستنجدت بالقاعدة والارهاب العالمي والاسلامي المتوحش وتفاهمت مع الاخوان المسلمين ومرتكزاتهم في قطر وتركيا والمجتمعات العربية والاسلامية وبذلت امريكا عبرهم وبأدواتها المختلفة ما استطاعت وما تملك من عناصر للاستثمار بالفوضى العربية التي انطلقت من تونس نهاية ٢٠١٠ وضربت في حقل النظم العربية اليابس، وحولتها لاستهداف محور المقاومة والدول التي مانعت او رفضت الاملاءات  فبدأت بأضعف الحلقات لترهيب دول المقاومة وفصائلها المحورية فغزت ليبيا بقوات الناتو وبقرار من مجلس الامن وبطلبات من مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية  التي هيمنت عليها قطر ومجلس التعاون ، وزجت بالأطلسي وبقوات وقيادة امريكية وفصائل الاخوان المسلمين ومجاميع الارهاب الاسود والمتوحش، ثم تحولت الى استهداف سورية والعراق.
قاتلت ليبيا ببسالة غزوة الاطلسي وعندما بدأت الغزوة في سورية تحولت الحرب واتخذت طابعها المباشر والعلني كحرب اقليمية وتدرجت لأصبحت عالمية بامتياز وقد شاركت فيها كل دول العالم وجيوشها واجهزتها وامنها واستدرجت روسيا للدخول بها مباشرة بعد عاصفة السوخوي وفي مواجهة الاحتلال الأمريكي المباشر والاطلسي عبر القواعد في شرق الفرات وفي الاردن وعبر تركيا اكبر جيوش الاطلسي وأدارت الشام ومحورها الحرب بتقانة وحكمة واقتدار وتنتصر فيها.
يتبع/….
غدا؛ حرب عالمية عظمى اسست للتحولات الفرط استراتيجية والتاريخية ولولادة العالم الجديد من الخاصرة الاوكرانية…

Exit mobile version