تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب مفيد سرحال | هل يبصر التفاهم السوري – السعودي النور قريباً ؟

مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني

ما كانت السين – سين  اي الرعاية السعودية السورية مطلع التسعينيات من القرن الماضي سوى ضرورة وطنية ملحة في لحظة سياسية حرجة اختلط فيها المحلي بالاقليمي فوق حطام جولة من جولات الصراع الدامي المتناسلة المنسجمة مع طبيعة النظام السياسي اللبناني المركب الهجين المفتوح طوائفيا وجغرافيا على الخارج برزمة ارتباطات حتمتها الصيغة المتجذرة المترسخة منذ القائمقاميتين 1840 والمتصرفية 1860 وصولا “الى ميثاق 1943 واتفاق الطائف 1989 .
وهذا النظام الصيغة شكل ولا زال آلية متحورة لنظام الملل العثماني في ادارة التعددية الدينية والثقافية ابان حكم السلطنة وما تخلله من مداخلات القنصليات الاجنبية .
ويبدو ان هذا النظام المولِّد دوريا للأستعصاءات والمشاحنات والتعقيدات في ادارة الملفات الداخلية الى حد العطالة و(كربجة ) آليات الحكم محكوم ان يستظل مظلة ريثما تزول العلة.
واذا كان اتفاق الطائف في هذا المضمار منصة انطلاق لمعالجة الاعطاب البنوية للنظام السياسي وتطويره من خلال منحه الحق للمواطن اللبناني بانتخاب مجلس نواب على أساس لا طائفي ،واعطائه ضمانات للجماعات الطائفية التي كانت ولا تزال كيانات اجتماعية قائمة بذاتها لذاتها من خلال انشاء مجلس شيوخ تنحصر مهامه في القضايا المصيرية وايضا اقرار اللامركزية الادارية..
الا ان الثغرات الواسعة في النظام والغموض غير البناء في مواد الدستور ولغة التأجيل المتعمد للاصلاح بايحاء انه غير متاح او متوفر بصيغة الشَّعر الحِكمي الجميل والغير قابل للترجمة والتطبيق الا نادرا.
هذا الظرف الذاتي والموضوعي يحتم لما فيه مصلحة اللبنانيين والعرب السهر على المريض المحموم دائما وابدا وكأن نظرية الوزير الألمعي الياس سابا وصفة علاجية ناجعة صالحة على الدوام في قوله :(ان لبنان لا يحكم الا بشرطي) اي راعٍ له دالَّة على الجماعات بما يوفر الحد الادنى من الاستقرار.
لقد عاد العرب الى سورية بعد ان تغوَّلوا في تشريحها بمبضع الارهاب وصنوفه المختلفة ومسمياته في مؤامرة كونية لتغيير سورية الدور والمكانة والوظيفة المحورية في الاقليم ومركزية موقعها في الصراع العربي الاسرائيلي صونا للحق القومي.
العرب للأسف الشديد ارتكبوا جريمة كبرى بحق الامة وانساقوا خلف اوهام ومزاعم ثبت بطلانها وزيفها وهدروا الاموال الطائلة لاسقاط النظام في سورية دون الاخذ بالحسبان انهم من دونها عراة ينسجون بغير هدى عباءة العصملي الخليفة الجديد بمالهم وأدواتهم على حساب وزنهم المرجعي المعنوي وحضورهم في المنطقة العربية وانساقوا خلف مؤامرة ازاحة سورية عن خارطة الصراع في عملية تجويف للامة وترداد ببغائي للاسطوانة المشروخة حول نظرية الخطر الايراني المزعوم لصرف الانظار عن الخطر الصهيوني الحقيقي الذي يحيق بالعرب والمسلمين ويهدد وجودهم ومستقبلهم وترك العرب نهبا لطموحات اردوغان في التوسع والسيطرة على القرار العربي والاطاحة بالمجال العربي .
دون ان ننسى ان الايرانيين كانوا اكثر عروبة من كثير من الاعراب في دعمهم للمقاومة المازالت تتصدى للمشروع الصهيوني دفاعا عن الارض والمقدسات.
نحن اليوم دون ادنى شك في عز احتدام الاشتباك الاقليمي ومما لا ريب فيه رجحان ميزان القوى لصالح حلف المقاومة الصاعد خطه البياني في كل الساحات .فهل ادرك العرب حجم الخطيئة الكبرى بحق سورية؟؟ سورية قلب العروبة النابض والاقدر والاجدر في لعب دور مركزي يصون هيبة العرب ومكانتهم كأمة من خلال التمسك بالعروبة الجامعة والحق العربي ومساندتها وتحالفها الاستراتيجي مع قوى المقاومة ما يوفر المناعة والقدرة الحاسمة في لجم اردوغان واطماعه التاريخية في الجغرافيا العربية وفي اكثر من ساحة على حساب سيادة الدول على ارضها وخيراتها ونبش احلام بائدة وحقوق مزعومة في الارض والثروات ،ايضا تستطيع سورية جسر الهوة بين العرب وايران وطمأنة الخليج وصياغة علاقة ودية ندية بين العرب وايران من دون المس بالمصالح الحيوية والقومية لامة العرب في امنها القومي والاستراتيجي وهذا من شأنه ان يبرد الساحات الملتهبة في اليمن ولبنان والخليج عامة بعيدا عن لغة المكاسرة والمواجهة المباشرة او غير المباشرة والمغامرة الفاشلة في تطويع شعب اليمن وتدجينه وسلبه حقه في الحياة الحرة الكريمة مستفيدا من خيرات بلده وموقعه الاستراتيجي.
العرب اليوم امام الحقيقة الكبرى بعد الخطيئة الأكبر بحق سورية وكم كانت فارغة الجامعة العربية بفعل خلو مقعد سورية وهل بدأ السعودي ومعه الخليجي بإعمال العقل والنزول عن شجرة اليمن الباسقة نظرا لتوازن الردع الذي خلقه الحوثيون مع قوى العدوان تحت سقف الدم المهراق والمجازر في اشنع حرب ضد الانسان العربي في بلد الاصول والانساب العربية؟؟؟ انسيابية مرنة نحو ترتيب العلاقة وتشذيبها من كل المعوقات بين السعودية وسورية تتحدث المعلومات انها باتت مطلبا سعوديا وحاجة للخروج من المستنقع اليمني ورماله المتحركة لتشكل مرتكزا لاعادة التشبيك العربي مع احترام الخصوصيات وطي الملفات وتثبيت التوازنات بما يحفظ امن المنطقة العربية وختم الجروح والتقرحات التي خلفها ما يسمى بالربيع العربي وهنا تبرز الحاجة الماسة لسورية….
اما فيما يخص الملف اللبناني فهل نضجت صيغة السين _سين  للتمفصل بعد اقرار القريب والبعيد وفي طليعتهم السعودية ان امن واستقرار لبنان من امن واستقرار سورية وخلاف ذلك يجعل من لبنان ورقة تتقاذفها رياح المصالح الاجنبية وتتناتشها الاطماع في الجنوب حيث العدو الصهيوني المتربص بالارض والثروات والشمال حيث مضار الاردوغانية يطال العرب كل العرب في حين تعيش الجماعات اللبنانية حالا من القلق بدرب كما شفرة السيف .
وهل سيبصر التفاهم السوري السعودي النور قريبا؟؟؟ في ظل قناعة سعودية واقرار بأن سورية وحدها تضمن التوازنات بغياب الحريرية او حضورها حيث لا غبن ولا احباط ولا خوف ولا افتئات او انكسار بنيوي للتوازن وبالتالي تصان المصالح السعودية كما الجماعات على اكمل وجه والتجربة ماثلة بعيد اتفاق الطائف بموازاة قوة المقاومة الرادعة التي احبطت وستحبط في اي لحظة غدر الصهاينة واطماعهم في غازنا ونفطنا ومياهنا وارضنا،ليعود لبنان افضل مما كان بازدهاره واستقراره .
سورية باختصار شديد ضرورة لا غنى عنها للبنان والعرب بقوة التجربة و حقائق الجغرافيا والتاريخ التي لا تستشير احدا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى