مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني
مع تعليق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري العمل السياسي وعزوفه مع اركان تياره نوابا ومسؤولين عن الترشح للانتخابات،انكسر ضلع من مربع النفوذ الطوائفي في النظام السياسي اللبناني المعروف اصطلاحا بالحريرية السياسية والذي كان يعني منذ تسعينيات القرن الماضي تقاسم السلطة وتوزيعها بين الطوائف والمذاهب الاساسية بصورة تؤمن التوازنات التي قامت عليها الديمقراطية اللبنانية الموسومة بالفرادة كنتاج فعلي للبنية الطائفية التي ينفرد فيها لبنان.
والحال أن عامودا هوى من اعمدة التركيبة محدثا”التواء”وخللا”في التوازن السلطوي وانحناءة حادة في التوافقية المعمول بها عرفا وميثاقا الى جانب الدستور،وكون هوية الجماعة تتقدم على الهوية الوطنية وانعكاس شفاف للمجتمع ببيئته الطائفية التعددية فان الجماعة السنية من خلال ما يمثله الرئيس سعد الحريري من وزن شعبي سني وانزياحه القسري خارج السلطة احدث ارتجاجا في هيكل الحكم تهيّبه الاقربون والابعدون، الخصوم والحلفاء. وتناسلت الاسئلة حول توقيت الخطوة الحريرية وابعادها وتداعياتها سيما انها ترافقت مع الورقة التي حملها وزير خارجية الكويت مُذيَّلة بتواقيع محلية واقليمية بمضمون يعج بلغة الأمر والاستعلاء والتهديد مشدود الى ساعة توقيت لا بل ساعة تفجير حُددت زمنيا بأسبوع وكأن لبنان في خضم معركة خسرها ولم يبق سوى البصم على صك الاستسلام.
هذا المشهد وصفه مرجع سياسي مخضرم بانه نسخة منقحة مجمَّلة لما شهده لبنان عام 2004 حيث بالامكان إحداث اسقاط المشروع المعد لضرب مكامن قوة لبنان اي مقاومته وقتذاك مع تبدل في الظروف والشخوص والنصوص انما الهدف واحد الا وهو الانقضاض على المقاومة مصدر القلق الوجودي ل ” اسرائيل ” الزائلة فالاغتيال الجسدي لشخصيات وطنية بارزة وقيادات لبنانية وما جرى استثماره بالدم كان الغرض منه مسألتان اخراج سوريا من لبنان واشعال حرب مذهبية بين السنةوالشيعة لاستدراج المقاومة الى الوحل المحلي واشغالها عن الصراع الحقيقي مع المشروع الصهيوني ما يمهد لدخول ابناء يهوه على خط الارتجاج الداخلي وشن حرب اسماها قادة العدو حينذاك سحق المقاومة .. وكان انتصار تموز 2006 الذي وضع الكيان الاحتلالي الغاصب على خط الزوال المحتم….
الاغتيال المعنوي اليوم للشيخ سعد الحريري على يد السعودية وحلفائها واعوانها في الداخل والخارج تقول المصادر عينها : الغرض منه ازاحة عقبة كأداء من امام مشروع الفتنة في لبنان الذي تجاوزه الحريري على حد تعبيره بالتسويات الداخلية رافضا خوض صراع ذا بعد مذهبي يستهدف المقاومة فكان ضحية المشروع المعد لتفجير لبنان وجره الى اتون الاحتراب الداخلي والذي رفض سعد الحريري الاستجابة للساعين اليه في دوائر التحالف الصهيو اميركي الرجعي وهذا بالطبع شرف كبير له ..
يتابع المصدر :تم اغتيال سعد الحريري سياسيا ودمرت امبراطوريته المالية وبيعت املاكه في المملكة بالمزاد العلني بعد ان رفع بحقه ما يربو على 63 دعوى قضائية وتقاطعت مصالح الغرب واميركا واسرائيل وبعض العرب على هدف اشعال لبنان بالفتنة بعد تمهيد محموم للأرض بالنار الاعلامية والسياسية تجند لها سياسيون واحزاب واعلام مأجور لالصاق اسباب الانهيار المالي والاقتصادي بثوب المقاومة الابيض النقي من لوثة الفساد والنهب والكارتيلات على انواعها والمصارف رأس حربة المشروع المناوئ لثقافة ومشروع المقاومة.. والآن يقول المصدر: نحن امام مرحلة دقيقة وخطرة تعتمل فيها كل ديناميات التحريض والتحييك للقلاقل والاضطرابات ..
ويقول المصدر : لقد لعب الفرنسيون دورا خبيثا في ازاحة الحريري بالتكافل والتضامن مع الآخرين، ماكرون وعواطفه الجياشة!!! وحنان الام (فرنسا) تجاه الكيان كان فائض مكر خدمة للمشروع الذي ينال من المقاومة …
يخلص المصدر للقول: التحييك الآن يقوم على سيناريوهين
الاول : محاولة توسعة دوائر الاختراق للمجلس النيابي في الانتخابات المزمعة اذا ما حصلت في محاولة جادة للرسملة على حالة الاحباط التي خلفها تغييب الحريري عن الزعامة والريادة السنية وتوجيه الرأي العام للنيل من حلفاء المقاومة في العديد من الدوائر وحيثما استطاعوا الى ذلك سبيلا كرد فعل على الانكفاء المفاجئ للحريري بتعبئة مسبقة لتحميل حزب الله مسؤولية خروج الحريري من المعادلة الوطنية ولكن دون ذلك عوائق ابرزها ان الشتائم التي طالت المملكة في العديد من مناطق نفوذ المستقبل تشي بان الرأي العام السني مدرك ان محمد بن سلمان اتخذ قرارا بالاجهاز على الحريرية السياسية وترجمه بلاحرج وبالتالي الخطة المشغولة في هذا الصدد لن تؤتي أكلها ..علما ان ما ينوف عن 3 مليار دولار وضعت بتصرف القوات اللبنانية لاستقطاب واستيعاب شرائح سنية ومسيحية خدمة لهذا الغرض على ان تكون القوات وجها لوجه مع المقاومة في المجلس النيابي الجديد لاحداث تغيير في الاكثرية ومطالبة المجتمع الدولي التدخل لانقاذ لبنان من ((الاحتلال الايراني)) ونفوذ حزب الله وما التذكير بالقرارات الدولية سوى انعكاس جوهري لهذا التوجه اي نفس المشهدية السوري في ال2004 والايراني في ال2022..أضغاث احلام على ما يقول المصدر : فالذين لا يقرأون التاريخ محكوم عليهم ان يكرروا اخطاءه.
اما السيناريو الثاني : فهو السعي لدفع حزب الله الى مواجهة داخلية بعد نفاذ عدة الصبر لاستنزاف المقاومة وتشويه دورها كحركة تحرر ومقاومة لعل وعسى يستجلب هذا الاستنزاف اذا ما حصل تدخلا اجنبيا وقد يكون حربا اسرائيلية…
ويختم المصدر :في كلا الحالين المقاومة بصبرها وبصيرتها وقدراتها العسكرية المرعبة على قدر كبير من الجهوزية والفعالية الميدانية لمواجهة كل المخاطر والتصدي لكل الاحتمالات ورصيدها في هذا المجال زمن منذور للانتصار عصي على الانكسار .