كتاب الموقع

كتب مفيد سرحال | قراءة في كلام السيد هاشم صفي الدين

مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني

لا يمكن للقارئ الحصيف والمتابع الفهَّامة العبور العرضي كالضوء الخافت فوق ظلال الكلام الكثيف المعاني والابعاد لرئيس المجلس التنفيذي لحزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين خلال جلسة حوارية مع ثلة من الاعلاميين والاكاديميين في منزل مسؤول الدائرة الاعلامية لحزب الله الحاج محمد عفيف.
وللدلالة نقتطع بعضا”من كلام السيد صفي الدين ازاء ما يتعلق بلبنان صيغة حكم ونظام سياسي:((خصوصية لبنان لا يمكن تجاوزها والخروج من التوافق يعني الذهاب الى الوحل الذي يغرق به العملاق كما القزم…ولن نتجاوز الخصوصية اللبنانية واذا توافق اللبنانيون على الغاء الخصوصيات ..نتناقش.
التوافق يبقى قدر اللبنانيين ومرتكز صيغتهم السياسية…
الانتخابات التي تشكل استحقاقا”مهما يستعد حزب الله لخوضها والفوز بالاغلبية مع حلفائه..ولن تشكل حسما للمشاكل وحلا ولها كما يتصور البعض وسيبقى التوافق هو المرجع الحاسم في اي جواب سياسي كبير والسعي لهذا التوافق يجب ان يبقى هدفا”..
الانتخابات مهمة لكن لا تحسم الامور ولا تقودنا الى التغيير ..)) .
ملخص ما تقدم ان ادبيات العمل السياسي ومرتكزات الرؤية الراهنة والمستقبلية في قاموس حزب الله فيما يتعلق بلبنان المجتمع والدولة وآليات الحكم تختصربما يلي :التوافق مرتكز الصيغة..لا تجاوز للخصوصية اللبنانية..الانتخابات لن تقود الى التغيير…التوافق يبقى المرجع الحاسم في قضايا الشأن الوطني العام…
بمعنى ان الخصوصية /الصيغة/التوافق والتي لطالما شكلت مصطلحات وشمية بارزة وأساسا”دستوريا ميثاقيا للنظام اللبناني ومندرجاته في الحكم والمؤسسات انسجاما مع الاجتماع اللبناني بمكوناته وتوازناته الدقيقة كانت وستبقى بنظر حزب الله الوصفة العلاجية الترياقية الدائمة لأعطاب وهموم وسموم وطن الأرز.
إن أقل ما يقال في مطالعة سماحة السيد صفي الدين انها احدى تجليات القوة العاقلة العالمة النافذة البصيرة والتفهم الكاشف للتركيبة اللبنانية المركبة المعقدة والتي يشكل المساس الحاسم الثوري التغييري بتوليفتها شكلا ومضمونا انكسارا بنيويا يأخذ البلد الى بلدان وجزر مغلقة بالحد الادنى.
ان حزب الله القوة الما بعد محلية بقدراته العسكرية الهائلة المهابة يدرك ادراكا عميقا ماهية السَّوية اللبنانية العامة التي تنتظم فيها وبها جميع التمايزات والتفاوتات والتباينات فيقاربها بعقل منفتح مفعم بقيم التوسط والاعتدال لا عقل الغلبة والغلو والالغاء والنقاء والعصمة الفئوية وامتلاك كامل الحق والأحقية.
ان دعوة السيد صفي الدين لتجذير منهج التوافق والتسوية وتجديده كصيغة دستورية ميثاقية تضم جميع المكونات في جمهورية ديمقراطية برلمانية يبقى المنهج الانجع والامثل في حالة لبنان التعدد والتنوع لبناء الكيان مجتمعا ودولة.
لقد أسقط حزب الله منطق الغلبة والتغلب مهما علا موج الاتهامات والافتراءات وصخب التجني المدفوع الأجر بالسياسة والأبواق وتبدى ذلك من خلال تعبيرات السيد صفي الدين وتكرار لازمة تسوية.. توافق.. اعتدال. ولم يذهب بالمطامح والمصالح والتوجهات الايديولوجية للطائفة الشيعية الى الحد الأقصى وهو قادر وبجدارة استنادا (لقعقعة السلاح) المنذور لحماية الوطن أرضا وكرامة وسيادة وثروات ،السلاح الذي تهابه اعتى الدول وفي طليعتها دولة اسرائيل الزائلة وهذا قمة التواضع وتنازل واستسلام عزيز (للصيغة) المازال حشد من المثقفين والمناضلين يسعون لرفض الحلول الوسطية معها وحسم التناقضات لا التسوية فيما بينها وبالطبع هذا حق مشروع ورؤية يلتف حولها كثيرون من المؤمنين بامكانية التغيير الجذري العميق في بنية النظام القائم الذي اهتز عامود خيمته اكثر من مرة في تاريخ لبنان الحديث دون ان يسقط وتسقط معه الصيغة.
ازاء ما تقدم تتناسل اسئلة جوهرية تلامس الواقع المعاش الحافل بالأزمات المنهك بالارتكابات والانتهاكات على المستويات كافة الدستورية والسياسية والقضائية والاستنساب الثقيل القاتل للقانون المستولد في معجن الاهواء والمصالح والاجندات الخارجية المتربصة بمواضع قوة لبنان..
من هذه الاسئلة المشروعة ماذا لو امتلكت جهة او مكون او فئة لبنانية القدرات التي في حوزة حزب الله؟؟ أكانت مستعدة للجلوس على طاولة واحدة على اسس ندية تحترم الآخر وتقر بحضوره بصرف النظر عن حجمه وقدراته ووزنه السياسي والعسكري ؟؟؟وهل لديها الصبر والبصيرة وسعة الصدر والتسامي وكظم الغيظ وامتصاص دم نازف ظلما وعدوانا هنا وهناك كرمى لعيني الصيغة والتوافق والتسوية ؟؟ هل من يمتلك اكثرية نيابية واخرى حكومية كما هو الراهن السياسي يصرف نفوذه السلطوي على شاكلة ما نرى من مراعاة ومداراة خواطر وحفظ كرامة الآخر الشريك في الوطن حفاظا على السلم الاهلي والصيغة والميثاق.؟؟
هذه الأسئلة تقودنا الى ان شعار لبنان محتل من ايران وذراعها العسكرية حزب الله بالتأكيد تهويم وتزوير وتضليل وملهاة خاسرة على طاولة القمار الاقليمية لن تقود لبنان الا الى مزيد من التعقيد الاقتصادي والاداري والسياسي والعلائقي بين المكونات .
فاذا كان حزب الله بقبضته العسكرية الجبارة يقول على لسان رئيس مجلسه التنفيذي ان الانتخابات مهمة لكنها لا تحدث التغيير، والتوافق هو المرجع الحاسم. فهل حقيقة يرغب ويشتهي حزب الله الحصول على الاكثرية النيابية في الاستحقاق القادم وهو امتلكها ولما يزل وبالتوازي يؤازرها ويدعمها بمنصة اطلاق التسوية في كل محطة وعند كل منعطف.
فاذا امتلك الآخر الشريك في الوطن بأظافرة الناعمة الأكثرية النيابية فهل سيجترح المعجزات ام ان التركيبة ايضا تحتم التسوية الضامنة للاستقرار والتعافي وصون الوحدة الوطنية بصرف النظر عن القوة المادية لحفظ كرامة المواطن المسحوق الذليل على اعتاب الفقر والعوز ..
وحده الجنوح الى التسوية والاتزان والعقلانية ووضع النفس في مقدارها يصنع وطنا ويبني دولة لا الدونكيشوطيات الناشطة على حبال الوهم والذاكرة المثقوبة…!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى