كتب مفيد سرحال في رثاء انيس النقاش | انيس .. فَزعة النسر النبيل..لبيتِ لحمٍ والخليل..
مفيد سرحال | كاتب وباحث لبناني
المجد لله المفدَّى في الأعالي
ولأمنا الأرضِ السلامُ والمسرة.
وبعد: سلِ الأنيس ينبيك إذا الأيام اجتلَت أسرار حقبتنا…
ماذا حملنا لها من شأن أمتنا.
سمعُنا هَيوفٌ يأنس للنِقاشِ….
للنقَّاشِ زاخرِ الابداع في الهممِ..
ما المُلكُ ما التاجُ في إغراءة الشَّممِ
ما الربيع وما الدراري تباهي زهوة القمم..
أنيس النقاش…نعرفه بسيماه
فَزعة النسر النبيل…لبيتِ لحمٍ والخليل…
أطلَّ من دمع يسوع..من قهرنا المحفوظِ في لوح القدر…
يخُطُّ بالكوفي أسماء السور..أيا عينا”لنا بصُرت…ويا ذاتا”لنا انتبهت… وياروحا”لنا انتفضت.
يا كلَّ طفلٍ مات جوعا”…كلَّ طفلة…يا كلَّ جرحٍ كلَّ رملة…يا كلَّ عشبةٍ في خميلةْ…ياكلَّ نسمة من صَبَا الشط عليلة…يا كل مُقلة حجبتها في جراب القهر عتمة….ياكلَّ كفٍّ قيدتها بحبال الغدر طُغمة…
أنيس النقاش نعرفه بسيماه…نعرفها سجاياه..تجلَّى فيه سر العماد.. وفرسانُ الضُّحى السُّمر…
فلا دمعٌ كما ارتشفَ..ولا دمٌ كما نزفَ..
ولا جمرٌ كما اقتطفَ…ولا صدقٌ كما قالَ…ولا فعلٌ كما فعلَ…
تمثَّل فيه المثَلُ بلا مِثلٍ ولا ندِّ..
ونقسم قد قرأناه بآيات من الإسراء والرعدِ..
ونُقسم قد رأيناه على أسوار حِطين وفي بدرٍ وفي أحُدِ…
يافخر عروبتنا…وخبزَنا..ويومَنا…وأمسَنا والذاكرة.
يا كُلَّ أنَّه من شجا عشتار قد نزفت ببابلْ… كلَّ السنابلِ والبلابلِ والجداول..
صواريخٌ ودمٌ وعسكر ….
أراك تُطفئُ وجهَ اليمن المُجَمَّر…
وشَرَهِ الجُناة… الآكلين وقار الجبال الهاجعات… والناس تُسقى الموت المخضَّب والمُنضَّب والمُخصَّب…
أراك تخِفُّ على جناحَي حسان… تُفرغُ فوق يهوه جام الغضب..
تعبُرُ القُبَّة السوداء..
كما يعبرُ حدُّ السيف تاريخَ العرب..
وترجِعُ مزهوا” لتقول بلسان سيد العرب… نصرٌ من الله..
كُلَّما من رهبة الموت ضحكنا
كُلَّما النصرُ اقترب.
أراك تنقش على جبين قاسيون شمساً من ذهب…
وتردد مع الشاعر:
((الشمسُ تشرق من دمشق …والليل يُنسجُ في دمشق…والقمر تُرصَّعُ انوارُه في دمشق… وبولس ينتظر يسوع في دمشق…ومريم تبارك طهرها في دمشق…وزينب تبكي رأس الحسين في دمشق….دمشق يا سر عشق الله لكِ روحي. )) والسلام لروحك يا أنيس بلادنا.