مفيد سرحال | كاتب وباحث في الشؤون السياسية
خاص الأفضل نيوز
لا يفوّتُ الفريقُ المناوئ لمحور الممانعة سانحةً أو حدثًا مهما بلغت درجة سخفه أو خفّته إلّا ووظّفه للنّيل من سمعة المقاومة وحلفائها مصوّبًا سهام الاتهامات والافتراءات لإلباسها لبوسًا رديئًا يشكّل عدّة الشّغل المدفوعة الأجر لشيطنتها وأبلستها عبر جوقات الدّجل المتمظهرة وسائط إعلاميّة ودعائيّة وساسة وأحزاب ودول.
وما حادثة إطلاق النّار على السّفارة الأميركية سوى عيّنة من عيّنات التّعمية والتّضليل حيث انبرى البعض لإطلاق إيحاءات بأنّ مُطلق النار يرتدي بزّة سوداء اللّون بغرض لصق التّهمة بمن يتميّز بلباسه الأسود عنيتُ حzب الله.
إنّ كلّ الوقائع المادّية تشي بأنّ جهة ذات خبرة بالأرض والبيئة المحيطة بمبنى السفارة تعرف مسالكها جيّدًا وقادرة على التّواري من دون ترك بصمة أو أثر ومُطلق النّار الّذي رمى السّلاح المُستخدم في العمليّة بعد تنفيذ المهمّة لاذ بالفرار متخفّفًا من أحماله مستسهلًا الحركة باندماجه سريعًا في البيئة اللّصيقة ما يحول دون انكشافه كما الجهة الفاعلة تاركًا خلفه أسئلة عن مرامي وأبعاد هذا الفعل الذي لا يصلح رسالة أمنيّة ولا يهزّ تلك القلعة الأضخم بين أخواتها في العالم .
إنّ هذا الحدث الأمنيّ اتّسق مع ما جرى تسريبه عن موقفٍ أميركي جذريٍّ رافضٍ لواقعية المبادرة الفرنسية الّتي شكّلت إلى حدٍّ مقبول توازنًا في توزيع السّلطة واحتدام النّقاش في آخر لقاء للخماسية في الأمم المتحدة هدّد بانفراط عقدها حيث تجهد الدبلوماسية الأميركية لترجمة نواياها المُضمرة بعدم السّماح للمقاwمة وحلفائها من تحقيق أيّ مكسبٍ سلطويٍّ لاسيما رئاسة الجمهورية والقبض على كلّ المواقع الأساسيّة (رأس الدولة، الحكومة، قيادة الجيش، المصرف المركزي) بشخصيّات كاسرةٍ للتّوازن الوطنيّ الذي قام عليه البلد وأخذه إلى صدامٍ داخليٍّ حتميٍّ أو بالحدّ الأدنى توسعة بقعة الشّغور بالتّوازي مع ضغطٍ اقتصاديٍّ وحصار يمارسه الغرب الجماعي سيأخذنا إلى تداعي الدولة وانهيار ما تبقّى من مؤسّسات.
في حين أنّ منطق إعطاء رئاسة الجمهورية للمقاwمة وحلفائها بحيث تأمن عدم طعنها في ظهرها أو المساومة عليها قوبل في الدّاخل بذهاب الفريق السّيادي إلى طرح الفدرلة مقابل فرنجية.
وذهبَ البعضُ للقول أنّ الفريقَ السّياديّ على علمٍ بما يدور في ذهن الغرب الجماعي لاسيما توطين الأخوة النّازحين والفلسطينيين ليأتي الهروب إلى شكلٍ من أشكال التّقسيم كواحدٍ من الخيارات الخلاصيّة الفئويّة وترك الصّراع بين المسلمين على النّفوذ مفتوحًا على شتّى أوجه الاحتراب في ظلّ انكسارٍ بنيويٍّ عميقٍ بين المكونات.
في وقت يستوجب من كلّ اللّبنانيين على اختلاف مشاربهم عقد الخناصر لجبه المخاطر الوجوديّة الّتي لن يكون طرف في لبنان حتّى لو انزوى في كيانه المزعوم بمنأى عن أخطاره والباب الأوسع لولوج الخلاص العام يبقى الحوار والوحدة وحدهما السّلاح الأمضى في درء المخاطر وصون الكيان … ودون ذلك هو مزيد من الأحداث الأمنيّة بأوجهٍ مختلفةٍ وبأحجامٍ متعدّدة والغرض خلق مناخات الرّاحة والطمأنينة للكيان الصهيوني فوق جراحنا وعذابات شعبنا.