مفيد سرحال | كاتب وباحث في الشؤون السياسية
بات شبه مؤكد ان طرح اسم الوزير جهاد أزعور للرئاسة الاولى لا يعدو كونه مناورة بالذخيرة المطاطية غرضها الابتزاز والاستفزاز دون ان ترقى الى مصاف الطرح الجدي سيما ان القوى المناهضة لترشيح سليمان فرنجية من ناحية تحسبهم جميعا وقلوبهم شتَّى ،ومن ناحية ثانية يخشى كل طرف ان يبتلى بالاستلحاق في الطرف الآخر ويغدو صدى صوت الأقوى او بالأحرى مستتبع لزعيم ذاك المحور المهجوس بعضه بسبل لي ذراع الثنائي الوطني وحلفائه لاجباره على العدول عن ترشيح سليمان فرنجية.
ان هذه القوى الحائرة الخائرة القوة عمليا تتوسل الضجيج و نظرية الكحل أحلى من العمى في لجوئها لما يسمى الخيار الثالث السيادي (يحتاج هذا المصطلح الى تعريف) طالما يتعذر وباستحالة وصولها الى سدة الرئاسة في ضؤ موازين القوى داخل المجلس النيابي وثبات نظرية التعادل السلبي التي تحول دون الحسم القطعي.
هذا المسار العبثي المحكوم باللاجدوى اذا كان هدفه كسب الوقت والاستمرار بالتعطيل لاجبار الثنائي على التراجع عن خياراته الرئاسية فانه حتما وبما لا يقبل الجدل مأزوم و يعيش حالة من الاستنقاع في وعاء من الوهم والاشتباه خاصة وأن لدى الثنائي حمولة زائدة من الصبر وطول الأناة حتى أمد طويل فيما التداعيات مرتدة وبخسائر جمة وامكانية ايصال المرشح جهاد أزعور تبقى ذهنيا وعمليا أقرب الى الأعجوبة إذ يسهل ادخال الجمل من ثقب الابرة على عبور أزعور الى بعبدا لاسباب كثيرة تعتبر من المحرمات ..
باختصار شديد الكل متغير تحت وطأة الظروف والمصالح الا حزب الله الراسخ رسوخ الراسيات لا يتزحزح ولا تهزه لعبة الدلال السياسي كما العض على الاصابع فيما الآخرون في دائرة الاستهداف والتهميش والشاطر من يلتقط الفرصة فالقوات اذا لم تجنح للتسوية ستتجاوزها المتغيرات وتداعياتها والتيار الوطني الحر سيبقى تحت نيران رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقنص كل يوم رمزا من رموز التيار في السلطة وبدأت اللعبة القاتلة عند غادة عون ولن تنتهي عند داني جدعون ما يعني انه كلما طال الفراغ كلما حمل معه فرص الانقضاض على مواقع التيار المتقدمة وتجويفه في السلطة فيما الطرف الحليف افتراضيا اي حزب الله يأخذ في صدره الدلال المتمادي لعلمه ان البرتقالي لا يخطئ في الثوابت والاسترتيجيا وبعض من هذا الالتزام رفضه لمرشح يستفز المقاومة او بالاحرى الثنائي الوطني فكيف يعتمد ازعور مرشحا ثالثا !!! وعليه فان لدى حزب الله اوراق ضاغطة لم يستخدمها تبدأ بالبديهيات الايجابية من خلال التمسك حتى آخر رمق بسليمان فرنجية واغراق التيار بالاغراء الوزاري والوظيفي وعلى رأس ذلك وزارة الطاقة وقيادة الجيش وحاكمية المصرف المركزي طالما القوات خارج التسوية حفاظا على التيار من خطاب القوات الاستيعابي الاستقطابي للبيئة الحاضنة للتيار من خلال الغلو بالمواقف التي تحرك المشاعر الفئوية وتسحب معها الغرائز نحو الراية القواتية كبديل انقاذي مجبول بمعطرات شعارات الحماية والحقوق والكرامة ووو… ،وماذا في هذا السياق لو دعا الثنائي وحلفاءه الى انتخابات نيابية مبكرة طالما ان الجميع يردد نشيد الديمقراطية ومحاسنها وضرورة مقاربة الاستعصاءات السياسية في الحكم باللجؤ الى الشعب كمصدر للسلطات كما هو الحال في المجتمعات المتحضرة؟؟.
ازاء ما تقدم يمكن القول انه لا الدلال الزائد او الابتزاز بالمطلق يمكن ان يزحزح الثنائي قيد انملة المالك لاوراق قاصمة في اللعبة الداخلية وتمييع الوقت في هذا السياق لا تخدم نظرية اطالة امد التعطيل ظنا ان المكاسب ستتوارد زرافات ووحدانا.
وعليه فان البناء على تسوية عاقلة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى القائمة وتستجيب لدعوة الحوار التي يتمسك بها الثنائي الوطني يبقى اقصر الطرق لحل منطقي ودون ذلك دونكيشوطية تتماشى مع مسار أشوه لا طائل منه.
وعود على بدء انطلاقا من المناورة المطاطية للدلالة وأخذ العبرة وقراءة المستقبل لا بد من التوقف عند المناورة بالذخيرة الحية التي أجراها حزب الله في عرمتى مؤخرا وكان لافتا وهي من المرات القلائل التي يدخل فيها اعلام المقاومة على خط الملفات الداخلية لاسيما الجدل الرئاسي بكلام جامد بالذخيرة الخارقة للمقفل من الجدران والأذهان وعلى لسان مسؤول الوحدة الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف خلال حفل تكريمي لاعلاميي الجنوب في صيدا وكلام عفيف صحيح انه محدد الهدف والتصويب يطال جهة محددة الا انه بالتأويل والتحليل يتجاوز الحصرية باتجاه العموم عندماقال:((الى الأرعن وصاحب الحسابات الخاطئة،ولعلك لم تدرك بعد معاني الانكفاء من اليمن،ومغازي التفاهم السعودي الايراني وظلاله على المنطقة،وعودة سوريا الكريمة الى الجامعة العربية بعد سنوات الصبر والصمود الثقيلة التي تكللت بالانتصارات،ومعنى سقوط التطبيع،ومعنى ان تطلق القذائف في عرمتى فيسمع صداها في تل أبيب.نقول لك مجددا ليس للمناورة اي بعد داخلي لاسيما عند ربطها ضمن حساباتك الخاطئة برئاسة الجمهورية.إن رئاسة الجمهورية تصنع حصرا في مجلس النواب بالصورة الديمقراطية الحقيقية والتوافق الداخلي….))
انها السياسة تبنى على التحولات لا على النيات والذين لا يقرأون التاريخ محكوم عليهم ان يكرروا اخطاءه ولبنان بتركيبته وطبيعة نظامه لا يحكم الا بمنهح التسوية والتفاهم والحوار ولغة الاعتدال في كنف وطن نهائي لجميع ابنائه فالأجدى الكنف الدافئ والا الكفن وجنازة وطن.