كتب مفيد سرحال | بين مارون الراس والرئاسة الاولى: اللهيان قال كلمته ومشى
مفيد سرحال | كاتب وباحث في الشؤون السياسية
من كردستان الى أذربيجان وغيرها منصات شغلها الكيان الصهيوني للعبث بأمن ايران متوهمًا أنّ اختراقه المدار الاستراتيجي لاحد اعدائه في المنطقة والعالم يمنحه سبق التفوق والقدرة على الضربة الأولى من مسافة صفر عدا التآمر والعبث الأمني وتسخير التكنولوجيا في أعمال عدائية تخريبية.
غير أنّ الصفعة جاءت هذه المرة من ايران للكيان الصهيوني الغاصب بالكيفية عينها ومن مسافة مقلاع، من مارون الراس وما ترمز اليه من مجاورة لتراب فلسطين، حيث كسر المقاومون رأس نخبة النخبة لجيش العدو الاسرائيلي ابان عدوان تموز 2006، ودفنوا بصمودهم الأسطوري رأس مشروع كوندي رايس (الشرق الأوسط الجديد) عند تخوم الأرض السليبة.
لقد شكلت زيارة وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان الى مارون الراس ردًا للتحدي بعيار أثقل، وما كلام الوزير اللهيان سوى رسالة صارمة بالخط العريض مفهومة المقاصد حاسمة المرامي واستراتيجية الهدف حيث قال: “يحتل لبنان مكانة مؤثرة في المنطقة وموجود في الخط الامامي للمواجهة والمقاومة وهو يحظى دائمًا باهتمامنا..”
اذًا من الخط الأمامي، وبما يشبه الالتحام الموعود قاب تحرير ناجز، وقف الرجل الأول للدبلوماسية الايرانية وجال بنظره من مسافة صفر على المطارح التي تنتظر صدق الوعد ليقول لقادة الكيان الصهيوني أنّ الاقتراب من ايران جغرافيًا والتباهي بتصفير المسافة للتآمر والاعتداء بالدسائس والأعمال الأمنية القذرة الجواب عليها جاء بالوقوف على مشارف فلسطين والايحاء الجدي أنّ محور المقاومة بكل إمكاناته بات جاهزًا لإطلاق السهم من القوس الممتد من طهران الى بنت جبيل مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان ومعهم فلسطين.
إنّ زيارة عبد اللهيان للبنان ولقاءه المسؤولين اللبنانيين وسيد المقاومة لم يكن على رأس قائمة أعمالها التجوال في مارون الراس ببعديها الرمزي المعنوي والاستراتيجي غير أنها كما يقال (زيادة محاسن) أضفت على الزيارة مدلولات جوهرية تقول أنّ الصراع مع العدو الإسرائيلي واسترجاع الارض والمقدسات يتسق مع الانفراجات التي شهدتها المنطقة في أعقاب التفاهمات بين ايران والسعودية لنزع فتيل النزاعات المتنقلة وإطفاء البؤر الملتهبة والتقاطعات الساخنة بين الطرفين في المنطقة والتحشيد لمزيد من التكاتف حول قضايا التنمية والأمن الاستراتيجي للإقليم وإعادة لم شمل العرب انطلاقًا من سوريا وأكثر من ذلك أنّ تقويض المؤامرة الصهيونية على أمتنا يكمن في إعادة فرز المنطقة بين مؤيد للاتفاق الإيراني السعودي والوحدة الإسلامية والوطنية ورفض الفتنة المذهبية التي شلَّعت العالمين العربي والإسلامي وصدَّعت العلاقات بين الدول وأفسحت المجال أمام شتى الاختراقات والتوظيفات المدمرة التي أكثر من استفاد منها العدو الصهيوني والطامعين بموارد وثروات العرب.
هذا الجانب حسمته زيارة اللهيان وتركزت على الآثار الايجابية للاتفاق على مستوى المنطقة ومنها لبنان.
ويستشف من كلام اللهيان الصريح حول الاستحقاق الرئاسي عدم رغبة طهران إلباسه لباس المحاور والتضاد المعهود بقوله أنّ: القوى اللبنانية المؤثرة لديها القابلية والكفاءة اللازمة لاستكمال العملية السياسية واختيار رئيس للجمهورية”…”وأي شخصية لبنانية مرموقة تصل الى سدة الرئاسة اللبنانية بالتوافق سيكون مرحبًا بها لدى ايران…”.
الواضح ان ايران تركت للقوى السياسية الفاعلة والمؤثرة التوافق حول شخصية الرئيس العتيد وهذا مادعت اليه ولا زالت القوى الحليفة لإيران، وبالتالي أعفت إيران نفسها من الخوض في هذا الاستحقاق لإيصال رسالة الى القوى المحلية والإقليمية ذات الشأن ان تحذو حذوها وتترك الأمر للبنانيين بدل إدخال هذا الاستحقاق اللبناني المحض في بازار التجاذبات الإقليمية والدولية .