كتب مفيد سرحال | بين ساعة عالمية وساعة لاهوتية ..لبنان على عتبة انفجار كبير .
مفيد سرحال | كاتب وباحث في الشؤون السياسية
بات جليا” ومن دون براهين وأدلة أن القصة ليست قصة(( ساعة)) بقدر ما هي ((شماعة)) تعلق عليها كل اعطابنا البنيوية واعتمالات الذات الفئوية الدالة على تأصل الخطاب الطائفي في لبنان المزرعة والتعددية الخرافية والتعايش المزيف المستورد من المجتمعات المتعددة القومية لتبرير الغيتوات الملفقة التي تجذر الشعورية الضيقة المقيتة وقانون التفكك والتذرر الاجتماعي الواضح المعالم.
في العالم ساعة عالمية وفي لبنان ساعة لاهوتية هي نتاج أخطر اشكالياتنا الا وهو الانسان المفترض اعادة صوغه وفق منطوق يحرره من براثن الطائفية والمذهبية محكوم بعقل مدني لا عقل لاهوتي سيما وان احد اعظم مصائبنا التؤامة بين هذا العقل والبنى التقليدية ما ساهم بتموضعنا الابدي في خنادق الرجعية والانحطاط والتخلف وابتداع النزاع الدوري في حلقة مقفلة لن تنتهي الآن ولا غدا من دون انسان جديد ووطن أفضل على قاعدة المواطنية اللبنانية العربية المتحررة والعصرية.
والحال بغض النظر عن صحة قرار تثبيت عقارب الساعة وفق التوقيت القديم من عدمه يبقى انه صادر عن جهة رسمية لا يستأهل كل هذا التحشيد والتعبئة الطائفية وينبغي التعاطي معه انسيابيا وبسلاسة والتزام من دون هذا الضحيج والعجيج الطائفي .
وفي المقلب الآخر ولسلامة البحث وموضوعيته كان الأسلم والأجدى التشاور مع الآخر بالحد الادنى كي لا تظهر الصورة في ظل الانقسام حول شرعية قرارات الحكومة المستقيلة مع غياب رأس السلطة التنفيذية وكأن المرجعيتين بحكم انتمائهم المذهبي تفردا بهكذا قرار متجاهلين الشركاء في الوطن .
ان البنيان الوطني هزته( ساعة) بعد قرن وأزيد من قيام الكيان واستقلاله الصوري حيث لا زالت ابرز منجزات الطوائفية المؤسسية وامتيازاتها السماوية هو تفكيك عرى الوحدة الوطنية وتقطيع اوصالها واستنبات عصبيات شعبوية شعوبية هدامة.
ما نعيشه اليوم من فراغات في السلطات والمواقع وأدوات الحكم وانهيار متناسل للقطاعات كافة القضائية والتربوية والصحية وشلل القطاع العام برمته وانهيار العملة الوطنية يختزل ويلخص أزمة النظام السياسي المتهالك لابل أزمة الهوية والحاجة الماسة الى اعادة تعريف الكيان وظائفيا بعد تهاوي مرتكزاته التي انشئ على اساسها كون ما يجري هو تبديد لفكرة الوطن وتفتيت لارادة الشعب وتعميق لفكرة الرعايا في جماعات تبحث عن خلاصها الفئوي كنموذج حي لنظام الفسيفساء الكيسنجري ومدرسة الكنتنة واخواتها ومثيلاتها .
ازاء هذا الاحتقان المتزايد والمأزق التاريخي الذي نكتوي بأتونه وتنبؤات باربرا ليف بالفوضى وتحلل الدولة واصرار الاتحاد الاوروبي مجددا على دمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني ،تخشى اوساط سياسية رفيعة من ان البلد اقترب من انفجار داخلي كبير وصدام عنفي خطير ستنجر اليه قوى عديدة ما سيفضي الى خلط الاوراق من خلال تدخلات ووصايات اجنبية لا تخدم بحال من الاحوال الا اعداء لبنان المتربصين به شرا وفي مقدمهم اسرائيل ومشروعها التفتيتي للمنطقة.
ليبقى السؤال المركزي وقبل الوقوع في المحظور. كيف السبيل الى بناء وطن ريادي ومجتمع عادل ينسجم مع انسانية الانسان من خلال دولة تنقذنا من محنتنا الخانقة الآيلة وفق المسار القائم الى التفكك بمبضع الدم والألم والدموع ؟؟ ( فالذين لا يقرأون تجارب التاريخ محكوم عليهم ان يكرروا اخطاءه) ….تكرموا واطلعوا على نشوء الدول وانهيارها قبل فوات الأوان.