مفيد سرحال | مدير تحرير موقع المراقب
لم يعد الاصلاح السلمي الديمقراطي بنظر الغالب الأعم من الشعوب اللبنانية المتشعبة طوائف ومذاهب وأحزاب ومؤمنين وعبدة أصنام،الطريق الأنجع للأنتقال الى رحاب دولة الانسان ،واحداث تغيير جذري في بنية النظام السياسي اللبناني لانتشال البلد من حال الاهتراء وشلل المؤسسات وتحلل القطاعات كافة وشلل الادارات تحت ضغط الموظفين المتآكلة اتعابهم تحت عجلة الدولار ومنصات ومقررات الحاكم بأمره بغطاء تكافلي مع طغمة حكمت فأبدعت هدما واجترحت كل فنون الهدر (التعريف الملطف للنهب الممنهج ) ولا زالت تتصدر المشهد بوجوه كالحة من زجاج معتم.
غريب أمر هذا البلد جماعات وزعامات وقوى سياسية تقتات من الدولة تغرف حراما من خزائنها لتستمر من جهة وتمعن في ارضاع واخضاع زبائني استعباد واذلال رهائني لرعاياها ،اما وقد جفت الخزائن وطارت الودائع وتيبس ثدي الدولة ولم يبق في قعر القعر ما يحرز للشفط واللهط وقف الجميع حائرا امام الانهيار الكبير والمأساة الكبرى : دولة مفلسة تطغى على شعبها بالضرائب والرسوم لتحميل الناس مسؤولية سد الفجوة المالية المنهوبة المقدرة بمئة مليار دولار و شعوب مخدرة جرى تلقيحها بفاكسين الولاء والغباء هائمة على وجهها منشغلة بصياغة قصائد العشق والهيام لهذا الزعيم وذاك من المتسلطين على رقاب العباد باسم الدين تارة والكرامة تارة اخرى وتراتبية الوظيفة والدور والحضور الوجودي في صيغة النفاق المشترك… والمشترك في كل شيء حتى مواخير البغاء.
الواقعة وقعت ولازلنا تائهين في معمعة المصطلحات والفذلكات والشكليات :تكليف وتأليف، اوتأليف قبل التكليف لصيانة التوازنات ومقاربة الاحجام وكل هذا الحراك ضروري لانتظام الحياة الدستورية لكنه ملهاة للناس وليس اولوية لديهم او هماً من همومهم واهتماماتهم ،عراضات دستورية فوق مسرح الحطام المؤسساتي وفولكلور ممل على جماجم المحروقين بنار الدولار والمسحوقين بشجون الطبابة والدواء والمحروقات والرغيف والتعليم..
واكثر من ذلك اعطاب جوهرية في الاعراف والدستور ومحصنات الصيغة ضد فقدان المناعة الوطنية حيث حجب الصوت المسيحي عن الرئيس المكلف السني من كتلتين مسيحيتين كبيرتين في سابقة مقرونة بالتعفف ورفض المشاركة … لاحظوا (الميثاقية..المشاركة)،…مصطلحات لها وقعها في الذاكرة اللبنانية الحبلى بالاستعصاءات والاشتباك السياسي والصراع الدموي وسيل من الانشطة الذهنية والفكرية حول برامج الاصلاح السياسي الديمقراطي والحلول للحالة اللبنانية الخاصة بتركيبها التعددي والسؤال ماذا لو عمد النواب السنة الى الاحجام عن الاقتراع للرئيس الماروني في الانتخابات الرئاسية بعد اشهر قلائل . وما قاله قاضي الشرع السني الشيخ عبد الرحمن شرقية باننا سنرد التحية بمثلها ليس امرا عابرا…
والحال يبدو ان منهج الوسطية والاعتدال قد سقط في لبنان ومعه منهج التسوية…لا بل ان اتفاق الطائف يطوف حول حتفه ،وكل المعايير والقيم الناظمة للحياة العامة والثوابت الميثاقية تصدعت تزلزلت ان لم نقل زالت،الدولة قيد الزوال والسلطة خارج النقد او النقض تسترسل بحضورها المضلل والثقيل الظل.
لم يبق امام أهوال الفقر والجوع والمرض والهجرة وانعدام الاستقرار سوى ثورة حقيقية وعنف ثوري نعم عنف ثوري يراق على جوانبه الدم لا ضير في ذلك قبل ان تضيع الانجازات ومنها صيغة العيش المشترك التي اسماها المغفور له الشيخ محمد مهدي شمس الدين( افضل صيغة في التاريخ وانجاز من اعظم انجازات الروح والعقل في لبنان) والمكتسبات والثروات وكما كانت المقاومة لمعة عز في تاريخ لبنان حققت ما حققت من انجازات ورسمت ما رسمت من معادلات حفظ الحق والكرامة الوطنية نحن بأمس الحاجة لمقاومة تحرر الانسان اللبناني من قيوده وموروثاته وعقد التاريخ المستحكمة بعقله وسلوكه وثقافته، تحرره من الطغمة الطاغية الغشوم لتستعيد السيادة في الداخل وتحقق ديمومة الاستقرار التنمية او ان لبنان يخبو كالطفل العاجز نحو
التشظي الجغرافي المقاطعجي الحديث !! وسط انقسام عامودي يستبطن تناقضا جوهريا حول الاساسيات لتغدو الانتخابات الرئاسية القادمة في ضؤ التباعد الجماعاتي الحاد آخر اسحقاقات الدولة الواحدة.