مفيد سرحال | خاص الأفضل نيوز
من نافل القول أنَّ أمن الكيان الصهيوني وديمومة تفوقه واغتصابه للأرض العربية وتغطية عدوانيته وإبقائه عصا غليظة بيد الغرب الجماعي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وبيتها الأسود ملوِّن هذا العالم بالسواد قتلا وتدميرا وملوِّث البشرية بالأفكار الهادمة للأخلاق والفطرة الإنسانية.
يشكل على المستوى الاستراتيجي واحدا من مرتكزات سياسات الغرب الاستعماري الذي كلما استشعر وهن الكيان الغاصب وتدني وظيفته الاستراتيجية وضمور حضوره الإقليمي وتصدع جبهته الداخلية تحرك لتدعيمه وصيانته وابتداع خطط الوقاية من المخاطر التي تحيق بالكيان العبري المؤقت الزائل.
ولنا في هذا المجال محطتان لا بد من التوقف عندهما للاستدلال وتوصيف الحالة وتقدير الموقف الموائم للمعطى لتأتي الخلاصات في موضعها الطبيعي والمنطقي.
المحطة الأولى حرب تموز 2006 التي خرج منها العدو الصهيوني مهشما” على المستوى المعنوي حيث تمكن رجال الله في الميدان من كسر ألوية النخبة في مواجهات مباشرة على محاور مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب والطيبة يضاف إليها مقبرة الدبابات في وادي الحجير .
وفي هذه المعارك خاض حزب الله في تشكيله القتالي وتكتيكاته المرنة حربا جمع خلالها بين نمطين أي الحرب الكلاسيكية وحرب الغاريا أو حرب العصابات وألحق هزيمة مدوية بالعسكر الصهيوني ما دفع كبار القادة العسكريين للاعتراف بمواجهة مقاتلين أشداء ذوي كفاءة عالية تضاهي خبرة أعظم الجيوش..
وجاء تقرير فينوغراد وقتذاك مصوبا على ثلاثة محاور مفصلية لنتائج الحرب:
أولا فشل الحرب الخاطفة على أرض الغير وحماية الداخل الاسرائيلي.
ثانيا : تراجع الكفاءة والروح القتالية لنخبة جيش العدو وهزالة أداء الجنود الصهاينة أمام ثبات وصلابة وقدرات مقاتلي حزب الله.
والنقطة الثالثة والأهم أن هذه الحرب وضعت الكيان الصهيوني على محك الزوال والخطر الوجودي الحقيقي لأول مرة منذ نشأته كيانا استيطانيا إحلاليا..
إزاء هذا الواقع دخلت الولايات المتحدة على خط درء المخاطر الوجودية عن الكيان وسبقها بالطبع خلال المعارك فتح مخازن احتياطي الذخائر لشعور أميركي أن تباشير الشرق الأوسط الجديد التي تحدثت عنها غوندوليزا رايس تبخرت في ملحمة مارون الراس فيما اهتراء قوة الردع الصهيوني باتت حقيقة ملموسة ومراكمة المقاومة لقدراتها والاستفادة القصوى من دروس حرب تموز 2006 سيؤسس لإرهاصات زوال الكيان الحتمي..
عندها بدأ البيت الأسود ومعه الغرب الجماعي التحييك لسيناريوهات تبدد دينامية النكوص والخط التراجعي الذي يؤسس لما يعرف بالانهيار الإدراكي السابق للهزيمة العسكرية للجيش الصهيوني ..فكان انتاج داعش وأخواتها لإغراق المنطقة المحيطة بالكيان بالحروب والفتن المذهبية ولا ننسى الجنرال الأميركي ويسلي كلارك الذي قال بالفم الملآن :لقد صنعنا مع أصدقائنا وحلفائنا تنظيم داعش لتحطيم حزب الله…ويكفي التوقف عند خطة (إعادة التوجيه) التي نشر تفاصيلها الصحافي الأيركي سيمور هيرش في صحيفة نيويوركر والتي تقضي بإغراق المنطقة المحيطة بالكيان العبري بالفتنة المذهبية وإشغال المقاومة عن الصراع مع الصهاينة ولا ننسى الربيع العربي الذي فجر الصراعات داخل الكيانات العربية ، وأسس للعثمنة على حساب العوربة للذهاب لاحقا بعد عثمنة الدول العربية إلى الصلح الأكبر مع الكيان العبري .
هذه الفوضى المنظمة والاضطرابات المتنقلة في محيط فلسطين المحتلة وجد فيه الغرب الجماعي وحده جدار الأمان للكيان الغاصب ..
لقد تصاعدت وتيرة انتصارات محور المقاومة وراكمت المقاومة الفلسطينية في الداخل خبراتها وطورت أدوات الصراع وخلقت توازن ردع شبيه بتوازن الردع الذي حققه حزب الله الذي أوقف الكيان على رجل ونصف وأرعبه بخيمة مطلة على أرضنا المحتلة في مزارع شبعا .أما النضال الفلسطيني التحرري وبطولات المقاومين في الطعن والدهس والقنص والاغتيال والتفجير والقتال المباشر والعمليات النوعية فقد فاقم من أزمات الكيان الزائل وتصدع بنيانه المجتمعي من خلال هجرة معاكسة هزت أسس ومرتكزات المشروع الصهيوني الاستعماري ناهيك عن الصراعات السياسية على خلفية التعديلات القضائية التي قسمت المجتمع الصهيوني عاموديا وطالت شظاياها المؤسسة العسكرية التي اعتكف العديد من ضباطها وجنودها في قطاعات عدة.هذا الواقع المأزوم للكيان الصهيوني وتآكل قدرته الردعية وإعطابه الذاتية البنيوية دفع الولايات المتحدة للمسارعة إلى استنقاذه بعدما خيم عليه شبح عمر الثمانين والخراب الثالث للهيكل .
والحال عادت الولايات المتحدة إلى غرب آسيا بصورة مفاجئة واختلقت رواية التحشيد في شرق الفرات تحت عنوان احتلال البوكمال وإقفال طريق بغداد دمشق وبالتالي قطع شريان إمداد المقاومة من طهران إلى لبنان وفلسطين وذلك لإعطاء جرعة معنوية للكيان الصهيوني المتهالك العاجز عن مواجهة المقاومة في لبنان وفلسطين بعد تشبيك ساحات المقاومة أو ما بات يعرف بوحدة الساحات الذي تحدث عنه سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله في أكثر من مناسبة وقد وضعت الاستخبارات الأميركية الصهيونية والغربية مخططات عدة على الطاولة ونفضت الغبار عن مشاريع كانت موضوعة على الرف كمثل إعادة تقسيم المشرق العربي والعبث بجغرافيا سايكس بيكو ومن قاعدة التنف انطلقت في أعمال المقص بالجغرافيا بدءا من صراع العشائر مع قسد التي يبدو أن بيعها قد تم بصفقة مع الأتراك لصالح تسليم العشائر العربية الممتدة إلى العراق والخليج زمام الأمور على طرفي الحدود السورية العراقية والتمدد إلى السويداء ودرعا والقنيطرة لإقامة حكم كونفدرالي مع الأردن واحداث طوق حول الكيان الصهيوني يبعد الجيش العربي السوري وحلفائه عن التماس مع العدو في الجولان وبالمقابل تخريب لبنان باستخدام عامل الديمغرافيا بحيث يحل النازحون السوريون الذين باتوا بحكم الإقامة الدائمة في لبنان بقرار أميركي -أوروبي مكان مسيحيي الأطراف (لسد المنافذ على مناطق المقاومة) الذين تحت وطأة ظروف وأحداث مصطنعة سيخلون قراهم وما الاطروحات التي تكتب حروفها في واشنطن حول منطقة حرة وغيرها بمواكبة حملة ممنهجة لتسويق الفدرلة كنغمة ((الطلاق ))و((إعادة النظر بتركيبة الدولة )) ((وما بيشبهونا ، ولكم لبنانكم ولنا لبناننا)) وسوى ذلك من شعارات خلقت نفورا في النسيج اللبناني وخدوش نفسية كان طواها الزمن واتفاق الطائف .
إنَّ المنطقة برمتها تحت وطأة حصار أميركي ظالم جائر تجويعي هو أشبه بحرب إبادة ضد شعوب رفضت الإذعان للشروط الأميركية والقبول بالكيان الصهيوني جسما طبيعيا في جسد الأمة.إنَّ إقفال الحدود بين العراق وسوريا يعني فيما يعني حربا شاملة ناهيك عن أنها ستفتح نار جهنم على الكيان الصهيوني الذي يترنح تحت ضغط قوى المقاومة وخشيته من مواجهة لا يدرك نتائجها ولا يحسب حسابا لمفاجآتها وبالتالي نحن أمام أسابيع وأشهر حاسمة سيتحدد خلالها مصير المنطقة ومآلات الصراع ويتحضر لها محور المقاومة بكل وسائط ووسائل المواجهة المشروعة وفي معلومات مؤكدة أن قاعدة التنف لن تكون أهم وأقوى من تحصينات المارينز والقوات المتعددة الجنسيات في بيروت وإن المعركة إذا فتحت وستفتح حتما لأن مقولة من يجوعنا سنقتله طالما نحن في حال موت بطيء وبالتالي فإن اجتثاث الأميركيين من شرق الفرات سيكون عملا جراحيا للأضراس المسوسة ومشهد بيروت في الثمانينات قد يتكرر من دون عناء الكر والفر ومواكب النعوش أفقيا سيتصدر الإعلام العالمي ومن يعش يرَ.. التنف ستغدو نتفا.