محمد صادق الحسيني | كاتب وباحث ايراني
من أوكرانيا الروسية أصلاً وفرعاً الى جزيرة فرموزا الصينية الشعبية بكلّ المقاييس الى القوقاز الإيرانية هوية وثقافة وتاريخاً رغم أنف أميركا والشيطان الأكبر وشياطين الناتو الكبار والصغار… ها هي سفنهم تغرق الواحدة بعد الأخرى.
وها هو أحد اعترافاتهم ننقله إليكم كما هو:
نشر موقع محطة «سي أن أن» الأميركية يوم ٥/١١/٢٠٢٢، تصريحات صادمة، حول الترسانة النووية الأميركية مقارنة بتلك الصينية، لقائد القوات الاستراتيجية الأميركية الأدميرال شارلز ريتشارد، وأهمّ ما جاء في تلك الأقوال التي أدلى بها خلال نشاط داخلي مغلق، كما جاء في الموقع، هو ما يلي:
1 ـ انّ الصين تقوم بتطوير أسلحة نووية بسرعة أكبر من سرعة تطويرنا لهذه الأسلحة، الأمر الذي يخلق لنا مشكلة قريبة الأمد Near Term Problem، أيّ انّ ذلك يعني خطراً داهماً.
2 ـ لقد قام المسؤولون في البنتاغون بإطلاق العديد من التحذيرات، حول التسلح الصيني، خلال الاعوام الماضية، ولكن تصريحات الأدميرال شارلز ريتشارد تضفي صبغة أكثر صعوبة / خطورةً (Dire) على اشكالية التسلح النووي الصيني.
3 ـ وأردف الأدميرال تشارلز ريتشارد قائلاً: حسب تقييمي لقدراتنا الردعية تجاه الصين فإنني أرى انّ السفينة (الأميركية طبعاً) تغرق. انها تغرق ببطء ولكنها تغرق، وذلك لأنهم، وبشكل أساسي، يقومون بنشر قدراتهم في الميدان أسرع منا.
4 ـ ويتابع الأدميرال قائلاً: طالما استمرّ الرسم البياني (سرعة تطوير الصين لأسلحتها النووية) على هذا النحو فلا يهمّ ما إذا كانت خطط العمليات عندنا جيدة، كما لا يهمّ أيضاً ما إذا كان قادتنا (يعني قيادات الجيش الأميركي/ الأسلحة النووية/ كما لا يهمّ أن يكون جيشنا جيداً، وذلك لأننا لا نملك الكفاية منهم (القوات النووية الاستراتيجية وغيرها هو المقصود) في المدى القريب، وهو ما يطرح مشكلة قريبة المدى جداً.
5 ـ قام الأدميرال شارلز ريتشارد بالإدلاء بهذه التصريحات يوم الأربعاء الماضي، ٢/١١/٢٠٢٢، في ندوة سنوية خاصة، لرابطة الغواصات. إلا أنّ وزارة الدفاع الأميركية قامت بنشر تصريحاته هذه في مقال إخباري، وذلك يوم الجمعة ٤/١١/٢٠٢٢.
6 ـ سبق الأدميرال المُشار إليه أعلاه أن حذر من تصاعد القدرات النووية الصينية، حيث أكد في تصريحات سابقة له انّ الصين سوف تمتلك في حدود ألف رأس نووي بنهاية العقد الحالي.
هذا الكلام يأخذ معناه الأوسع عندما نستحضر العقيدة العسكرية الأميركية العدوانية التي لم تشهد أيّ تغيير على جوهرها العدواني والهيمني منذ عشرات السنين، وكلّ ما تغيّر فيها هو انها، اخترعت حجة الإرهاب، بعد تفجيرات نيويورك سنة ٢٠٠١ وشنها حرباً على أفغانستان، التي رغم انسحابها منها لا تزال دائرة حتى اليوم، ثم حربها الأولى والثانية على العراق واحتلاله وتدمير الدولة العراقية، وبعد محاولتها، عبر قاعدتها العسكريه المسماة «إسرائيل»، محاولة تدمير المقاومة في لبنان (حزب الله) سنة ٢٠٠٦ وفشلها في ذلك، ومن ثم اختراع أدوات جديدة، خدمة لاستراتيجية الهيمنة إياها من خلال إقامة حائط صدّ أمام جمهورية الصين الشعبية، يمتدّ من جزيرة غوام شرقاً وحتى جبل طارق غرباً، منعاً لاستمرار تطور الصين الاقتصادي وتوسيع تعاونها مع هذا الفضاء الجغرافي والديموغرافي الواسع.
في المقابل فإنّ الصين الشعبية وروسيا الاتحادية لم تكونا غافلتين عن هذه المخططات الأميركية وأهدافها وعواقبها التدميرية على العالم، الأمر الذي دفعهما، منذ حوالي عقدين من الزمن الى إطلاق مشاريع استثمار عملاقة، في العلوم والمعرفة والتكنولوجيا، وهي المشاريع التي أوصلت الدولتين الى مستوىً متقدّم جداً، سواءً في الصناعات العسكرية او في الصناعات الالكترونية الدقيقة المتعلقة بقطاع الاتصالات بشكل خاص. وهو القطاع الذي يتيح المجال لمن يملك التفوّق في صناعاته المختلفة، وهي الصين وروسيا وإيران حالياً، ان يكون له الدور الطليعي في التطور الاقتصادي والتحول الى القوة الاقتصادية الأولى في العالم.
ومن الجدير بالذكر انّ ما نقوله ليس دعاية مؤيدة للدول المذكورة أعلاه أو انحيازاً سياسياً لها، وإنما هو تحليل للواقع الذي نعيشه والأسباب التي أسّست لتطوره.
فالولايات المتحدة قامت، خلال العقود الثلاثة الماضية، بإنفاق ما يزيد على ثلاثة تريليونات دولار على الحروب وشراء السلاح (البنتاغون تشتري)، بينما لم تنفق الدول الثلاث، المذكورة أعلاه، أكثر من تريليون دولار واحد على التسلح واستثمرت بقية مواردها في التطوير العلمي والتكنولوجي، والاقتصادي بالنتيجة.
وعوضاً عن ان تتعظ واشنطن من هزائم مشاريعها وسياسات الهيمنة التي اتبعتها، عبر العقود الثلاثة الماضية بشكل خاص، عمدت الى الإعلان عن استراتيجية أمنية أميركية جديدة، سنة ٢٠١٨، مكونة من ١٤ صفحة وصادرة عن البنتاغون، أسمتها: استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية للدفاع الوطني.
وقد حدّدت فيها نصاً انّ الأولوية، في هذه الاستراتيجية، تتمثل في مواجهة الخطر الداهم، على الولايات المتحدة، ومصدره الصين وروسيا وكذلك التصدّي للخطر المحتمل، من قبل الدول «المارقة» مثل كوريا الشمالية وإيران، وهو الأمر الذي يجعل من الضروري الاستثمار (زيادة الإنفاق العسكري) في تطوير القدرات العسكرية الأميركية اللازمة لبلوغ تلك الأهداف (التصدي للخطر الروسي الصيني الداهم والخطر الكوري الإيراني المحتمل).
لهذه الأسباب بالذات باتت سفينتهم في حالة غرق، بينما سفينة ثلاثي الشرق الصاعد الدفاعية تسير بخطى ثابتة نحو عرش العالم.
يهلك ملوكاً ويستخلف آخرين.
بعدنا طيبين قولوا الله…