محمد بلوط | كاتب وصحفي لبناني
الكتاب الأخير بعنوان «الانحدار الفرنسي»، يصدر في توقيت سجالي هو أيضاً، عشية ترشح الرئيس إيمانويل ماكرون المنتظر للانتخابات الرئاسية في الربيع المقبل. ويشير العنوان الفرعي للكتاب «الإليزيه، الكي دورسيه، المخابرات الخارجية، أسرار الحرب من أجل التأثير الاستراتيجي» الى احتدام الخلاف حول الملفات الخارجية والدبلوماسية، في مقدمتها الملف اللبناني.
أحد البنود الخلافية في دوائر القرار الفرنسي يتعلق بملف المالية العامة والسياسة النقدية والقطاع المصرفي في لبنان. إذ يظهر فريق قريب من ماكرون، يقوده مسؤول ملف «سيدر» بيار دوكان، ميلاً واضحاً إلى ضرورة تغيير رياض سلامة واستبداله بمرشح يرضي القطاع المصرفي في لبنان والعالم أيضاً، في مقابل تيار مصرفي كبير في فرنسا يريد الإبقاء على سلامة، ليس احتراماً له، بل لكونه قاد مع المصرفيين اللبنانيين عمليات مالية كبيرة استفادت منها مؤسسات مالية ومصرفية فرنسية. ويخشى هؤلاء أن سقوط سلامة قد يقود الى سقوطهم أيضاً.
«الانحدار الفرنسي» ليس كتاباً استقصائياً فحسب، وإنما دعوة الى أخذ العلم، لمن لا يريد أن يصدق بعد إلى أي درك من العجز والتخبط نزلت إليه «فرنسا العظمى» في سياستها الخارجية. وهو يشكل مرثية حقيقية للدبلوماسية الفرنسية.
نتيجة الجهد أثمرت عشرة فصول تدرجت من صعود وفشل المبادرة الفرنسية في لبنان (احتلت ثلث الكتاب المؤلف من 320 صفحة)، الى معضلة الذاكرة الفرنسية مع الجزائر، واللوبي الإسرائيلي في فرنسا والتعاون الاستخباري الفرنسي ــــ الإسرائيلي ــــ المغربي، والنووي الإيراني، ومحور باريس ــــ بغداد ــــ القاهرة، والتخبط في ليبيا، وأسرار البغض المتبادل بين إيمانويل ماكرون ورجب طيب إردوغان، وملامح ماكرون الشرقية، وصداقة أمراء الخليج. وشكلت كلها الإطار الرئيسي لفهم أي أرضية جيوبوليتيكية يقف عليها الفرنسيون في رسم سياستهم، واستعان خلاله الكاتبان باستجواب شبكة واسعة من العلاقات داخل المؤسسات الفرنسية، وفي مراكز القرار في البلدان التي كتبا عنها.
الأخبار