كتب مجتبى علي حيدري | إدراج الحرس الثوري في قائمة الإرهاب الأوروبي .. الهواجس والمبررات القانونية.

مجتبى علي حيدري | باحث مختص في الشؤون الإيرانية

إكتفى الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ضد شخصيات تابعة أو مقربة للحرس الثوري الإيراني على خلفية ما سماه انتهاك حقوق الإنسان خلال الأحداث الأخيرة في إيران بدلاً من تصنيف الحرس جماعة إرهابية بعدما صوت البرلمان الأوروبي بأغلبيته في 18 كانون الثاني/يناير لصالح إجراء يدعو الأوروبيين إلى تصنيف الحرس منظمة إرهابية بذريعة التعاون العسكري المزعوم بين طهران و موسكو و الادعاء بأن الحرس الثوري الإيراني ينوي نقل صواريخ بالستية إلى روسيا.

ولابد هنا من الإشارة إلى بعض الحقائق القانونية وفقا للآليات المتبعة داخل الاتحاد الأوروبي التي جعلته يتمهل في قراره إدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب الأوروبي وهي كما يلي:

أولاً: إن القوانين المعمول بها داخل الاتحاد لا تشجع على اتخاذ مثل هذه الخطوة التي تستند بالدرجة الأولى إلى القرار الأمريكي بهذا الشأن خاصة أن عناصر القرار الأمريكي لا تنسجم مع مبادئ القانون الأوروبي الذي يخلو من مادة تسمح بإدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب الأوروبية.

ثانياً: لا يوجد قانون أوروبي محدد حول الإرهاب بل هناك تعاريف تفاهمت عليها البلدان الأوروبية وكان أساس قانونها الذي اعتمدته لتصنيف الجماعات الإرهابية هو موقفها المشترك 931 الذي تم وضعه عام 2001 كوسيلة لتنفيذ القرار رقم 1373 لمجلس الأمن الدولي الذي يلزم الدول الأعضاء بتنفيذ تدابير بشأن منع تمويل الأعمال الإرهابية.

ثالثاً: إن إدراج الحرس الثوري في قائمة الإرهاب يتطلب قيام دولة أوروبية بهذه الخطوة مسبقا لكي يفسح الطريق من الناحية القانونية أمام مجلس الاتحاد الأوروبي لاتخاذ هذا القرار.

رابعاً: هناك معيار أوروبي معتمد في هذه الحالات و هو ضرورة أن تتوفر معلومات دقيقة حول أسباب اتخاذ مثل هذا القرار من قبل جهة قضائية خارج دول الاتحاد ما يعني وجوب أن تكون الجهة سلطة قضائية لا سلطة سياسية حسب وثيقة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالإرهاب المنشورة على الموقع الإلكتروني للمجلس الأوروبي.
وبناء على هذا قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه لايمكن للتكتل إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية إلا بعد صدور قرار من محكمة في إحدى دول الاتحاد يفيد بذلك.
وفي تصريحاته للصحفيين قبل اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل قال بوريل: إن هذا الأمر لا يمكن أن يصدر به قرار من دون محكمة، إذ لايمكنك أن تقول لشخص أو كيان،أنا أعدك إرهابيا لأنك لاتعجبني، إذن يجب الحصول على قرار من المحكمة أولاً .

خامساً:في حال عدم قيام دولة ما من الدول الأعضاء بإدراج الحرس الثوري، يمكن أن تستند الدول الأوروبية إلى قرار دولة ثالثة كبريطانيا شريطة أن تكون الأسباب موافقة للمبادئ القانونية المعتمدة في الاتحاد الاوروبي.

سادساً: ضرورة وجود عمل إرهابي واضح أو محاولة تنفيذ عمل إرهابي مدعوم بأدلة و إثباتات قضائية و وجود أحكام قضائية بالاعتقال أو الملاحقة الدولية
و أهم سبب قانوني قلل من حماس الاتحاد الأوروبي لأدراج الحرس على قائمة المنظمات الإرهابية هو وجود قرار أوروبي سابق يدرج الحرس تحت العقوبات الخاصة بأسلحة الدمار الشامل و بالنتيجة لا حاجة لمزيد من التصعيد.

و رغم كل ما تقدم ثمة حقيقة قانونية مهمة و هي أن إدراج أي مؤسسة أو منظمة في قائمة الإرهاب الأوروبية لايعد قرارا ملزما لدول الاتحاد فعلى سبيل المثال إن حزب العمال الكردستاني يعتبر منظمة إرهابية بقرار أوروبي لكن مكاتبه مازالت تعمل في العديد من الدول الأوروبية كألمانيا و السويد و فنلندا.

وهناك بالإضافة إلى الأسباب القانونية، أسباب سياسية دفعت الأوروبيين إلى اتخاذ خطوة أقل حدة من تصنيف الحرس الثوري في القائمة الأوروبية السوداء وهي أن بعض الأطراف الأوروبية تعارض مثل هذا القرار لأنه سيوفر مبررا قانونيا و منطقيا لتشريع تعاون الحرس الثوري الإيراني مع القوات الروسية في حرب أوكرانيا. وليس ببعيد أن تؤدي هذه الخطوة إلى دفع الحرس الثوري لتهديد أمن ممرات الملاحة الدولية و تضيق الخناق على ناقلات النفط الأوروبية في مضيق هرمز كما أنه يمكن أن يعرقل الجهود الأوروبية لتسوية النزاعات الإقليمية كآلية اتفاقية السويد حول اليمن و هذه كلها تشكل هواجس للأوروبيين.

Exit mobile version