مبارك بيضون | رئيس تحرير مركز بيروت للأخبار
لم تهدأ عاصفة خروج الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية بعد، فخلط الأوراق الإنتخابية طال جميع الدوائر ذات النفوذ السني، حيث وضع معظم الحلفاء الخطط ليرثوا تركة الحريري الشعبية، وذلك لأهداف أكبر من مخططات الحريري نفسه، وربما أراد البعض أخذ أصوات السنة ليكونوا رأس حربة في مشروع تصادمي تفكيكي في لبنان.
قبيل 3 أشهر من الإنتخابات المقررة في أيار المقبل، وفي ظل التحالفات الانتخابية التي يغلب عليها طابع الغموض، يشير مصدر خاص إلى أن التوجه العام عند الرئيس نجيب ميقاتي يذهب نحو خوض الإنتخابات في جميع الدوائر، وذلك لحماية أكبر عدد من مقاعد السنة التي يمكن أن تذهب إلى صقور الطائفة، لاسيّما أولئك الذين يغرّدون خارج سرب الحريرية السياسية، أو أصحاب المشاريع التصادمية مع باقي المكونات الوطنية، نظراً لما يمثّله ميقاتي من حالة وسطيّة في بيئة يحاول بعض المتطرفين فيها جرها إلى أتون التشدد والإنعزال.
ويبدو أن الأميركي لن يمانع هذا التوجّه، طالما أنّه يحول دون تشكيل أيّ رافعة للثنائي الشيعي على شاكلة تلك التي كان يوفرها الحريري ضمن إطار تحالفاته، وصولاً إلى مَنْع التجديد لرئاسة مجلس النواب، ومن ثم السيطرة على البرلمان لتنصيب رئيس جديد يناسب أهوائهم، يمهّد الطريق أمام فرض رئيس للجمهورية من الذين يدورون في فلكهم.يتخوّف البعض من سيطرة تحالف الثامن من آذار على أكبر عدد من المقاعد السنية، لاسيّما بعدما فَقَدَ الحريري ما يقارب ثلثي المقاعد في انتخابات عام 2018، في الوقت الذي لا يريد فيه ميقاتي أن يتحكّم صقور الطائفة بمصيرها، أو أن يترك المجال لأي أحد أن يسيطر على حصص الطائفة خاصة مع المواقف الوسطية لدار الفتوى.
إن النتائج المسبقة التي أطلقها بعض عرّابي الماكينات الإنتخابية ما هي إلا أحلام يقظة، إذ أن بعض الأرقام تشير إلى عدم حدوث أي تغيير أساسي، بل ربما لن يكون إلا تغييراً جزئياً في بعض الدوائر، لا يتجاوز عدد الأصابع في اليد الواحدة، مما لن يؤدي إلى أي تغيير في مرحلة ما بعد الإنتخابات.
وفي السياق، تحاول بعض السفارات تفعيل دور جمعيات المجتمع المدني التي نشطت في فترة حراك 17 تشرين، بهدف تشكيل لوائح موحدة تنتزع بعض المقاعد في بعض الدوائر الهشة إنتخابياً، ناهيك عن محاولة رفع الحاصل الإنتخابي، عبر إطلاق الحملات الإعلامية لزيادة زخم المشاركة في عمليات الإقتراع، كمحاولة لقطع الطريق على أحزاب السلطة للعودة إلى مقاعدهم.
أما على جبهة التيار الوطني الحر، فمن المتوقّع أن يتأثّر عدد مقاعده سلباً بسبب حرب القوات الدعائية عليه والإنقسام المسيحي الحادّ، بالإضافة إلى الملل الذي تشعر به الأوساط الشابة من وعود لم تتحقق، إذ يشير المراقبون إلى أن تراجع مقاعد التيار لن يتجاوز الـ 6 مقاعد، إلا أنها لن تذهب لصالح القوات اللبنانية بأي حال من الأحوال.
ويبقى رهان التيار الوطني الحر على تنسيق اللوائح الإنتخابية مع حزب الطاشناق في محاولة لتخفيف الخسائر، وما إذا كان حزب الكتائب سينضم إلى المجتمع المدني وبعض المستقلين لتشكيل لائحة موحدة، في محاولة منه لاستبعاد الطاشناق ومن يدور في فلكه، وهنا تكمن التحديات الكبرى التي ستؤثر على الإنتخابات ضمن إطار المكوّن المسيحي.
وتشير المصادر إلى أن هناك تواصل مع تيار المردة بغية إيجاد صيغة توافقية آنية مع التيار الوطني الحر للمحافظة على هيكلية تحالف 8 آذار السياسية والإنتخابية في دائرة البترون، لقطع الطريق على أي محاولة تمس بالنائب جبران باسيل في هذه الدائرة التي تعتبر معقلًا شخصياً له.